رئيس الوزراء الجزائري الأسبق علي بن فليس

عبّر رئيس الوزراء الجزائري الأسبق، علي بن فليس، عن سخطه من "متآمرين يبحثون عن ضرب الوحدة الوطنية"، وقال: إنهم يقفون وراء الاضطرابات التي تعيشها منطقة القبائل منذ أسبوعين، والتي كان سببها رفض البرلمان المصادقة على ميزانية تسمح بتدريس اللغة الأمازيغية في كل المدارس.

وقال بن فليس الأربعاء خلال لقاء بالعاصمة مع قيادات الحزب المعارض، الذي يقوده "طلائع الحريات": "إن تلاميذ وطلبة المدارس والجامعات، وبخاصة بتيزي وزو وبجاية والبويرة (منطقة القبائل بالشرق)، ينظمون منذ 15 يومًا مسيرات وتجمعات سلمية للمطالبة بالعناية الكافية باللغة الأمازيغية، وتعميم تدريسها وإلغاء الطباع الاختياري لها، والتطبيق الفعلي للتدابير الدستورية المتعلقة بالأمازيغية، المكرسة في الدستور المعدل عام 2016".

وأوضح بن فليس أن حزبه "يتفهم هذا الغضب في مواجهة غياب الإرادة السياسية للنظام القائم لاتخاذ كل الإجراءات التشريعية والتنظيمية، وبخاصة ما يتعلق بإصدار قانون عضوي يتعلق بتفعيل أحكام المادة 4 من الدستور، المكرسة للأمازيغية لغة رسمية، ووضع الهياكل وتوفير الوسائل الضرورية، لجعل هذا الترسيم فعليًا في الميدان".

وكان بن فليس يشير إلى مشاركة الآلاف من الجزائريين في مظاهرات في منطقة القبائل؛ احتجاجًا على رفض البرلمان تخصيص ميزانية لتدريس اللغة الأمازيغية في كل المدارس بالبلاد. وعد الناطقون بالأمازيغية هذا الرفض بمثابة "موقف عدائي" ضد ثقافتهم التي يتهمون السلطات بـ"طمسها"، مع أن لغتهم أضحت منذ بداية 2016، بناءً على مراجعة دستورية، لغة رسمية بجنب اللغة العربية.

وأدخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تعديلًا على الدستور عام 2002، جعل بموجبه من الأمازيغية لغة وطنية. وجاء ذلك عقب مواجهات دامية بين قوات الأمن وقطاع من السكان القبائل، وقعت عقب مقتل شاب على يدي شرطي، وخلفت الأحداث 121 قتيلًا، فيما يعود الجدل حول تدريس الأمازيغية إلى اقتراح إدخال تعديل على قانون الموازنة لسنة 2018، تقدم به برلمانيو "حزب العمال" اليساري، جاء فيه دعوة إلى رفع قيمة ميزانية مشروع "ترقية اللغة الأمازيغية"، وأن "تسهر الدولة على تعميمها في كل المدارس العمومية والخاصة، على أن يكون التدريس إجباريًا في إطار تطبيق مخطط تدريجي". لكن تم رفض هذا المقترح بحجة أن السلطات العمومية "بذلت وما زالت تبذل مجهودًا مهمًا في مجال تدريس اللغة الأمازيغية، فضلًا عن ذلك هناك هيئة وطنية تتمثل في المحافظة السامية للأمازيغية، التي تتولى القيام بمهمة تطوير الأمازيغية".

وأدان بن فليس "قمع المظاهرات السلمية، والاعتداء المتواصل على الحق في التظاهر السلمي وعلى حرية التعبير المكرسين دستوريا"، وقال إنه "مستاء من التبريرات المخادعة وغير المقبولة كحجة نقص الوسائل، أو ثقل البرامج الدراسية المقدمة لتبرير التقاعس والحصار المضروب على تعميم تعليم اللغة الأمازيغية". وأضاف موضحًا أن "حزب طلائع الحريات، الذي اعتبر دومًا معركة الهوية، بعدًا أساسيًا في المعركة من أجل الديمقراطية وبناء دولة القانون، يعيد التأكيد بأن الأمازيغية هي من المكونات الأساسية للهوية الوطنية".

وأشاد بـ"نضج الطلبة والتلاميذ، الذين لم يقبلوا بتحويل مطلبهم الشرعي عن هدفه ومبتغاه من طرف ناشطين متآمرين، يريدون استغلال هذه القضية الوطنية للمساس بالوحدة الوطنية ووحدة الشعب الجزائري بكل مكوناته وثوابته، ولتلهية المواطنين عن الانسداد السياسي والأزمة الاقتصادية والوضعية الاجتماعية الصعبة التي يمر بها بلدنا"، في إشارة إلى تنظيم انفصالي محلي يطالب باستقلال منطقة القبائل. وتتحاشى الحكومة الدخول في مواجهة مع أعضائه، حتى لا يظهروا في صورة "أقلية مهضومة الحقوق".

وكان بن فليس من أبرز مساعدي بوتفليقة، ودخل في صراع حاد معه عندما أعلن رغبته الترشح للرئاسة عام 2004، وكان يومها مدعومًا من طرف رئيس أركان الجيش الفريق محمد العماري.