الخرطوم ـ جمال إمام
شدد الرئيس السوداني البشير، الثلاثاء، على أن مطالب الجماهير هي «واجب الحكومة»، مؤكدًا أن مهمة الحكومة «هي توفير الأمن والعيش الكريم للمواطنين وحل مشاكلهم»، وذلك غداة مواجهات بين قوات مكافحة الشعب وطلاب جامعيين حاولوا الخروج في مسيرة احتجاج ضد رفع سعر الرغيف.
ودعا البشير لدى مخاطبته جماهير ولاية النيل الأزرق المتاخمة للحدود الأثيوبية "شرق"، حاملي السلاح إلى الجنوح إلى السلام والعودة إلى البلاد لتعميرها، مؤكدًا أن السلاح لن يكون إلا في يد الحكومة. وتابع: "لا للبندقية لا للحرب"، وقال: «لولا التمرد لكانت البلاد في وضع متقدم».
وأضاف البشير: «عيب، أن يقيم سوداني في مخيم وينتظر الإغاثة من الأجانب، ونحن نغيث المحتاجين»، وانتقد تمرد حاكم ولاية النيل الأزرق السابق مالك عقار، وخاطبه قائلًا: «ماذا فعلت بتمردك سوى تشريد أهلك وتحويلهم إلى نازحين وشحادين». وتابع: «ما في تمرد تاني، ولن يكون هناك نزوحًا ولا مخيمات نازحين». وعقار هو رئيس الحركة الشعبية – شمال- التي تقاتل الحكومة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ عام 2011.
وطالب البشير النازحين من ولاية النيل الأزرق، بالعودة إلى قراهم، وأعلن استعداد الحكومة لاستقبال النازحين وتوفير كل الخدمات لهم، وزاد: «سنوفر كل الاحتياجات للعائدين من النزوح. نُسكِنهم ونؤكّلهم ونشرّبهم».
من جهة أخرى، أقرّ حزب المؤتمر الوطني الحاكم بصعوبة الإجراءات الاقتصادية التي رُفع بموجبها الدعم عن القمح ما أدى إلى ارتفاع سعر الرغيف إلى جنيه، واتهم الحزب المعارضة بمحاولة استغلال ذلك الوضع بصورة سلبية لمصلحتها.
ووصف المسؤول السياسي للحزب الحاكم عبيدالله محمد عبيدالله تلك الإجراءات بالضرورية، وأشار إلى تفهم الحزب لصعوبتها، وأكد وجود توقعات لاحتجاجات من قبل المواطنين كرد فعل، وأرجع ذلك لعدم تفهم الشعب لتلك السياسات، قائلًا إن الحكومة تعاملت مع ردود الفعل بطريقة فيها شيء من ضبط النفس باعتبار أنه من حق المواطنين التعبير عن مواقفهم وآرائهم بطريقة سلمية، شرط غياب مظاهر التخريب والمواجهة الحادة والشغب في ظل إعلان أحزاب عدة أنه بمقدورها استغلال هذه الظروف لمصلحتها وتوظيفها بطريقة تؤدي إلى زعزعة الأوضاع في البلاد، وأن توظف السياسات الاقتصادية الأخيرة لحشد القوى السلبية والناشطة لمجابهة الحكومة.
وأعلن عبيدالله رفض محاولات استغلال الوضع، مشددًا على أن «هذه مسألة مرفوضة وغير مقبولة». وأكد استعداد الحزب الحاكم لمناقشة السياسات الاقتصادية، لافتًا إلى عدم الاعتراض على التظاهرات السلمية.
وكان مئات الطلاب السودانيين في جامعة الخرطوم رشقوا قوات مكافحة الشغب بالحجارة الأحد، في ثالث أيام التظاهرات احتجاجًا على ارتفاع سعر الخبز، وهتف الطلاب «لا لارتفاع أسعار الطعام»، محاولين الخروج من الحرم الجامعي قبل أن يعودوا إدراجهم إثر تدخل مئات من عناصر قوات مكافحة الشغب الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع باتجاههم، وردوا بإلقاء الحجارة على الشرطة التي قررت إغلاق الطريق الرئيسي المؤدي للجامعة فيما تعالت سحب الدخان فوق الحرم الجامعي.
وانتشر رجال شرطة بلباس مدني في محيط الجامعة، في حين حذرت السلطات من انها ستقمع الاحتجاجات، وقال بابكر دقنة وزير الدولة في وزارة الداخلية إن «الشرطة لن تتوانى في قمع التظاهرات التي تخرج من دون ترخيص»، وأضاف أن «التعبير بالطرق السلمية مسموح، لكن التخريب ممنوع».
وفي مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض "جنوب"، خرج عشرات من طلاب المدارس الصغار في تظاهرة لكن سرعان ما تم تفريقها بواسطة شرطيين يحملون هراوات.
من جهة أخرى، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، الفريق أول عماد الدين عدوي، محادثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين في العاصمة أديس أبابا، بعد أيام من إغلاق السودان حدوده الشرقية مع إريتريا وإعلان التعبئة والاستنفار ونشر قوات كبيرة على الحدود.
وأطلع رئيس الأركان السوداني، ديسالين على تطورات الوضع الحدودي، وعلى نتائج الزيارات التي قام بها مسؤولون عسكريون من دول عدة في المنطقة إلى الخرطوم في الأيام الماضية.