يسمى بـ"العائلة الثورية" في الجزائر

عبرت ما يسمى "العائلة الثورية" في الجزائر عن استياء بالغ من جدل يدور بين حكومة البلاد والحكومة الفرنسية بشأن زيارات مرتقبة لمواطنين جزائريين تعاونوا مع الاستعمار يقيمون في فرنسا منذ 50 سنة، وأيضًا بشأن رغبة "الأقدام السوداء" استعادة أملاك عقارية تركوها بعدما غادروا الجزائر في أيام الاستقلال.

وكان يكفي أن تذيع وسائل إعلام خاصة خبرًا مفاده أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "طمأن" برلمانيًا فرنسيًا استفسره كتابيًا عن مصير طلب تسلمته الحكومة الفرنسية قبل عام من عائلات "حركيين"، يتعلق بالبحث عن صيغة مناسبة مع الجزائر لترتيب زيارات لهذه العائلات إلى بلدها الأصلي، حتى تثور ثائرة "المنظمة الوطنية للمجاهدين"، وأمينها العام سعيد عبادو، الذي أصدر بيانا شديد اللهجة، جاء فيه أن التلويح بعودة "الحركي"، وبملف استرجاع ما يسمى ممتلكات المعمرين و"الأقدام السوداء"، من قبل الطرف الفرنسي بين آنٍ وأخر، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ورقة ضغط ومساومة، وذلك لارتباطه الوثيق بالثمن الباهظ، الذي دفعه الشعب الجزائري (خلال فترة الاستعمار الفرنسي) من خلال دماء قوافل من أبنائه الشهداء".

وذكر عبادو أن "أصول الممتلكات التي يتحدث عنها الجانب الفرنسي، كانت قد انتزعت بقوة السلاح، وبقوانين جائرة من ملاكها الشرعيين وهم مواطنون جزائريون. والدولة الجزائرية حرصت على معالجة هذا الملف من خلال إصدار منظومة قانونية، كرست حق الشعب الجزائري في استرجاع ممتلكاته المنهوبة، وفقا للشرعية الدولية، التي لا تقر بالاغتصاب كوسيلة إثبات لحق الملكية، سواء كان ذلك بالنسبة للأفراد أو الدول". وذلك في إشارة إلى آلاف الأوروبيين الذين غادروا الجزائر بعد إعلان نتيجة استفتاء تقرير المصير 3 يوليو /تموز 1962)، والذين يطلق عليهم "الأقدام السوداء".

 ويطالب الذين ظلوا منهم على قيد الحياة، وأبناؤهم وحتى أحفادهم، باستعادة عقارات كانوا يملكونها بعد أن صادرتها السلطات الجزائرية، أو بتلقي تعويض عنها.

وقالت "منظمة المجاهدين" إن "ملف الحركي المتعاونين مع الاستعمار طوى نهائيًا بالنسبة للدولة الجزائرية، ولن يكون تحت أي ظرف محل مساومة. فهو شأن فرنسي لا علاقة لدولتنا به". في تأكيد على أن السلطات تمنع من بقي حيا منهم، كما تمنع أبناءهم وأحفادهم من زيارة الجزائر

ويعد كلام "المنظمة" بشأن "الحركي" بمثابة موقف رسمي، وغالبا ما يعبر عبادو , عن وجهة النظر الرسمية في كل ما يتعلق بجوانب التاريخ و"الذاكرة" المرتبطة بالاستعمار الفرنسي (1830 - 1962).

وأضافت "المنظمة" التي تحمل اسم "رأس الأسرة الثورية"، أن "موقف الدولة الفرنسية من الفرنسيين، الذين اختاروا غداة احتلال بلدهم من قبل النازية (1940) التعاون مع المحتل، معروف. إذ لا نزال نسمع رغم مرور أزيد من 70 سنة عن ملاحقة تلك الفئة من الفرنسيين، وإنزال أقسى درجات العقوبة بهم، وحرمانهم من جميع حقوقهم المدنية". 

وتابعت متسائلة: "كيف يعقل أن تكون هذه الدولة، التي تزعم التحضر، قاسية على أبنائها الذين باعوا ضمائرهم وتحالفوا مع المحتل النازي، وتكون رحيمة بمن اختاروا طواعية الانضمام للاحتلال الفرنسي؟"، معربة عن "أسفها لكون الحنين لأمجاد الفردوس المفقود (الجزائر الفرنسية) لا يزال يتفاعل في ذاكرة بعض المسؤولين بالمؤسسات الفرنسية الرسمية، فيدفعهم للتصريح بالمطالبة بحقوق غير مشروعة قد فصل التاريخ بشأنها". في إشارة إلى تصريحات سابقة لوزير خارجية فرنسا بأن ملف "الحركي وأملاك الأقدام السوداء، محل مفاوضات مع الحكومة الجزائرية بغرض تسويته".

وشن عبادو الشهر الماضي هجومًا حادًا على رئيس الوزراء أحمد أويحي، عندما أطلق تصريحات فهمت بأن الحكومة وافقت على طلبات الفرنسيين بخصوص هذا الملف، حيث دعا أويحي رجال أعمال إلى إقامة علاقات تعاون مع "الأقدام السوداء"، على أساس أنهم يملكون خبرة كبيرة في إدارة الأعمال، وأنهم أثبتوا نجاحًا في عالم الأعمال في فرنسا وخارجها.