جمال ولد عباس

أعلن قياديون بارزون في "جبهة التحرير الوطني" الجزائرية عزمهم متابعة الأمين العام للحزب جمال ولد عباس أمام القضاء الإداري، بشبهة "انتحال صفة"، في إشارة إلى أنه وصل إلى القيادة عام 2015، من دون المرور عبر صندوق الانتخاب، وقالت مجموعة من أعضاء "اللجنة المركزية" في الحزب، لصحافيين ، إن نحو 100 من رفاقهم سيوقعون على عريضة مرفوقة بشكوى سيودعونها، الشهر المقبل، للمحكمة الإدارية في العاصمة. وستتضمن الشكوى، وفق ما قالوا، "تعسّف السيد ولد عباس بإحالة البعض منا على هيئة التأديب في الحزب، بينما لا يملك الصفة التي يدعيها لأنه لم يأت إلى القيادة بالانتخاب".

واستقال الأمين العام السابق عمّار سعداني لـ"دواعٍ صحية". وأعلن يوم استقالته أنه اختار ولد عباس خليفة له، وصفّق عدد كبير من القياديين لهذا القرار، بينما القانون الأساسي للحزب يقول إن الأمين العام الجديد يختير بفتح الترشيحات لأعضاء "اللجنة المركزية"، على أن يقول الصندوق كلمته الأخيرة. ورئاسة الجمهورية هي من اختارت ولد عباس أمينًا عامًا، لأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو رئيس "جبهة التحرير"، وهذا منذ مؤتمرها التاسع الذي عقد عام 2005.

ويقود مجموعة الغاضبين عبد الوهاب بن زعيم عضو "مجلس الأمة" (الغرفة البرلمانية الثانية)، الذي طلبه ولد عباس ليقف أمام "لجنة الانضباط" في  1 أبريل (نيسان) المقبل، بذريعة أنه تدخل في صلاحيات رئيس الجمهورية.

 ويتعلق الأمر بتصريحات له ضد وزيرة التعليم عندما فصلت مئات الأساتذة المضربين، وطالب بإقالتها. أما حالات التأديب الأخرى، فمرتبطة في معظمها بمواقف عبَّر عنها أصحابها، وكانت لا تتماشى مع خط الحزب، وفق تعبير ولد عباس (84 سنة) الذي يلح دائمًا على شرعيته على رأس الأمانة العامة للحزب. وصرّح بن زعيم بأنه لن يقف بين يدي أعضاء "هيئة التأديب"، التي قال إن أعضاءها غير منتخبين من طرف اللجنة المركزية، على عكس ما تنص عليه قوانين الحزب.

وقال ولد عباس لمصادرصحافية "أستمد شرعيتي من شرعية رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس الحزب. من لم يفهم هذا الأمر ليس بوسعي أن أفعل له شيئًا". وأوضح بأنه باقٍ في مكانه "لن يزحزحني منه أحد". وفي غالب الأحيان تتحاشى الرئاسة التدخل في شؤون حزب الأغلبية، عندما تحتدم به الصراعات. غير أن مسألة استمرار الأمين العام أو رحيله، تفصل فيها هي وحدها. وكل الأشخاص الذين ترأسوا البلاد، منذ الاستقلال، خرجوا من صفوف "جبهة التحرير"، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين.

وحاول قياديون في الحزب تنحية سعداني عن طريق القضاء الإداري، للأسباب نفسها، أي أنه وصل إلى القيادة بغير الطرق الديمقراطية،. لكن القضاء لم يحكم لصالحهم. يشار إلى أن وزير العدل الطيَب لوح، نفسه، قيادي كبير في "جبهة التحرير". ويتردد أنه يطمح إلى خلافة ولد عباس وينتظر ضوءًا أخضر من بوتفليقة لتحقيق هذا الهدف.

ويتحاشى ولد عباس تنظيم دورة لـ"اللجنة المركزية"، خوفًا من وقوع فوضى واضطرابات. وهذا الاجتماع هو في الغالب فرصة لتصفية الحسابات بين "الخصوم الجبهويين"، وفيه تمت الإطاحة بعبد العزيز بلخادم كأمين عام للحزب مطلع 2014، علماً بأنه كان متهمًا بتسيير الحزب بيد من حديد. ومن المؤكد أن ولد عباس استوعب درس بلخادم، فهو لا يريد أن يمنح الفرصة لخصومه للضغط عليه وتنحيته، ولهذا السبب لم يستدع طوال عام 2017 "اللجنة المركزية" للالتئام، بينما نصوص الحزب تقول إنه ينبغي أن تجتمع مرتين في السنة لبحث قضايا الحزب الداخلية.