قوات طالبان

بالتزامن مع مؤتمر للسلام في أفغانستان يعقد في مدينة جنيف السويسرية، واصلت حركة طالبان هجماتها على القوات الأفغانية في مناطق مختلفة، مودية بحياة أكثر من عشرين من رجال الشرطة. فقد تبنت حركة طالبان هجوما على قافلة للشرطة الأفغانية في ولاية فراه غرب أفغانستان بعد ظهر أول من أمس، حيث نصبت قوات طالبان كمينا للقافلة في منطقة لاش وجوين أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرين من أفراد الشرطة وجرح أربعة آخرين بينهم نائب قائد شرطة الولاية حسب قول داد الله قانه عضو المجلس المحلي لولاية فراه.

وحسب رواية الطبيب شير أحمد ويدا الذي يدير مستشفى فراه المركزي فإنه تم نقل 22 جثة وشرطيين جريحين إلى المستشفى قائلا إنهم قضوا جميعا في الكمين الذي نصبته قوات طالبان. وكان قاري يوسف أحمدي الناطق باسم طالبان في جنوب أفغانستان قال إن قوات طالبان دمرت أربع مركبات وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة.

وتشهد ولاية فراه المحاذية للحدود مع إيران معارك يومية بين قوات طالبان وقوات الحكومة حيث سيطرت طالبان على غالبية مناطق الولاية، كما تمكنت من السيطرة على مركز الولاية مؤقتا ثلاث مرات العام الماضي لكنها أجبرت على الانسحاب تحت ضغط القصف الجوي الذي قامت به الطائرات الأميركية في أفغانستان. وكان الجيش الأفغاني أعلن مقتل 54 مسلحا من قوات طالبان وجرح 40 آخرين في عمليات قام بها الجيش في ولاية قندوز الشمالية. وقال بيان للجيش الأفغاني إن القوات الأفغانية وقوات حلف شمال الأطلسي شنوا غارات جوية على قوات طالبان في الولاية، حيث أكد عبد الباقي نورستاني قائد الشرطة في ولاية قندوز قيام قوات حلف الأطلسي بقصف منطقة دشت أرتشي في ولاية قندوز الشمالية حيث تمكنت القوات الأفغانية من إنهاء سيطرة طالبان على عشرات القرى في الولاية».

وتزامن تدهور الوضع الأمني في فراه مع مظاهرات في كابل وعدد من الولايات الأفغانية للطائفة الشيعية رفضا لقرار الحكومة الأفغانية اعتقال أحد قادة الميليشيا الشيعية الموالية للحكومة، حيث تظاهر المئات من الشيعة في كابل وإقليم باميان بينما تجري استعدادات للتظاهر في عدد من الولايات الأفغانية احتجاجا على اعتقال علي بور المعروف باسم القائد السيف والمتهم بانتهاكات لحقوق الإنسان وتجاوز الصلاحيات. وشهدت مناطق غرب كابل حيث يقطن عشرات الآلاف من الهزارة الشيعة مظاهرات كما شهدت جامعة كابل مظاهرات من الطلبة الشيعة الذين يطالبون بإطلاق سراح علي بور معتبرينه بطلا وطنيا لما قام به من قتال ضد قوات طالبان في عدد من الولايات الأفغانية. وشهدت مناطق الشيعة الهزارة في كابل عددا من التفجيرات الانتحارية تبناها تنظيم داعش في أفغانستان - ولاية خراسان، ويحتج الشيعة بأن الحكومة وقوات الأمن لم تقم بما يجب عليها من حماية للمواطنين والقضاء على تنظيم داعش في أفغانستان.

وقال بصير مجاهد المتحدث باسم شرطة كابل، إن ما لا يقل عن 23 شرطيا أصيبوا في المظاهرات، من بينهم ثلاثة أصيبوا برصاص أطلقه أنصار علي بور. وأشارت تقارير غير مؤكدة وردت على لسان بعض المشاركين في الاحتجاج إلى أن عددا من المتظاهرين أصيبوا أيضا.

وذكر مجاهد أن نحو ألف شخص احتشدوا في غرب كابل، وأحرقوا نقطة تفتيش أمنية مع تحول المظاهرة إلى أعمال عنف. وأضاف «المحتجون يستخدمون كل ما يقع في أيديهم ضد الشرطة، وهناك رجال مسلحون بين المحتجين».

وفي إقليم باميان بوسط البلاد، الذي يقطنه الكثير من «الهزارة» أيضا، تجمع نحو 1500 شخص للقيام بمسيرة سلمية نحو مبنى الحاكم ومكاتب الأمم المتحدة، وفقا لما ذكره عبد الرحمن أحمدي المتحدث باسم حاكم الإقليم.

من جانبه قال القائد الشيعي الأفغاني ونائب رئيس السلطة التنفيذية في أفغانستان ملا محمد محقق إن تنظيم داعش في أفغانستان يحظى بدعم دولي من الخارج، لكن التنظيم قل دوره وعدد أفراده بعد الحرب التي شنتها عليه حركة طالبان في عدد من الولايات منهية تواجد التنظيم فيها. وقال محقق إن عدد أفراد التنظيم وصل في مرحلة إلى أكثر من عشرة ألاف مسلح لكن هذا العدد انخفض كثيرا بعد المعارك مع طالبان. وقال محقق في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية إن من يأتي من أفراد تنظيم الدولة من الخارج لديهم دوائر دعم دولة لكن ليس لهم حضور رسمي في ولايات أفغانستان ويعملون ضمن خلايا سرية.

من جهته فقد أبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قلقه من عودة طالبان مجددا للسلطة والسيطرة على أفغانستان في حال انسحاب القوات الأجنبية منها. وقال ستولتنبيرغ في كلمة له أمام مؤتمر للحوار حول البحر المتوسط في روما إن ثمن الانسحاب أكثر فداحة من ثمن البقاء في أفغانستان لحلف شمال الأطلسي. واعترف الأمين العام لحلف الأطلسي بوجود مشاكل كبرى في الحرب الأفغانية بعد سبعة عشر عاما من الغزو الذي قامت به الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن بقاء قوات حلف الأطلسي سيمنع تحول أفغانستان مجددا ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية الدولية. وقال في كلمته «هناك عنف، هناك مشاكل، هناك إخفاقات، وهناك أيضا تنظيم داعش وطالبان والقاعدة، لكن مع ذلك لم تعد أفغانستان منذ عام 2001 ملاذا آمنا ولا مقرا للتخطيط لعمليات إرهابية ضد الدول الأوروبية». وأضاف ستولتنبيرغ أن طالبان تعلم أنه لا يمكنها كسب المعركة عسكريا. ولذا عليهم التفاوض لحل سياسي مع الحكومة الأفغانية.