الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

 لم تكد فرحة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكتمل بفوز منتخب بلاده بكأس العالم لكرة القدم التي استضافتها روسيا، حتى دخل عاصفة سياسية وإعلامية أثارها نشر صحيفة "لو موند" مقالًا مرفقًا بتسجيل مصوّر، يُظهر الحارس الشخصي للرئيس ألكسندر بينالا يضرب شابًا خلال تظاهرة عيد العمل في 1 أيار /مايو الماضي، منتحلًا صفة ضابط شرطة.

وظهر بينالا في الشريط، مرتديًا خوذة الشرطة الرسمية وهو يجرّ امرأة بعيدًا، ثم يُلقي بمتظاهر أرضًا وينهال عليه ضربًا, وبينالا لا ينتمي إلى الشرطة، إذ كان مكلفًا أمن ماكرون أثناء حملة انتخابات الرئاسة، قبل تعيينه مساعدًا لمدير مكتب الرئيس.

وكتبت لوموند أن الرجل الذي يعتمر خوذة وبدا غاضبًا، جرّ الشاب ورماه  أرضًا وأمسكه بعنف من عنقه وضربه مرات". وأضافت أن "مدير مكتب الرئيس باتريك سترزودا أكد أن الرجل الذي ظهر في الفيديو هو بينالا".

وأوضح ناطقًا باسم الرئاسة الفرنسية  أن"المعاون ألكسندر بينالا حصل على إذن لمتابعة التظاهرات بصفته مراقبًا"، وأردف "واضح أنه تجاوز ذلك. استدعاه رئيس العاملين في الرئاسة فورًا وأوقفه عن العمل 15 يومًا عقابًا على سلوك غير مقبول" .

وكان ماكرون أُبلِغ بالحادث، وأوردت وسائل إعلام فرنسية أن مدير مكتبه اكتفى بوقف بينالا عن العمل، من دون إبلاغ القضاء، ليعود بعد ذلك إلى وظيفته ويظهر إلى جانب ماكرون في مناسبات عامة، ما أغضب زعماء المعارضة الذين انتقدوا عقابًا اعتبروه "متهاونًا جدًا".

وأفاد مكتب ماكرون بأنه قرر فصل حارسه الشخصي، بعدما ظهرت "حقائق جديدة" في شأن المخالفة المزعومة. وذكر مسؤول في قصر الرئاسة أن "الرئيس أُحيط علمًا بحقائق جديدة قد تمثل جنحة ارتكبها ألكسندر بينالا"، وتابع: "نتيجة لذلك قررت الرئاسة أن تبدأ إجراءات فصل بينالا". ورأى الناطق الرسمي باسم قصر "الإليزيه" برونو روجي بوتي أن عزل بينالا يشكّل أشد عقاب لمسؤول عن مهمات في قصر الرئاسة.

وأعلن مكتب الادعاء أن الشرطة استجوبت بينالا، فيما أشار مصدر قضائي إلى أنه متهم بعنف ارتكبه شخص مكلّف الخدمة العامة، وباستغلال مهماته واستخدام رموز مخصصة للسلطة العامة والتواطؤ للاستيلاء على صور التقطتها كاميرات أمنية.

وأثارت الواقعة جدلًا كبيرًا، فانتقد زعماء المعارضة ماكرون لأنه لم يفصل حارسه فورًا والتزم الصمت إزاء ما جرى، ووصف بعضهم عهد ماكرون بأنه سلطوي، معتبرين أنه كان يجب إحالة الواقعة إلى السلطات القضائية . 

وأعرب رئيس حزب "الجمهوريين" اليميني لوران فوكييه عن "صدمة من هذا التسجيل المصور"، وزاد: "لدينا شعور بأن بين المحيطين بماكرون شخصًا فوق القانون. واضح أن ماكرون يجب أن يتحدث عن ذلك".

وقال زعيم اليسار المتطرف جان لوك ميلينشون:"إذا قبلنا فكرة أن أي شخص يمكنه أن يكون شرطيًا، بالإضافة إلى قوات الشرطة، لن يعود لدينا حكم للقانون,و هذا الرجل عينا الأمير وأذناه"، في إشارة إلى الرئيس, كما اعتبر منتقدون لماكرون أن الواقعة تدعم اعتقاداً بأنه "متغطرس ومنفصل عن الواقع".

واضطر ماكرون لمواجهة أسئلة الصحافيين بشأن ملف بينالا، لكنه رفض الإجابة عنها، وقال:"لستُ هنا لأراكم. جئت لأقابل رئيس البلدية"، في إشارة إلى زيارة منطقة لا دوردوني جنوب غربي فرنسا، يلتقي خلالها مسؤولي المناطق. 

و واجه رئيس الحكومة إدوار فيليب عاصفة انتقادات من نواب تهجموا على الرئيس خلال جلسة برلمانية لمساءلة الحكومة، لكنه دان "الصور الصادمة"، مشيرًا إلى أن "حسم الأمر يعود إلى المحاكم".