الجزائر ـ سناء سعداوي
ناشدت نقابة الأئمة في الجزائر آلاف القائمين على المساجد «تفويت الفرصة على المغامرين» خلال صلاة الجمعة اليوم، إثر انتشار دعوات لتنظيم «مسيرات مليونية» ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة، وهو ما دفع عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس المترشح، إلى التعبير عن استياء بالغ من اتساع رقعة الاحتجاج في البلاد ضد التمديد للرئيس.
واستنكر جلول حجيمي، رئيس «التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف الجزائريين»، في بيان أمس، «دعوات من هنا وهناك، يحرض أصحابها على استغلال واستعمال المساجد لتحريك الشارع، وحشد المواطنين للتعبير عن مواقف معينة والإدلاء بها»، في إشارة إلى منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، مجهولة المصدر، تدعو إلى مظاهرات حاشدة اليوم في كل الولايات الـ48، للتنديد بـ«العهدة الخامسة».
أقرأ يضًا
- رئيس الحكومة الجزائرية أويحيي يتهم وزيرًا بـ"التطاول" عليه
وذكر حجيمي، المعروف بأنه خصم كبير لوزير الشؤون الدينية محمد عيسى، أن الأئمة «ينبغي أن يحرصوا على إحداث تناغم وانسجام بين المصلين في بيوت الله تعالى، حفاظاً على السكينة والاستقرار، وتبصرة الرأي العام الوطني بكل خطر محدق، أو متربص حاقد». مضيفاً: «لا نريد تكميم الأفواه وخنق الحريات، والتراجع عن المكتسبات التي دفعت الأمة الجزائرية من أجلها ثمناً غالياً. وندعو عمّار بيوت الله وروادها إلى تفويت الفرص على المغامرين بأمن وأمان الوطن، وألا نجعل المساجد ميداناً للحراك والتوتر نحو المجهول».
في المقابل اقترح حجيمي «إنشاء خلية استماع وإنصات لجميع الانشغالات، وإيصالها إلى أصحاب القرار والجهات المختصة. فالمسجد هو صوت الحق والحكمة والهدوء والإنصاف، وليس للتهور ونشر الفوضى وضرب الاستقرار. وعليه فعلى الأئمة والخطباء دعوة كل فئات المجتمع إلى نبذ العنف والتحلي بروح المسؤولية، ورص الصفوف والوحدة الوطنية، ومعالجة القضايا في أطرها القانونية، بغية الحفاظ على استقرار البلاد، والاستفادة مما وقع، والنظر إلى المأساة الوطنية بحنكة وتبصر لإدراك جميع المخاطر». ويقصد حجيمي بـ«المأساة الوطنية»، فترة تسعينات القرن الماضي، التي شهدت مقتل 150 ألفاً في مواجهات بين قوات الأمن والمتطرفين. وغالباً ما تحذر السلطات من «تكرار مشاهد المأساة الوطنية»، تعبيراً عن رفضها إحداث تغيير في الحكم.
وقال مصدر بوزارة الشؤون الدينية لـ«الشرق الأوسط»، تحفظ على ذكر اسمه، إن الوزير عيسى وجه، أمس، تعليمات لمديري الشؤون الدينية في كل الولايات، تأمرهم بعقد اجتماعات عاجلة مع أئمة المساجد، وإبلاغهم بتوجيه خطبة الجمعة ضد «المسيرات المليونية». ويعكس ذلك حسب مراقبين مدى تخوف السلطات من وقوع اضطرابات في البلاد، وبخاصة في العاصمة.
فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، ظلت الحكومة ترفض تنظيم مسيرات ومظاهرات في عاصمة البلاد، بحجة «احتمال استغلالها من طرف متشددين لارتكاب أعمال إرهابية». فيما تندد المعارضة بهذا المنع، وتعتبره «طريقة غير مباشرة لتكميم الحريات».
وأفاد قيادي من حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، رفض نشر اسمه، بأن قيادة الحزب «تعد العدة لمسيرات مليونية ضخمة، مضادة لكل المسيرات والمظاهرات التي تمت، والتي كانت ضد العهدة الخامسة». ونقل القيادي عن معاذ بوشارب، منسق الحزب، قوله في اجتماع بحث، أول من أمس، ترتيبات حملة الرئيس: «سنريهم أن غالبية الشعب تريد تجديد العهد مع رئيسه».
في السياق نفسه، التقى سلال أمس في العاصمة، مديري حملة الرئيس في الولايات، وأوصاهم بـ«تفادي الوقوع في الاستفزازات»، وكان يقصد الحملات المعادية لـ«الولاية الخامسة». وقال سلال بهذا الخصوص: «أطلب منكم أن تحترموا الجميع، وتحاشي الانزلاق لأن مرشحنا محترم ويحترم الجميع. لا ينبغي أبداً أن يجرونا إلى نقاشات لا تخدم البلاد ولا مرشحنا... إن الأخلاق التي نشأنا عليها لا تسمح لنا بأن ننزل إلى مستوى منحط»، في إشارة إلى رفض لافت في الأوساط الشعبية التمديد لبوتفليقة، الذي يواجه أنصاره في بعض الولايات صعوبات كبيرة في الدعاية للولاية الخامسة في الميدان.
وقال سلال أيضاً: «عليكم أن تذكِّروا الناس بما أنجزه بوتفليقة في مجال بناء مقومات الدولة، وحقوق المرأة، وتحقيق السلم والمصالحة الوطنية، وفي ميادين التعليم العالي والتكوين المهني والسكن والإصلاحات السياسية والاقتصادية، التي عززت من قوة الجزائر الإقليمية والدولية».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا
- اقتراب "رئاسيات 2019" يفجّر خلافات حادة في المعارضة الجزائرية
- ترشيح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لانتخابات 2019