رئيس جبهة التغيير عبدالمجيد مناصرة

دعا رئيس "حركة مجتمع السلم" الجزائرية، أكبر حزب إسلامي في البلاد، عبدالمجيد مناصرة، إلى فتح الحدود مع المغرب، مبرزًا أن "حماية حدودنا من بعض الآفات لا يعني أبدًا إغلاقها"، في إشارة إلى خطاب للسلطات الجزائرية، مفاده أن رفضها فتح الحدود مع الجار الغربي سببه "مخاطر المواد المخدرة والإرهاب والجريمة المنظمة، والهجرة السرية المستفلحة".
 
وقال مناصرة، الجمعة، خلال تجمع لمناضلي حزبه بمناسبة حملة انتخابات البلدية، التي ستجري في 23 من الشهر الجاري، إنه "كان يتمنى" وهو يزور مدينة مغنية الحدودية، أن"تكون الحدود مع الجيران مفتوحة، إذ لا يعقل أن تظل مغلقة لمدة 23 عامًا"، وأظهر أنصار "الحركة" الإسلاميون تأييدًا واسعًا لموقف مناصرة، الذي صرح بأن الجزائر بـ"إمكانها حماية حدودها وهي مفتوحة"، وحضر قطاع من سكان مغنية التجمع الدعائي الذي كان كبيرًا.
 
وعبر مناصرة، وهو وزير الصناعة سابقًا، عن ارتياحه لفتح معبر حدودي بين الجزائر وموريتانيا قبل 10 أيام، وهو أول مركز حدودي بين البلدين، وقال بهذا الشأن "منذ يومين تنقل وزير داخليتنا، نور الدين بدوي، إلى موريتانيا للإشراف على حفل فتح المعبر الحدودي، وقد كنت سعيدًا"، داعيًا إلى "إقامة تعاون مع كل بلدان المغرب العربي مهما كانت المشاكل بينها... وإننا كحزب جزائري يدعم السياسة الخارجية لبلاده، لكن عندما يخطئ وزير الخارجية، عبدالقادر مساهل، في مواقفه، نقول له إنك أخطأت".
 
وكان مناصرة يشير إلى هجوم حاد شنه مساهل قبل أسبوعين على المغرب، الذي اتهمه بـ"تبييض أموال المواد المخدرة لإنفاقها في مشاريع واستثمارات في أفريقيا"، وزادت هذه التصريحات من حدة التوتر بين أكبر بلدين مغاربيين، وكانت مؤشرًا لافتًا على مدى صعوبة إيجاد توافق بين البلدين مستقبلًا.
 
وجاءت تصريحات مناصرة داعمة لموقف "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض في البلاد، من قضية فتح الحدود، ذلك أن كل القياديين الذين تعاقبوا على رئاستها، وأولهم المؤسس ورجل الثورة حسين آيت أحمد، كانوا دائمًا يطالبون بتحسين العلاقة مع المغرب، بصرف النظر عن خلافهما بشأن نزاع الصحراء. ولم يتوقف الحزب عن المطالبة بفتح الحدود منذ إغلاقها في صيف 1994.
وتقول "الجبهة" في أدبياتها إن "إغلاق الحدود بين البلدين الشقيقين يشكل اليوم حالة فريدة واستثنائية في العالم، ويتعارض مع تطلعات شعوب المغرب العربي، وانتظارات شركائه والمتطلبات الإقليمية للسلم والتنمية".
 
وفي مقابل دعوات "الجبهة" و"الحركة"، تقف الأحزاب الموالية للحكومة ضد أي مسعى في اتجاه فتح الحدود، بخاصة حزب الأغلبية "جبهة التحرير الوطني"، الذي يتزعمه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحي. فيما يؤيد عشرات المثقفين في الجامعات وفي الوسط الإعلامي فكرة فتح الحدود، غير أن صوتهم يظل خافتًا.
 
وتضع السلطات الجزائرية شروطًا مبدئية لفتح الحدود وتطبيع العلاقات مع المغرب، وفي مقدمتها "تمكين الصحراويين من تقرير مصيرهم عبر استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة"، و"تعهد المغاربة بمراقبة حدودهم من خطر المواد المخدرة وعصابات التهريب والإرهاب"، وبعيدًا عن مسألة الحدود يعد الخلاف بشأن نزاع الصحراء أكبر عائق أمام تطبيق العلاقة بين البلدين، وهو سبب جمود "اتحاد المغرب العربي"، الذي لم يعقد قمة على مستوى القادة منذ 23 عامًا.
 
ويشار إلى أن إغلاق الحدود جاء بعد مقتل سياح أوروبيين في اعتداء إرهابي بمراكش في أغسطس / آب 1994، واتهمت الرباط المخابرات الجزائرية بالضلوع في العملية المسلحة، وفرضت التأشيرة على الجزائريين الراغبين في الدخول إلى أراضيها، وتعاملت الجزائر بالمثل وزادت عليه بإغلاق حدودها، وألغت الرباط التأشيرة في 2004، وفي العام الموالي فعلت الجزائر نفس الشيء، لكن الحدود بقيت على حالها.