وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف

تسعى الدبلوماسية الأوروبية والأميركية في الأسابيع المقبلة، بعيدا من الأضواء، إلى إيجاد مخرج من المأزق الذي دخله الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست، نتيجة الموقف السلبي الذي تبنّاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ طالب بـ"تصحيح عيوب جسيمة" في الاتفاق، بحلول 12 أيار/ مايو المقبل.

وتجري دول أوروبية وإيران مشاورات في شأن تداعيات تدخل طهران في الشؤون الداخلية لدول إقليمية، وتتحفظ مصادر في بروكسيل عن كشف تفاصيل، مكتفية بأن "هامش المناورة الدبلوماسية ضيّق"، لأن الاتفاق "لا يقبل إعادة التفاوض، خصوصا لأنه يُطبق في شكل كامل من دون أي إشكال"، بدليل التقارير الدورية التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن إدارة ترامب تنتقد استمرار إيران، بمقتضى الاتفاق، في تخصيب اليورانيوم، واحتمال تخلّصها من القيود الدولية على برنامجها النووي، بعد 15 عاما.

هذا ما أشار إليه نائب وزير الخارجية الأميركي جون ساليفان، في مداخلته أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، إذ دعا إلى "الحفاظ على ما أُنجز في نطاق الاتفاق النووي، وتصحيح عيوبه". ولاحظ مراقبون اختلاف أسلوب الخطاب في ميونيخ، بين مداخلة ساليفان الذي تحدث عن تعاون مع ثلاث دول أوروبية "لتحقيق تقدّم قبل الموعد الذي حدّده ترامب"، وكلمة مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر، الذي شدَّد على أن "الوقت حان لمراجعة الأخطاء الشنيعة في الاتفاق، ومواجهة سياسات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بينها نشاطات الصواريخ الباليستية وتشجيع الإرهاب بالوكالة، عبر ميليشيات تؤجج نزاعات في الشرق الأوسط".

وتجرى المشاورات الأوروبية- الأميركية على مستوى مديري الشؤون السياسية، ويشارك فيها عن الجانب الأوروبي ممثلو فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهيلغا شميدت، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني. وتحرص الدبلوماسية الأوروبية على تحصين الاتفاق النووي ضد تهديدات ترامب، لكنها تُبدي تفهما إزاء الانتقادات التي تستهدف طهران، على خلفية تدخلاتها الإقليمية وتطويرها صواريخ باليستية.

وعقد ممثلو الدول الأوروبية الثلاث اجتماعا مع نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على هامش مؤتمر ميونيخ نهاية الأسبوع الماضي. وقال مصدر إن طهران "أبدت استعداداً للتعاون من أجل تسوية هذه الأزمة"، وتابع: "أزمة اليمن لا تكبّد إيران ثمناً باهظاً إذا رفعت يديها وأوقفت تزويد الحوثيين سلاحاً، واستدرك أن الحل في سورية يتطلّب تعاوناً دولياً يتجاوز قدرة التأثير الإيرانية".

كما التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وزراء أوروبيين، وأبلغت مصادر أوروبية تتشاور مع الإيرانيين، أن "طهران ترفض التفاوض حول صواريخها الباليستية. وتقول لمحاوريها الأوروب ين إنها مُهددة مباشرة من إسرائيل" وأطراف عرب.

وتجد الدبلوماسية الأوروبية نفسها في موقع الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران. وإذا نجحت في إقناع طهران بتقديم "تنازلات" في اليمن، من خلال وقفها تزويد الحوثيين صواريخ وأسلحة متطوّرة يستخدمونها في استهداف الأراضي السعودية، فقد تقنع الولايات المتحدة بالحفاظ على الاتفاق النووي. كما قد تكون الخطوة بمثابة حافز لتمديد المفاوضات وتوسيعها، بحيث تشمل تدخل إيران في سورية.

وفي هذا الشأن، تبدو الدبلوماسية الأوروبية في حاجة إلى دعم روسيا التي لا تمانع تقييد نفوذ طهران في سورية، ولجم تحرّك "حزب الله" اللبناني في جبهاتها الداخلية. وهذا شرط تضعه إسرائيل ولا تعترض عليه روسيا والولايات المتحدة وأطراف إقليميون.​