أبو صالح الأميركي

نشر تنظيم "داعش" مقطع فيديو على الإنترنت ناشد فيه المسلمين الأميركيين تنفيذ هجمات جديدة على أراضي الولايات المتحدة، ودعا أنصاره إلى استغلال القوانين الأميركية التي تسهل الحصول على أسلحة نارية، وطالب التنظيم أتباعه والمنتمين إليه من المسلمين الأميركيين بإلحاق أشد العذاب بـ”الصليبيين”، ونُشر المقطع باللغة الإنجليزية وقام ببثه أحد مقاتلي التنظيم ويدعى أبو صالح الأميركي، وهو من أصول أفريقية، ويبدو من لكنته الإنجليزية أنه من أهالي نيويورك.

وظهر أبو صالح في الفيديو وهو يستند على عكازين ويرتدي عمامة بيضاء، ومن خلفه بيت قديم متهدم بسبب الهجمات. وطالب أبو صالح جميع المقاتلين المجروحين والمعاقين أن يستمروا في القتال، وناشد الموالين لـ”داعش” إغراق “الكفار” بوابل من الرصاص حتى يزداد خوفهم من المسلمين، ويستمروا في الكشف عن حقدهم للإسلام، وقال أبو صالح إنّ “الحرب على الإسلام التي شنها البيت الأبيض جعلت الولايات المتحدة أكثر ضعفاً”. وأضاف “نجح في الانتخابات الرئاسية ووصل إلى البيت الأبيض بفضل خطاباته”، وقال الداعشي المتطرف موجهاً رسالته إلى ترمب: “أنت لا تحرر المدن، وإنما تدمرها بغاراتك الجوية، وحربك على الإرهاب جعلت الولايات المتحدة أقل أمناً، وأغرقت الأميركيين في الفوضى”.

وشهدت الولايات المتحدة منذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض اعتداءات وهجمات إرهابية عدة، منها هجوم مترو نيويورك، واعتداء الدهس بالسيارة الذي قام بتنفيذه أحد المتطرفين وقتل ثمانية أشخاص، كما قامت الشرطة الأميركية في الكثير من الولايات بالقبض على الكثير من المتطرفين والمشتبه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية وتقديم الدعم المادي لهم، ومنهم جندي سابق بالمارينز تم القبض عليه بتهمة محاولة مساعدة “داعش”، ولَم يُعلّق مكتب التحقيقات الفيدرالي على الفيديو، سواء فيما يتعلق بهوية أبو صالح الأميركي، أو بالتهديدات المحتلمة التي نادى بها الإرهابي المتطرف في الفيديو. وقال تايلر هولتون، المتحدث باسم وزارة الأمن العام الأميركي: إن الشرطة على دراية بالكثير من التهديدات الإرهابية التي تأتي عبر الإنترنت، وهناك تعاون مستمر بين جميع الجهات المعنية بتحقيق الأمن لتحليل تلك التهديدات والتعامل معها، وشهد ميدان تايمز سكوير بولاية نيويورك جهوداً أمنية مكثفة، لم تشهدها المدينة منذ سنوات؛ وذلك تمهيداً لاحتفالات رأس العام، وازدادت نقاط التفتيش على جميع مداخل ومخارج الميدان؛ خوفاً من حدوث هجمات تعكر على المواطنين والسياح صفو الاحتفالات. وتقوم الشرطة الأميركي بتفتيش معظم الموجودين بالميدان من خلال البوابات الأمنية الإلكترونية.

وأثارت قوانين السلاح المعمول بها حالياً في الولايات المتحدة قلق الكثير من المسؤولين المهتمين بمكافحة الإرهاب؛ إذ إنها تسهل لأي شخص الحصول على سلاح ناري، وذلك يزيد من تعرض البلاد لخطر الهجمات الإرهابية التي يقوم بتنفيذها أفراد يعتنقون أفكار متطرفة تابعة لتنظيمات إرهابية أجنبية، وقال مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب نيكولاس راسموسين، إن قانون تملك الأسلحة في أميركا يقلل من الجهود المبذولة لحماية البلاد من الهجمات التي تسبب خسائر كبيرة. وأضاف: “نجد أنفسنا في موقف أكثر خطورة، حيث إن السكان الذين لديهم أفكار متطرفة لا يجدون صعوبة في الحصول على أسلحة مميتة وطبقاً للقانون، أتمني لو يكون ذلك هو الوضع الحالي”.

وأكّد نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق الجنرال مارك كيميت، إن هزيمة تنظيم "داعش" “لا تعني بالضرورة القضاء على تهديدات التنظيمات الإرهابية؛ لأن ذلك قد يشكل خطورة أكثر مما كان يمثله التنظيم”. وأوضح أن هزيمة “داعش” قد تخلق جماعات صغيرة مكونة من خمسة أفراد أو أكثر ممن يعتنقون أفكاراً متطرفة ويقومون بالانتقام من الدول الغربية على طريقتهم الخاصة، وأشار خلال مداخلة مع شبكة “فوكس نيوز” أمس، إلى أن هناك احتمالاً أن يرتفع عدد تلك الجماعات الصغيرة وتنتشر في الكثير من البلدان، وبخاصة الأوروبية وأميركا، ويقومون بتنفيذ هجمات متفرقة تثير الرعب في نفوس المواطنين. وأضاف: “إن تلك الجماعات ستكون أكثر خطورة وتهديداً من تنظيم "داعش"؛ لأن الحكومات لن تتمكن من مواجهتهم بسبب تفرقهم وانتشارهم وعدم وجود معاقل محددة لهم”.

وختم كيميت “إنّ إلحاق الهزيمة العسكرية بـ(داعش) ليست هي الانتصار الحقيقي لدول التحالف، كما أن زيادة عدد القتلى من أعضاء التنظيم أو حتى القضاء على جميع أعضائه ليس هو الانتصار الذي يضمن عدم انتشار تلك الأفكار المتطرفة مرة أخرى”. وأكد أن المهم هو دراسة أسباب انضمام هذا الكم من الشباب إلى هذه التنظيمات الإرهابية، وتفضيلهم الحياة البدائية المليئة بالكثير من الصعوبات على الحياة المدنية المليئة بالراحة، مشيراً إلى أن التعرف على تلك الأسباب، ومحاولة إيجاد حلول لها سيكون هو الانتصار الحقيقي، وليس الانتصار العسكري.