زعيم التيار الإصلاحي مهدي كروبي

تحوّلت قضية الإقامة الجبرية على زعيمَي التيار الإصلاحي مهدي كروبي وميرحسين موسوي مِن ورقة رابحة للرئيس الإيراني حسن روحاني إلى ورقة ضغط من حلفائه الإصلاحيين، إذ جددت فاطمة كروبي زوجة مهدي كروبي انتقادات الأيام الأخيرة للرئيس الإيراني واتهمته بالتخلي عن وعوده في الانتخابات الرئاسية وعدم الشفافية، وفي المقابل دعا المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان حسين نقوي حسيني بإقامة محكمة لزعماء الإصلاحيين، بينما اعتقل جهاز استخبارات "الحرس الثوري" محمد جلايي بور أحد أبرز مستشاري الرئيس الأسبق محمد خاتمي.

وقالت فاطمة كروبي النائبة السابقة في البرلمان إن روحاني لم يعمل بموجب القسم الذي قطعه على نفسه في الانتخابات الرئاسية الماضية وانتخابات 2013، كما انتقدت تعطل وعود روحاني في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية على الرغم من بقاء ثلاثة أعوام على انتهاء فترة رئاسته الثانية.

وأضافت في تحذير موجه إلى روحاني أن "رجال الحكومة يجب أن ينتبهوا أنه لم يبقَ سوى ثلاثة أعوام على عمر الحكومة الإيرانية لكن وعودا كثيرة في مجال الاقتصاد والثقافة والسياسية لم يتم العمل بها ولا توجد إرادة في الحكومة لتنفيذ الوعود ومواجهة الهاربين من القانون. عدم الوفاء بالعهود سبب إحباط الناس".

وكشفت كروبي عن أن مكتب روحاني لم يفتح أبوابه لأعضاء لجنة رفع الإقامة الجبرية خلال الأشهر الستة الماضية على خلاف رئيسي البرلمان والقضاء الذين أجروا مفاوضات مع اللجنة.
وقبل عام في مثل هذه الأيام كان روحاني حصل على دعم الإصلاحيين في حملة الانتخابات الرئاسية وجدد خلال الحملات وعود أطلقها في انتخابات الرئاسة 2013 برفع الإقامة الجبرية والقيود عن كروبي وموسوي وخاتمي.

قبل 8 أعوام فرضت قوات الأمن الإيرانية الإقامة الجبرية على كل من موسوي وكروبي، جاء ذلك بعد دعوات إلى تجديد المظاهرات الشعبية تأييدا لثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية. وخلال الأعوام الماضية شهدت إيران جدلا واسعا بشأن الجهة التي تقف وراء فرض الإقامة الجبرية، ولم يخضع موسوي وكروبي لمحاكمة قضائية لكن المصادر الرسمية تقول إن السبب في الإقامة الجبرية قرار صادر من مجلس الأمن القومي الإيراني.

وتنفي حكومة روحاني وجود قرار من مجلس الأمن القومي. ويرأس روحاني المجلس وفقا للدستور الإيراني، كما أنه ينصب أمين عام المجلس بعد اقتراحه للمرشد الإيراني.

في هذا الصدد، قالت زوجة كروبي إن "قرار مجلس الأمن القومي لفرض الإقامة الجبرية غير قانوني"، ولفتت إلى أن روحاني لم يلب مطالب الناس وأسرة المحصورين بالكشف عن ملابسات قرار مجلس الأمن القومي.

جاء ذلك في حين ترددت أنباء عن دخول العلاقات بين خاتمي وروحاني إلى نفق مظلم خلال الأسبوع الماضي، وأشارت معلومات إلى مقاطعة روحاني من قبل حليفه خاتمي الذي حرص خلال الأشهر الماضية على رفض وجود خلافات بين الجانبين في عدة مناسبات معلنا استمرار الثقة بروحاني.

ووفقا لتقارير مواقع "سحام نيوز" و"كلمة" الإصلاحيين فإن زوجه كروبي وجهت تلك الانتقادات إلى روحاني خلال لقاء مع عدد من نواب البرلمان السابقين، واعتبرت الإقامة الجبرية "تتنافى مع الدستور الإيراني والإصرار على استمرارها إصرار على انتهاك القانون".

وحذر النواب من اتساع الشرخ بين الإيرانيين والنظام بسبب استمرار الإقامة الجبرية.

كان نائب الرئيس الإيراني علي مطهري أعلن في فبراير/ شباط الماضي عن رفع الإقامة الجبرية قبل نهاية مارس/ آذار. تزامن ذلك مع تخفيف القيود عن زيارة ذوي موسوي وكروبي. حينذاك، نفى المتحدث باسم القضاء محسن أجئي أي تغيير في قرار مجلس الأمن القومي. وكان القضاء أعلن أنه سيحاكم كروبي وموسوي إذا ما انتهى قرار فرض الإقامة الجبرية.

نهاية يناير (كانون الثاني)، وجه مهدي كروبي انتقادات إلى خامنئي عبر رسالة مفتوحة. وطالبه بأن يتحمل مسؤولية قراراته على مدى 30 عاما بدلا من اتخاذ موقع المعارضة وانتقاد الآخرين، كما اعتبر الاحتجاجات الشعبية في المدن الإيرانية "جرس إنذار" ضد الفساد والظلم والتمييز، مشددا على ضرورة أخذ هواجس الإيرانيين بعين الاعتبار.

في 21 من مارس/ آذار الماضي قال المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان بهروز نعمتي، إن رسالة كروبي إلى خامنئي عرقلت رفع الإقامة الجبرية. أما نجل كروبي، حسين كروبي فقال في حوار مع "إنصاف نيوز" الإصلاحي قبل نحو ثلاثة أسابيع إن "والده لن يصمت حتى بعد رفع الإقامة الجبرية"، مشددا على أن والده "ما زال مؤمنا بالجمهورية الإسلامية لكن وفق قراءة الخميني".

قبل أيام جدد نجل كروبي حسين كروبي انتقاداته إلى روحاني وقال لصحيفة "آرمان" إنه لم يقدم على أي خطوة لإنهاء الإقامة الجبرية عن والده، مشددا على أن مواقف روحاني لا تتناسب مع توقعات الذين صوتوا لصالحه في الانتخابات الأخيرة، وأضاف: "من الواضح أن روحاني ليس جادا في عمله".

في المقابل، أفادت وكالة "تسنيم" الناطقة باسم "الحرس الثوري" نقلا عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان بأن "الشعب يتوقع من القضاء محاكمة زعماء الفتنة وأن يصدر حكما ضد إجراءاتهم ضد النظام"، مضيفا أن "الحكم الذي قد يصدر من القضاء ربما يكون أسوأ من الإقامة الجبرية ويدين هؤلاء بالإعدام".

وقال نقوي في تعليق على نشاط نواب كتلة "الأمل" الإصلاحية إن "مجلس الأمن القومي يملك صلاحيات فرض الإقامة الجبرية وإن الرئيس (روحاني) يرأس المجلس الذي يتكون من رجاله وهو مرجع اتخاذ القرار في المجلس الأعلى للأمن القومي، من يريدون رفع الإقامة الجبرية يجب أن يتوجهوا للمجلس، لماذا يثيرون الفوضى في المجال الافتراضي(الإنترنت)".