رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي

أطلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، مساعي لإقناع النواب البريطانيين بالمصادقة على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي اعتبرته «أفضل اتفاق ممكن»، والوحيد المتاح.

وغداة قمة أوروبية صادقت على اتفاق الانسحاب والإعلان السياسي حول العلاقة المستقبلية إثر مفاوضات استمرّت 17 شهراً، اجتمعت ماي بحكومتها لرصّ الصفوف بعدما استقال مؤخراً عدد من الوزراء احتجاجاً على الاتفاق.

وواجهت ماي معارضة قوية داخل مجلس العموم، قياساً بتعليقات نواب من مختلف الأحزاب السياسية المنددة باتفاق الانسحاب والإعلان السياسي حول العلاقة المستقبلية اللذين صادقت عليهما القمة الأوروبية الأحد.

ولا تبدو موافقة النواب البريطانيين، الضرورية لوضع الاتفاق حيز التنفيذ، محسومة حتى الآن، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكّدت ماي مجدداً «يقينها المطلق» بأن الاتفاق هو «الأفضل الممكن»، كما دعت النواب إلى تأييده باسم المصلحة الوطنية. وحذّرت رئيسة الوزراء من أن رفض الاتفاق يعني «العودة إلى المربّع الأول»، ما «سيفتح الباب على مزيد من الانقسامات والضبابية».

وفي مقابلة مع صحيفة «هاندلشبلات الألمانية»، حذّر وزير مكتب رئاسة الحكومة البريطانية ديفيد ليدينغتون، الرجل الثاني في السلطة التنفيذية في بريطانيا، من مغبّة رفض الاتفاق قائلاً إنه في حال رُفض «ستكون ردة فعل الشركات التجارية والأسواق سلبية، وليس هناك ما يضمن أننا سنجد سبيلاً للخروج من هذا الوضع».

وارتفعت بورصة لندن بعد مصادقة القمة الأوروبية على الاتفاق الذي يلحظ فترة انتقالية مدتها 21 شهراً، تبدأ بعد موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) 2019، ستبقى العلاقة بين الطرفين خلالها تقريباً على حالها.

وحصلت ماي على دعم جزء من الصحف البريطانية، بينها صحيفة «تايمز» التي اعتبرت أن الاتفاق، وإن لم يكن جيداً بالفعل، إلا أن رئيسة الوزراء «محقة بقولها إن البديل الوحيد هو (الخروج من التكتل) من دون اتفاق أو إلغاء (بريكست)».

بدورها، دعت صحيفة «ديلي ميل»، البريطانيين، إلى «اختيار (اتفاق) بريكست الذي توصّلت إليه ماي، وإلا القفز في المجهول». في المقابل، انتقدت صحيفة «ذا صن» المؤيدة لـ«بريكست» ما اعتبرته «استسلاماً» أمام الاتحاد الأوروبي، في حين اعتبرت صحيفة «ديلي تلغراف» أن الاتفاق لا يعكس حقيقة تصويت البريطانيين في استفتاء 2016.

برلمانياً، اعتبر النائب بوريس جونسون، وزير الخارجية السابق، أن الاتفاق «كارثي» و«مذلّ» للمملكة المتحدة ويبقيها خاضعة لتأثير الاتحاد الأوروبي. ومن المفترض أن يتم التصويت على الاتفاق في البرلمان البريطاني في 11 ديسمبر (كانون الأول).

إلا أن المعارضة العمالية برئاسة جيريمي كوربن ومؤيدي «بريكست» المتشددين في حزب المحافظين وحليفه الحزب الوحدوي الديمقراطي الآيرلندي الشمالي، يقولون إنهم سيصوّتون ضد الاتفاق، ما يحرم ماي من غالبيتها التي تقتصر على 10 مقاعد.

وقال مصدر أوروبي إن رئيسة الوزراء المحافظة أقرّت أمام محاوريها الأوروبيين في عطلة الأسبوع الماضي بأنها لا تملك أكثرية برلمانية مؤيدة للاتفاق في هذه المرحلة، لكنها أشارت إلى أنها تنوي إقناع نواب حزبها عبر تحذيرهم من أن نصفهم سيخسرون مقاعدهم في الانتخابات التشريعية التي قد تُجرى بعد تصويت سلبي على الاتفاق.

وأكدت صحيفة «ديلي ميل» أن ماي وبهدف استرضاء بعض النواب وعدت بترشيحهم إلى مجلس اللوردات، الغرفة العليا في البرلمان التي يشغل أعضاؤها مناصبهم مدى الحياة ويستفيدون من تقديمات كثيرة، لكن تصويت البرلمان لصالح الاتفاق لا ينهي متاعب تيريزا ماي. فقد هدّدت رئيسة الحزب الوحدوي الديمقراطي أرلين فوستر، التي تعارض الاتفاق بشكل قاطع بسبب الوضع الاستثنائي الذي يمنحه لآيرلندا الشمالية لتجنّب حدود فعلية مع جمهورية آيرلندا، بأنها ستسحب دعمها للحكومة إذا تم تمرير الاتفاق.

وبدأت ماي حملة تواصل مباشر مع مواطنيها. وكتبت «رسالة إلى الأمة» نُشرت الأحد، تدعو فيها البلاد إلى الوحدة الوطنية دعماً للاتفاق بهدف تحقيق «المصالحة» بعد سنوات من الانقسام بين مؤيدي الاتحاد الأوروبي والمشككين في جدواه، إثر الاستفتاء الذي صوّت البريطانيون خلاله في يونيو (حزيران) 2016 لصالح «بريكست» بنسبة 52 في المائة من الأصوات. وأوردت الصحف أن ماي ستزور خلال الأسبوع الحالي ويلز وأسكوتلندا وآيرلندا الشمالية، وتدرس إمكانية حلقة نقاش تلفزيوني مع كوربن.