قوات من الجيش الجزائري

أكدت مصادر جزائرية رفيعة أنَّ الرئاسة الجزائرية تعد لتغييرات جديدة مهمة في صفوف الجيش الجزائري والمخابرات، تجيء في سياق ملاحقات قضائية معلنة في ملفات فساد، أفضت إلى إقالات في أجهزة الدولة، ولم تعلق الجهات الرسمية على هذه المعلومات الرائجة في الأوساط الجزائرية، فيما توقعت المصادر الإعلان الرسمي لها قد يكون خلال الأيام المقبلة.

وقال وزير سابق معروف بقربه من دوائر الحكم، فضَل عدم نشر اسمه، لصحيفة "الشرق الأوسط" ، " إنَّ الرئاسة بصدد إقالة اللواء سعيد شنقريحة قائد المنطقة العسكرية الثالثة، وعقيد المخابرات كمال بن ميلودي المسؤول الأول عن جهاز الأمن العسكري في العاصمة، واللواء محمد تيراش الشهير بـ"الجنرال لخضر" مدير مركزي مكلف بأمن الجيش بوزارة الدفاع الجزائرية، وتتمثل مهمته في مراقبة سلوك وتصرفات ضباط الجيش أثناء الخدمة وفي الحياة العادية، كما تم إبعاد اللواء أحسن طافر قائد القوات البرية.

وتابع الوزير السابق قوله "أنَّ تغييرات مرتقبة في الأيام المقبلة، وصفها بـ"أكبر عملية تطهير بالمؤسسة العسكرية"، منذ عزل رئيس الاستخبارات محمد مدين، الذي نسب له رفضه ترشح بوتفليقة لولاية رابعة عام 2014.

وأفاد المصدر ذاته أنَّ هذه التغييرات كانت باقتراح من رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح، إذ رفعها إلى الرئاسة التي منحته ضوءًا أخضر لإجرائها. 

وأشار المصدر إلى علاقة الثقة الكبيرة بين صالح والرئيس عبد العزيز بوتفليقة"، ما يعني أنَّه وراء مسار التغيير في المؤسسة العسكرية، و"قلبها النابض" المخابرات، الذي بدأ قبل 5 سنوات، ويتم بتناغم وانسجام بين أكبر مسؤولين حاليا في البلاد (بوتفليقة، 81 سنة وصالح 78 سنة).

وبدأ مسار التغيير في الجهاز الأمني والعسكري عام 2013،. بتجريد الشرطة القضائية للمخابرات من صلاحيات هامة، ارتبطت بتوجيه تهمة رشى لوزير الطاقة سابقا شكيب خليل، المعروف بصلته القوية مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وقاد شنقريحة "الناحية العسكرية الثالثة" لسنوات طويلة، وعرف عنه تشدده مع الإسلاميين المسلحين في فترة الاقتتال الدامي معهم، وبصرامته مع جماعات التهريب والاتجار بالمخدرات، بالمناطق الحدودية مع المغرب، أما العقيد "كمال" (اسم مستعار)، فهو معروف في الأوساط الإعلامية والسياسية في الجزائر العاصمة، بحرصه على تواصله معها منذ استخلافه "العقيد فوزي" عام 2015، الذي اشتهر بـ"غلظته" مع وسائل الإعلام المصنَفة "معادية للرئيس بوتفليقة". وأحكم فوزي، طيلة 10 سنوات، قبضته على موارد الإعلانات الحكومية فمنعها عن صحف اشتهرت بحدَتها ضد الحكومة.

وأما تيراش المدعو "الجنرال لخضر"، فقد تولى عدة مناصب بوزارة الدفاع قبل أن يعيَنه الرئيس مديرًا لأمن الجيش عام 2015، في سياق تغييرات هامة أدخلها على المخابرات، تمثلت خاصة في إنهاء مهام مدين "الجنرال توفيق رئيس "دائرة الاستعلام والأمن". 

وتم حل هذا الجهاز في نفس العام، واستبداله بثلاثة أجهزة أمنية ألحقت برئاسة الجمهورية بدل الجيش، وعين على رأسها اللواء بشير طرطاق المدعو "عثمان" مدير الأمن الداخلي بـ"دائرة الاستعلام" سابقا، الذي أصبح رقم واحد في المخابرات ولكن من دون الصلاحيات الكبيرة التي كانت بحوزة مدين.

وأعلن بيان لوزارة الدفاع أنَّ الفريق صالح سيؤدي زيارة عمل" إلى "المنطقة العسكرية الأولى" (وسط) اليوم الخميس، مشيرا إلى أنَّه سيترأس، باسم رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، مراسم تنصيب اللواء علي سيدان قائدًا للمنطقة العسكرية الأولى خلفا للواء حبيب شنتوف"، الذي تم إقالته قبل أيام. وكانت وسائل إعلام تحدثت مطلع الأسبوع عن تنحية شنتوف ومعه سعيد باي قائد "الناحية العسكرية الأولى" (غرب). وفي وقت سابق، أنهيت مهام مديري الموارد البشرية والشؤون المالية بوزارة الدفاع، وكلاهما برتبة لواء.

واختلف مراقبون في تفسير هذه التغييرات في الجيش والمخابرات، ويقول قطاع منهم بأن قايد صالح هو من يقف وراءها، وبأنه بصدد وضع ضباط معروفين بولائهم له، بدلًا عن المعزولين، فيما يذكر آخرون أن المبعدين أظهروا مواقف معارضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة في الرئاسية المرتقبة بعد 6 أشهر.

وقال الطبيب الجرَاح المعارض للنظام صلاح الدين سيدهم " إنّض عمليات إعادة التوازن في سرايا الأوليغارشيا تتواصل، الهدف منها إطالة عمر النظام وليس شيئا آخر".

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية الخبير في شؤون الجيش قوي بوحنية " يتعلق الأمر برأيي، بسياسة التشبيب داخل الجيش، التي ينفذها الرئيس منذ سنوات، وأعتقد أنه من الخطأ اعتبار أن هذه التغييرات عاكسة لصراع بين الجيش والرئاسة، فالمؤسستان لم تكونا أبدا في انسجام كما هو عليه اليوم".