الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

تنطلق الأحد، في الجزائر حملة انتخابات المجالس البلدية والولائية، المرتقبة في 23 من الشهر المقبل، وسط جدل كبير أثاره حزب الأغلبية الذي أفاد زعيمه بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يقبل بتدخل الجيش في السياسة، ولن يسمح أن يرشحه الجيش لولاية جديدة، ستطرح قريبا بمناسبة انتخابات الرئاسة في 2019، ويتنافس على مقاعد 1541 بلدية و48 مجلسا ولائيا، 51 حزبا أوفرهم حظا للفوز بالريادة هو حزب “جبهة التحرير الوطني” الذي يسيطر على المجالس المحلية منذ يونيو (حزيران) 1990، تاريخ انتصار “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” في أول انتخابات تعددية تنظمها البلاد منذ الاستقلال (1962)، ويرأس “جبهة التحرير” الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأمينها العام هو الطبيب جمال ولد عباس، 80 سنة، من أشد المسؤولين في البلاد ولاء لنظام الحكم.

ويرجح مراقبون احتفاظ “التجمع الوطني الديمقراطي” بالمرتبة الثانية، وهو حزب يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى، والحزبان دخلا المعترك في أغلبية البلديات، على عكس الليبراليين والعلمانيين والإسلاميين الذين تعد مشاركتهم محدودة، وبخاصة الحزب الإسلامي الكبير “حركة مجتمع السلم” الذي خرج من الحكومة عام 2012، في غمرة “الربيع العربي” والتحق بالمعارضة، ويشارك في الاستحقاق أيضا ثلاثة أحزاب إسلامية في شكل تكتل، هي “جبهة العدالة والتنمية” و”حركة النهضة” و”حركة البناء الوطني”، وفي صفوف التيار العلماني، سيشهد السباق تنافس “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” و”جبهة القوى الاشتراكية” وهي أقدم أحزاب المعارضة، والحزبان متجذران في “بلاد القبائل” بشرق البلاد، حيث توجد نزعة انفصالية تثير هواجس الحكومة التي تحرص على تفادي المواجهة مع نشطاء استقلال المنطقة، وهم كثر.

وتبدو بقية الأحزاب فاقدة لأي حظ في تحقيق نتيجة مرضية، بحكم حداثة نشأتها وقلة عدد مناضليها بالولايات، وأهمها “جبهة المستقبل بقيادة مرشح الرئاسة سابقا عبد العزيز بلعيد، و”طلائع الحريات” بزعامة رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس، وتجري هذه الانتخابات في ظروف اقتصادية صعبة، بحكم تراجع أسعار النفط ما انعكس على الموارد المالية للبلاد، ودعا وزير الداخلية نور الدين بدوي المنتخبين الذين سيفرزهم صندوق الانتخاب، إلى السعي لإيجاد مصادر جديدة لتمويل مشروعات التنمية محليا، وعدم الاتكال على برامج الدعم الحكومية، وصرَح أمين عام حزب الأغلبية ولد عباس، عشية انطلاق حملة الانتخابات، في مؤتمر صحافي بالعاصمة، حضره مرشحو الحزب للاستحقاق، بأن الرئيس بوتفليقة “لن يسمح بتدخل الجيش في شؤون السياسة، كأن يكون له دور في اختيار رئيس الجمهورية المقبل”.

وقال إن “الرئيس المرتقب سيكون في جميع الأحوال، من حزبنا، للجيش دور يتمثل في حماية البلاد وأمنها ووحدة الشعب ووحدة التراب الوطني”، ومعروف بالجزائر، أن كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكمها، منذ الاستقلال عام 1962، كانوا إما ضباطا في الجيش، أو اختارهم الجيش لتولي المسؤولية، وأي رئيس مدد حكمه كان ذلك بموافقة العسكر، ومن تمت إزاحته كان ذلك بأمر من قادة المؤسسة العسكرية، التي أعلنت رسميا عام 1989 انسحابها من السياسة، غير أن نفوذها في الحكم يظل مستمرا.

 وبذلت سلطات البلاد جهودا مضنية نهاية تسعينيات القرن الماضي، لإقناع الغرب بأن الجيش “عاد إلى ثكناته”، بعد أن تدخل مطلع 1992 لإزاحة الرئيس الشاذلي بن جديد على إثر فوز “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” بالأغلبية في انتخابات البرلمان. وألغى الجيش نتائج تلك الانتخابات بذريعة أن الإسلاميين “سيقيمون نظاما شبيها بالنظام الأفغاني”، ودعا أمين عام وزارة الدفاع سابقا، الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، أخيرًا، الفريق قايد صالح رئيس أركان الجيش، إلى “التحلي بالحكمة والامتناع عن ممارسة نفوذك، لفرض خليفة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة”، وكان يشير إلى ترتيبات مفترضة في هرم النظام، لاختيار رئيس جديد.