الجيش التركي

فصلت السلطات التركية 15 ألفاً و213 من عناصر القوات المسلحة، بينهم جنرالات وضباط برتب مختلفة منذ وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، واتّهمت السلطات حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا منذ عام 1999 بتدبيرها.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية نديدة شبنام أك طوب، في أول مؤتمر صحافي لها بعد تعيينها في هذا المنصب، إنه منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تم فتح تحقيقات مع 6 آلاف و838 ضابطاً وعنصراً في الجيش التركي، وأن التحقيقات معهم مستمرة.

وشهد الجيش التركي، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، أكبر عملية هيكلة في تاريخه وأصبح تابعاً مباشرة لرئيس الجمهورية، كما نقلت تبعية رئاسة هيئة الأركان إلى وزارة الدفاع، كما تم اعتقال آلاف من الضباط الكبار وإعادة هيكلة قيادة الجيش.

وتقول السلطات التركية إن هذه الإجراءات تأتي ضمن «حملة تطهير» لمؤسسات الدولة من أتباع غولن، الذي ظل حتى ما قبل محاولة الانقلاب بفترة قليلة من أوثق حلفاء إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى أن وقعت القطيعة بعد تحقيقات الفساد والرشوة التي نفذتها أجهزة الأمن والادعاء العام في أواخر عام 2013 وطالت وزراء وأبناءهم ورجال أعمال وموظفين كباراً في القطاع المصرفي ومقربين لرئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب إردوغان رئيس الجمهورية الحالي.

اقرا ايضَا:

اغتيال قيادي في فيلق مقرب من السلطات التركية يرفع عدد المغتالين إلى 391

وبينما ينفي غولن أي صلة له بمحاولة الانقلاب، تقول السلطات إن حملة التطهير الجارية في مختلف مؤسسات الدولة للتخلص من أتباعه فيها، مطلوبة من أجل منع وقوع محاولات مماثلة، لكن الغرب والمنظمات الحقوقية الدولية انتقدت توسيعها لتشمل معارضي إردوغان، في الوقت الذي تقول فيه أحزاب المعارضة إن إردوغان استغل المحاولة الفاشلة من أجل سحق أي صوت معارض له.

وفي إطار هذه الحملة التي جرت في ظل حالة طوارئ فرضت لعامين حتى تم إلغاؤها في 19 يوليوالماضي واستبدال مواد في قانون مكافحة الإرهاب بها، تم اعتقال 402 ألف شخص تم توقيف نحو 80 ألفاً منهم، وفصل أكثر من 175 ألفاً من أعمالهم، بحسب تقارير حقوقية دولية.

في السياق ذاته، أعد الادعاء العام التركي لائحة اتهام ضد الموظف المحلي في القنصلية الأميركية في إسطنبول، متين طوبوز، الذي اعتقل في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 للاشتباه في ارتباطه بحركة غولن.
وتضمنت لائحة الاتهام، التي تقع في 78 صفحة، أن طوبوز كان على صلة وثيقة للغاية بضباط تشتبه السلطات في قيامهم بدور في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وأدرج الادعاء العام اسمي الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء السابق رئيس البرلمان حالياً، بن علي يلدريم، بين المدعين في القضية. وسيقرر القضاء ما إذا كانت القضية ستحال للمحاكمة، أم لا.

وتوترت العلاقات بين أنقرة وواشنطن بسبب دعم الولايات المتحدة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، وخطة تركيا لشراء نظام الدفاع الجوي الروسي «إس - 400» وسجن الولايات المتحدة مدير بنك «خلق» الحكومي السابق محكمد هاكان أتيلا في قضية تتعلق بالتهربمن العقوبات المفروضة على إيران، واعتقال تركيا القس الأميركي أندرو برانسون واتهامه بدعم الإرهاب والارتباط بحركة غولن قبل أن يفرج عنه ويعود لبلده في 12 أكتوبر الماضي.

وطالبت أنقرة، الولايات المتحدة، مراراً بتسليمها غولن الذي يعيش في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999، لكن المسألة تبدو صعبة في ظل غياب أدلة قاطعة على تورطه في تدبير محاولة الانقلاب.

وزاد القبض على طوبوز إلى جانب اثنين من الموظفين المحليين الآخرين بالقنصليتين الأميركيتين في إسطنبول وأضنة (جنوب)، ومواطن أميركي من أصل تركي خبير بإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) يواجه اتهامات بالإرهاب، من التوتر القائم بين الولايات المتحدة وتركيا، ما دفع البلدين إلى تعليق خدمات إصدار التأشيرات لشهور، وتطالب واشنطن بإطلاق سراحهم جميعاً فيما تسعى أنقرة للإفراج عن محمد هاكان أتيلا.
ويقول مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إن تركيا تحتجز أكثر من 160 ألف شخص وفصلت أكثر من هذا العدد من الموظفين الحكوميين بسبب صلات مزعومة بمحاولة الانقلاب.
على صعيد آخر، رفض البرلمان التركي اقتراحاً يطالب بإعادة فتح التحقيق في قضية اغتيال الصحافي التركي من أصل أرمني هرانت دينك، وإخراج قضيته التي ظلت حبيسة الأدراج لأكثر من 10 سنوات بسبب عدم التوصل إلى الحقيقة فيها.
واغتيل دينك في إسطنبول في 19 يناير (كانون الثاني) 2007 على يد قومي متطرف يدعى أوغون ساماست، كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت 17 عاماً، أمام مقر صحيفة «آغوس» التي أسسها وترأس تحريرها. واشتهر دينك، الذي احتفلت عائلته وأصدقاؤه بذكرى اغتياله الثانية عشرة أول من أمس، بدفاعه عن القضية الأرمنية وحقوق الإنسان والأقليات في تركيا، وانتقد إنكار تركيا مذابح وتهجير الأرمن، التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى، وقدمته السلطات للمحاكمة 3 مرات في حياته بتهمة إهانة القومية التركية، وتلقى تهديدات بالقتل انتهت باغتياله أمام صحيفته في وسط إسطنبول.

وذكرت وسائل إعلام تركية أمس (الأحد)، أن البرلمان رفض اقتراحاً قدمه نائب حزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) في ديار بكر جاروا بيلان بإعادة التحقيق في جريمة اغتيال دينك.
واغتيل دينك صباح يوم 19 يناير 2007 وهو في طريقه إلى صحيفته بالقرب من ميدان تقسيم في وسط إسطنبول، حيث أطلق ساماست عليه 3 رصاصات. وقال شهود عيان إنه صرخ: «قتلت الخائن»، قبل أن يغادر في سيارة كانت تنتظره. وبعد فترة ألقت الشرطة القبض على ساماست في مدينة سامسون بمنطقة البحر الأسود (شمال تركيا)، لدى استقلاله حافلة إلى ولاية طرابزون المجاورة، حيث كان يقيم مع أسرته، وضُبط سلاح الجريمة بحوزته، وبعد اعتقاله قال إنه «غير نادم»، وأكد استعداده لتنفيذ اغتيالات أخرى مماثلة. وادعى ساماست في إفادته، أنه نفذ جريمة اغتيال دينك من تلقاء نفسه بعد أن قرأ في الصحف أخباراً تتهم القتيل بإهانة الهوية التركية، فيما نشرت الصحف بعد الجريمة صورته برفقة رجال أمن يبتسمون أمام العلم، وصوراً أخرى التقطت في مركز للشرطة تجمعه بعدد من الضباط يحملون لافتة «مصلحة الوطن أغلى من أن تترك للأقدار لتحدد مسارها»، ويرجح أنه تلقى التدريبات على أيديهم كما كانوا هم من أصدروا له الأمر بالاغتيال.

وقد يهمك ايضَا:

السلطات التركية تبدأ التحقيق في قضية اختفاء خاشقجي

قطر تُفاجأ بمنعها رسميًا من دخول المباني التركية المُقامة على أرضها