تونس ـ كمال السليمي
عاشت تونس أمس الأحد، تحت وقع صدمة غرق قارب يقل مهاجرين غير شرعيين أمام شواطئ جزيرة قرقنة "وسط شرقي البلاد"، في مأساة فُجعت بها عائلات من ثماني محافظات، فقدت أبناءها في غرق القارب الذي تسبب في وفاة ما لا يقل عن 48 شخصًا.
وسلّمت المصالح الطبية التونسية حتى الآن 24 جثة من بين غرقى الحادث إلى ذويهم بعد استكمال إجراءات التشريح من قبل الطب الشرعي والتعرف على هويات الضحايا. وتشمل قائمة الولايات المفجوعة تونس العاصمة وبن عروس وصفاقس وقابس وجندوبة وسليانة وتطاوين ومدنين، ومن المنتظر أن تتوسع القائمة في حال العثور على ناجين أو جثث مفقودين.
وأعلنت مصادر طبية في السياق ذاته، عن مغادرة 16 شابًا المستشفى بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة، وبلغ عدد الناجين 68، منهم 65 تونسيًا ومغربيان وليبي واحد. كما تم انتشال 48 جثة، وما زالت قوات عسكرية تونسية بصدد البحث عن بقية المشاركين في "رحلة الموت".
وعقد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في محاولة لتخفيف أثر الصدمة على العائلات المكلومة، جلسة عمل وزارية صباح أمس، خصصها لمتابعة آخر المستجدات المتعلقة بحادثة الغرق، وضمت الجلسة عددًا من القيادات الأمنية والعسكرية، وقرر الشاهد فيها إقامة خلية أزمة تتابع الاتصال بالعائلات والناجين من حادثة الغرق.
وفتحت السلطات القضائية من جانبها، تحقيقًا قضائيًا للتعرف على هوية المشاركين في "رحلة الموت" ووجهت التهمة إلى ثمانية تونسيين قالت إنهم يقفون وراء تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية المتجهة نحو السواحل الجنوبية لإيطاليا.
وأفاد المرصد التونسي لحقوق الإنسان "هيئة حقوقية" بأنه تم انتشال 48 جثة للمهاجرين غير الشرعيين الذين غرقوا بعد إبحارهم خلسة على متن قارب من سواحل سرسينا بجزيرة قرقنة نحو إيطاليا.
وقال أحد الناجين في تصريح إعلامي في شأن تفاصيل ما حدث خلال غرق المركب "إن المركب كان على متنه 120 شخصًا غالبيتهم من حملة الجنسية التونسية"، مؤكدًا أن منظّم عملية اجتياز الحدود خلسة حصل على مبلغ قيمته ألف دينار تونسي (نحو 400 دولار) عن كلّ مهاجر غير شرعي، وأحضر لهم مركبًا لا يمكنه حمل أكثر من 80 شخصًا، وتعلّل بزهد المبلغ الذي حصل عليه، واعدا الجميع بالوصول إلى السواحل الإيطالية دون التعرض إلى أي خطر. وتابع أنه بعد قرابة ساعة من الإبحار ساءت الأحوال الجوية وارتفعت الأمواج وبدأت المياه تتسرب إلى القارب، مما أدى إلى حدوث الكارثة.
وقال مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى جريدة "الشرق الأوسط"، "إن عدد التونسيين الذين اجتازوا الحدود خلسة نحو إيطاليا تجاوز 15 ألفا خلال السنة الماضية"، مضيفًا أنه خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الحالية تجاوز العدد ثلاثة آلاف مهاجر غير شرعي، وهو ما يعني مضاعفة العدد 10 مرات مقارنة بالمدة نفسها من السنة الماضية.
ودعا الرمضاني إلى الابتعاد عن "الحلول الأمنية" في التعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية وعدم تكرار حادثة 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 عندما هاجمت خافرة عسكرية تونسية مركبًا للمهاجرين في عرض البحر المتوسط وأغرقت العشرات منهم إثر رفض قائد القارب الانصياع للأوامر العسكرية وامتناعه عن التوقف.
وهاجم وزير الداخلية الإيطالية الجديد ماتيو سالفيني في غضون ذلك، تونس واتهمها بتصدير من صدرت عليهم أحكام جنائية إلى إيطاليا, وقال في تصريح نقله التلفزيون الحكومي الإيطالي إنه سيتحدث إلى نظيره التونسي حول المهاجرين غير الشرعيين، مشيرًا إلى أن تونس ليست بها حروب أو أوبئة ومجاعات لتصدّر آلاف المهاجرين.
وأكد سالفيني، وهو رئيس رابطة الشمال اليمينية، في زيارة إلى جزيرة صقلية، ن إيطاليا لن تلجأ إلى العنف في تعاملها مع ملف الهجرة ولكنها "ستتعامل وفق القانون".