الحكومة اليمنية

استنفرت الحكومة اليمنية أعضاءها لاجتماع طارئ في الرياض ضم اللجنة الاقتصادية، وأقرّت مصفوفة شاملة من الإجراءات الاقتصادية والمالية والتدابير الأمنية في سياق مسعاها لوقف تدهور الاقتصاد وتهاوي العملة المحلية (الريال) وتهدئة غضب الشارع المتصاعد بسبب غلاء الأسعار وتضاؤل فرص العيش.

وتستمرّ الاحتجاجات الغاضبة الأربعاء في عدد من المدن اليمنية لليوم الرابع، وأصيب 3 متظاهرين في مدينة المكلا، كبرى مدن حضرموت، إثر صدام مع قوات الأمن التي حاولت احتواء الاحتجاجات وعدم تطورها، حسب ما أفاد به مصدر أمني يمني لـ"الشرق الأوسط"، وبعد ساعات من إقرار الحكومة في اجتماعها الاستثنائي مع اللجنة الاقتصادية، جملة من التدابير، أفادت مصادر مصرفية في كل من عدن وصنعاء، بوجود تحسن نسبي في سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، إذ سجل صرف الدولار الواحد 570 ريالا، بعد أن كان وصل إلى 630 ريالا في اليومين الماضيين.

وتضمّنت التدابير الحكومية زيادة الرواتب للموظفين ووضع قيود على استيراد السلع الكمالية ووضع قيود على خروج العملة الصعبة من البلاد، وإلزام المصارف المحلية بالتعامل مع البنك المركزي في عملياتها المصرفية، والعمل على استئناف تصدير النفط والغاز بالطاقة القصوى، وتقليص الإنفاق غير الضروري والاستغناء عن عدد من السفارات والبعثات الدبلوماسية غير الضرورية.

وذكرت المصادر الرسمية أن الاجتماع الحكومي الذي ترأسه رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بحضور أعضاء اللجنة الاقتصادية، استعرض مسودة الحلول لتعافي الاقتصاد والريال اليمني، والأسباب التي أدت إلى انهيار الوضع المعيشي، وفي مقدمتها الحرب التي شنتها الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران، وسيطرتها على مؤسسات الدولة.

وناقش الاجتماع مسودة الحلول العاجلة لتدارك الانهيار السريع لسعر العملة المحلية المقدمة من اللجنة الاقتصادية، بالتعاون مع البنك المركزي اليمني ووزارة المالية، وقال بن دغر إن حكومته "تعمل جاهدة على التخفيف من معاناة المواطنين برغم الظروف الصعبة جراء الحرب الهمجية التي شنتها ميليشيا الحوثي على الدولة ونهبها للاحتياط النقدي الأجنبي"، مؤكدا أن الأيام المقبلة ستشهد استقرارا في الاقتصاد الوطني بالتعاون مع التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.

وأثنى بن دغر على ما وصفه بالدعم السعودي السخي لإنقاذ العملة اليمنية والاقتصاد عبر وديعتها المليارية التي وجه بها مطلع العام الجاري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وقدرها مليارا دولار، إضافة إلى توفير المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء.

وأكد الاجتماع الحكومي دعمه لتوجيهات الرئيس هادي في اجتماعه الأحد الماضي باللجنة الاقتصادية، والتي نصت على "العمل بصورة فاعلة وعاجلة وسريعة من خلال دراسة الحالة الاقتصادية ووضع التدابير الكفيلة بعودة الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي إلى وضعه الطبيعي".

وناقش الاجتماع التوجيهات الرئاسية بالعمل على تنمية الإيرادات مثل الضرائب والجمارك، وتوريدها إلى البنك المركزي، والعمل على استئناف تصدير النفط والغاز، والعمل على وضع تصور لتحديد الأولويات وإيقاف أي مصروفات ثانوية وتفعيل أجهزة الرقابة على المال العام.

وبحثت الحكومة اليمنية في اجتماعها مع اللجنة الاقتصادية الحلول العاجلة لإنقاذ العملة المحلية من التدهور، والزيادة في مرتبات القطاع المدني بما في ذلك المتقاعدون والمتعاقدون، حيث أقر المجلس زيادة في مرتبات المدنيين والمتقاعدين بنسبة 30 في المائة، ابتداء من سبتمبر/ أيلول 2018.

وشددت الحكومة على وقوفها بحزم أمام الاختلالات والظواهر التي تسببت في تراجع سعر الريال، ومن بينها المضاربة التي تقف خلفها محلات الصرافة غير المرخصة، والتي تسعى إلى الربح السريع على حساب معيشة المواطن واستقرار المجتمع والوطن.

وأكدت حرصها على تحسين أوضاع المواطنين الذين أنهكتهم الحرب وضمان استمرار الحياة الطبيعية لهم، وذلك من خلال اتخاذ جميع التدابير والإجراءات التي تدعم استقرار العملة المحلية وتعافيها أمام سلة العملات الأجنبية، وتصحيح أسعار السلع الغذائية الأساسية بما يمنع حالة القلق التي سيطرت على الأسواق اليمنية، وأشارت إلى أنها "لن تألو جهدا، بالتعاون مع تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، في تقديم الدعم الكامل لاستيراد المواد الأساسية مثل القمح والأرز والسكر والحليب وزيت الطعام والأدوية، وتوفيرها للجمهور بأسعار مناسبة، وفق ما تقتضيه المصلحة العامة ومصالح الجميع".

وذكرت المصادر الرسمية أن الاجتماع الحكومي وضع "مصفوفة من الإجراءات التي سيتم تنفيذها بصورة عاجلة لوقف التدهور المتسارع واستعادة التوازن في مؤشرات منظومة الاقتصاد الوطني، وأولها إجراءات من شأنها تطبيع الأوضاع في البلاد، وفيها سيتم إعادة النظر في عمل الأجهزة الأمنية وتوحيد مؤسساتها وتأطير تصرفاتها وفقا لأحكام القانون".

ووعدت الحكومة بأنها "ستعمل على تأمين الأرواح والممتلكات والاستثمارات والطرقات، لضمان حرية تنقل البضائع والمواطنين بين المحافظات، وتشجيع عودة عمل المنظمات الدولية والقنصليات والسفارات من داخل اليمن، فضلا عن حل مشكلة المطارات والمواني لتسهيل عودة شركات النقل البحري والجوي".

وتضمنت التدابير الحكومية التوجيه لإعادة تأهيل الطيران المدني اليمني، والعمل على رفع الحظر عن تزويد شركة الخطوط الجوية اليمنية بعدد من الناقلات -ولو عن طريق الإيجار- لتسهيل عودة المواطنين ورجال الأعمال إلى البلد، وخلق حالة من الاطمئنان، وهو ما سيساعد على توفير مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي ويخفف الضغوطات على الموارد المحدودة ويرفع المعاناة القائمة في مجال السفر وبخاصة عن المرضى والطلاب ورجال الأعمال وغيرهم من ذوي الاحتياجات الإنسانية.

وتضمنت التدابير "تفعيل أجهزة الدولة ذات العلاقة لاستعادة العلاقات مع مجتمع المانحين والمنظمات الدولية لطلب المساندة في تجاوز هذه الصعوبات بما هو متاح من القروض والمساعدات والتسهيلات، وإعادة تأهيل مرافق النفط والغاز لتعمل بكامل طاقتها لتغطية ما يمكن من الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض، لتخفيف الضغط على سوق الصرف وتعزيز موارد البلد من النقد الأجنبي".

وكشفت الحكومة اليمنية أنها "ستحدد فجوة التمويل على ضوء التطورات القائمة في الموارد والإنفاق، وستبدأ في التحرك لدى الدول الشقيقة على أعلى المستويات لضمان تغطية هذه الفجوة، بالإضافة إلى التواصل مع الأصدقاء الدوليين والمنظمات للحصول على بعض التسهيلات المتاحة لتمويل بعض جوانب الإنفاق التي تحظى بالقبول والدعم، كنفقات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية ومصروفات الطلاب في الخارج".

ووعدت أنها "ستضع الترتيبات اللازمة مع الجهات ذات العلاقة لترحيل فوائض البنوك من العملات الأجنبية بما يمكنها من تغطية التزاماتها وتعزيز أرصدتها لدى البنوك المراسلة، وتفعيل عمل اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ووحدة جمع المعلومات بما يساعد على خروج بلادنا من قائمة الرقابة المعززة، وتسهيل إعادة فتح حسابات البنوك اليمنية لدى البنوك الخارجية".