الأمن العام اللبناني

أعلنت قوى الأمن الداخلي، أمس، عن ملاحقة مطلقي النار العشوائي في احتفالات العام الجديد، بعد سقوط أربعة جرحى نتيجة إطلاق رصاص الابتهاج، وهو ما يمثل تراجعاً في أعداد الضحايا نتيجة الحملات الأمنية التي تفعلت في العام الماضي، ووصلت إلى إقرار قوانين مشددة بحق المرتبكين، وأكدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي نجاح عملية حفظ الأمن والنظام التي نفّذتها على مختلف الأراضي اللبنانية عشية العام الجديد، إذ “لم يسجل أي حادث أمني يذكر، ولم تسقط أي ضحية في حوادث السير باستثناء بعض الجرحى”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن حوادث إطلاق النار في الهواء “أدت إلى إصابة 4 أشخاص وإصاباتهم طفيفة”. وأكدت أنه “تم تحديد هوية عدد كبير من مطلقي النار وأوقف اثنان منهم”، مشيرة إلى أن “الاستقصاءات مستمرة لتوقيف الآخرين، وسيتم الإعلان عن أسمائهم في بيانات لاحقة”.

وتمثل أعداد الضحايا هذا العام تراجعاً لافتاً في أعداد ضحايا الرصاص العشوائي في السنوات الماضية، وذلك نتيجة الحملات الأمنية والإعلامية وتلك التي عملت على التوعية خلال العام المنصرم، بهدف إنهاء الظاهرة التي يعاني منها لبنان، كما دول عربية أخرى مثل سورية واليمن والعراق ومصر وغيرها، وقال رئيس “حركة السلام الدائم” فادي أبي علام، إن انخفاض حوادث إطلاق رصاص الابتهاج “ناتج عن حملات قمنا بها ونفذتها القوى الأمنية على مدار أشهر وسنوات”، مشيراً إلى أن الحملات التي نفذتها الأجهزة الأمنية الرسمية والجيش اللبناني “رائعة، وقامت القوى الأمنية بأكثر مما هو مطلوب منها بهدف القضاء على الظاهرة وتقويض حالات إطلاق النار”، على صعيد تطبيق القانون وملاحقة المخلين وتوقيف المرتكبين، لافتاً إلى “أننا نتابع حملاتنا التي تستهدف المجتمع المدني والتوعية، بالتنسيق مع الجهات الأمنية”.

ويرجع أبي علام عدم القضاء على الظاهرة رغم الحملات المستمرة، إلى أنها “ناتجة عن ثقافة مجتمع يحتاج تثقيفه وتغيير العادات، إلى وقت”. وأوضح لـ”الشرق الأوسط” أن الجهود المبذولة “تسير وفق اتجاهين”، أولهما “الشق المتعلق بقانون العقوبات حيث بات المرتكب عرضة لدفع غرامة مالية تعادل 6 أضعاف الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى السجن 6 أشهر، وحرمانه من الحصول على رخصة حيازة أسلحة”. أما الشق الثاني فيعمل على “تثقيف المجتمع ودفعه للتخلي عن تلك العادة السيئة عبر إبراز مخاطر إطلاق النار على سلامة الآخرين وإطلاعه على القانون اللبناني، ورفع الوعي عند الناس حول مخاطر الظاهرة لنتمكن من التصدي لها وعدم اعتبار مطلق النار بطلاً بل جاهل وضعيف”. وأشار إلى أن العمل على التوعية “يتم عبر الإعلام والنظام التربوي وعبر الجمعيات والأحزاب التي يجب أن تعكس أوجاع الناس”، وكانت شخصيات لبنانية تحدثت في الصيف الماضي عن تدخلات لدى القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية لإطلاق سراح موقوفين أطلقوا الرصاص ابتهاجاً بنجاح أولادهم في امتحانات الشهادة الرسمية. إثر ذلك، رعى رئيس الحكومة سعد الحريري فعالية جرى خلالها توقيع 300 رئيس بلدية يمثلون الفعاليات الاجتماعية على وثيقة تمنع التدخلات أو الضغط لإطلاق سراح المرتكبين. وأكد أبو علام أن الإجراءات والفعاليات التوعوية ساهمت في تقليص الظاهرة “التي نسعى خلال 3 سنوات إلى إنهائها أو تقليصها إلى حدودها الدنيا”.

وتقدر “حركة السلام الدائم” وجود 3 ملايين قطعة سلاح فردي موجودة بين اللبنانيين، نتيجة تراكمها في بيوت اللبنانيين منذ الحرب اللبنانية التي اندلعت في 1975. ولم تُسحب بعد انقضاء الحرب رغم أن السلطات سحبت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وتقول الحركة إن انتشار السلاح هو جزء من الثقافة اللبنانية التي انتشرت في فترة الحرب، ولا تزال موجودة، وكانت الأجهزة الأمنية الرسمية نفذت خطة أمنية عشية انطلاق العام الجديد. وبعد إعلان “قوى الأمن الداخلي” عن نجاحها، وجّه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان التهاني إلى الضباط والرتباء والأفراد الذين شاركوا في التدابير الأمنية وتنفيذ خطة الانتشار لتنظيم السير، وذلك على الجهود والإجراءات الميدانية التي بذلوها، وبخاصة على الطرقات لتسهيل أمور المواطنين والسهر على راحتهم والحفاظ على السلامة المرورية، الأمر الذي أشاع ارتياحاً لدى جميع اللبنانيين والمقيمين، وأعطى التعليمات للبقاء على الجهوزية واليقظة الدائمة.

وتوجّه اللواء عثمان بالتحية إلى قيادة الجيش اللبناني وقيادات الأجهزة الأمنية الأخرى على الإجراءات التي قاموا بها لحفظ الأمن والنظام في خلال هذه المناسبة، وقالت قوى الأمن، أمس، على حسابها في (تويتر)، إنها مستمرة في ملاحقة المجرمين الذين أطلقوا النار ابتهاجاً بليلة رأس السنة، وسيتم توقيفهم وإحالتهم إلى القضاء.