الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

استعجل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، حكومته لفتح حوار مع نقابات التعليم، التي تشن إضرابًا عامًا منذ مطلع العام، وفي غضون ذلك نزل، الأربعاء، إلى الشارع مئات الأطباء المضربين العاملين بالمستشفيات الحكومية في ولاية قسنطينة "500 كلم شرق العاصمة"، احتجاجًا على رفض وزارة الصحة تلبية مطالب يرفعونها منذ أسابيع طويلة. وقال مصدر حكومي، إن رئيس الوزراء أحمد أويحيى طالب عضو الحكومة المكلفة قطاع التعليم نورية بن غبريط، بعقد اجتماع في أقرب وقت مع نقابات التعليم للتفاوض معهم، وخاصة مع التنظيم المهني الكبير «المجلس الوطني المستقل للتعليم ثلاثي الأطوار»، الذي أحدث شللًا في آلاف المؤسسات التعليمية.

وصرح مسعود بوديبة، المتحدث باسم «المجلس»، لصحافيين، بأن طلبًا أرسلته رئاسة الجمهورية إلى مكتب النقابة، يفيد بتوقيف الإضراب لبدء جولة حوار جديدة مع الوزيرة، بعد توقف المفاوضات منذ شهر، موضحًا أن اللقاء مع الوزارة سيستأنف «في غضون أيام قليلة»، معلنًا «تعليق» الإضراب من دون التخلي عن فكرة العودة إليه.

من جهتها، نظمت نقابة الأطباء المقيمين "أطباء السنوات الأولى للتخصص"، مظاهرة في أكبر مدن الشرق، شهدت مشاركة عدد كبير من الأطباء، رفعوا شعارات منددة بتجاهل الوزارة لمطالبهم، التي تتمثل أساسًا في إلغاء الخدمة المدنية "مدتها عامان"، وتوفير وسائل التطبيب في المناطق البعيدة عن المدن. ومن جانبه دعا وزير القطاع البروفسور مختار حسبلاوي إلى وقف الإضراب كشرط للحوار، وهو ما رفضته النقابة.

وبينما بدأت وزارة التعليم منذ أسبوع بتنفيذ قرارات طرد الأساتذة المضربين، لم تقدم وزارة الصحة على هذه الخطوة تجاه الأطباء، غير أن مئات المصحات العمومية تظل مشلولة منذ أسابيع، ما خلف حالة استياء كبيرة وسط المرضى وعائلاتهم. وبسبب الإضراب عرفت العيادات الخاصة إقبالًا غير مسبوق للمرضى.

واللافت أن بوتفليقة تدخل في وقت سابق، وفي عدة مرات لوقف أوضاع متشنجة في هيئات وشركات عرفت إضرابات وصراعات. وبمجرد أن يخاطب الأطراف المتنازعة يحدث الانفراج، لكن تدخله يأتي في غالب الأحيان عندما يصل الوضع إلى الانسداد. ويرى مراقبون أن ما دفع الرئاسة إلى التحرك هو خوفها من انفلات ظهر وشيكًا بعد أن خرج آلاف التلاميذ إلى الشوارع، تضامنًا مع أساتذتهم، ورفضًا لقرار استخلافهم بآخرين.

وقال ناصر حمدادوش، برلماني الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، إن «أبواب الحوار فُتحت، وقرار تعليق الإضراب اتخذ، وكلُّ ذلك نُسب إلى تدخّل رئيس الجمهورية، مع بقاء بعض القضايا عالقة، خاصة المتابعات القضائية، وصيغة إعادة الأساتذة إلى مناصبهم بعد قرار فصلهم، وتحديدا قرارات الطرد التي أشّر عليها المراقبون الماليون، مع رفض التلاميذ للأساتذة المستخلفين، وما هو مصيرهم في مثل هذه الوضعية؟».

وتساءل حمدادوش أيضًا «من يتحمّل مسؤولية هذه الخسائر في الوقت والجهد والأعصاب، وضياع الدروس وإحباط معنويات التلاميذ، بعد كلّ هذا الشدّ والجدب بين الوزارة والنقابات، وفي الأخير تُحل بتوجيهات من الرئيس؟ أين كان الرئيس خلال كلّ هذه المدة، ولم يتدخل حتى وصل الوضع إلى حالة الاحتقان والتعفن؟ ألا يعبّر ذلك عن ضعف وترهّل في مؤسسات الدولة؟ ألا يستوجب ذلك استقالة هؤلاء الوزراء العاجزين عن إدارة الحوار وعن التكفل بالمطالب المشروعة للعمال؟ مع علمنا وتقديرنا بأن هناك مطالب تتجاوزهم إلى قطاعات وهيئات أخرى. أي مصداقية بقيت لهؤلاء الوزراء؟ وأي قيمة لتلك الأحكام القضائية التي استعملت ضدّ نقابيين وضدّ شرعية الإضراب؟. ولماذا كلّ هذا الاستعلاء والعنف ضدّ الاحتجاجات وإراقة دماء، مع أن حلّ تلك الإشكالات سيكون في النهاية بالحوار، كما طالبنا به منذ البداية».

وأضاف البرلماني موضحًا «نحن نبارك أي خطوة للحل ومن أي جهة كانت، واستمرار الوضع كما كان لا يخدم الجميع. كما نرجو أخذ الدرس والاستفادة منه، والتكفل التام بتلك المطالب، وعدم تأجيلها أو ربح الوقت بتسويفها».