الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

أطلق نحو 20 معارضا جزائريا، الأحد، مبادرة باسم "مواطنة"، دعت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى "عدم الالتفات إلى دعوات الترشح لفترة خامسة" في الانتخابات الرئاسية المقررة الربيع المقبل.

وبدا أن المبادرة تبنى على رسالة مفتوحة للرئيس رفعها الأشخاص أنفسهم قبل ثلاثة أسابيع، وحملت المطلب نفسه، وقال مؤسسو المبادرة في وثيقة وقعوها إنهم "يحملون السلطة تبعات أي انفلات في الوضع"، منددين بـ"ارتفاع سقف القمع ضد كل من يرفض سياسة الأمر الواقع"، ودعوا الجزائريين إلى "إحداث مبادرات، كل على مستواه، للتعبير عن آرائهم بكل الوسائل السياسية".

وعكست الخطوة توجها متناميا بين معارضين جزائريين يعتبرون انتخابات الرئاسة المرتقبة في الربيع المقبل محطة مفصلية لإعادة تشكيل موازين قوى جديدة، من خلال التصدي لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وأوضحت الوثيقة أن هذا المسعى "يهدف إلى التغيير الحقيقي الجاد الذي تحتاج إليه البلاد، وذلك بتجنيد وتعبئة أكبر عدد ممكن من المواطنين لتغيير منظومة الحكم، وتحضير الظروف اللازمة بالطرق السلمية والهادئة لمرحلة انتقالية تحافظ على البلاد والعباد".

وبين الموقعين على الوثيقة رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور ووزير الخزانة السابق علي بن واري وقادة أحزاب وصحافيون ومحامون، حذروا في وقت سابق من "خطورة ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة"، بسبب "مرضه وعجزه عن التسيير".

وهاجمت الأحزاب الموالية للرئيس هذه المجموعة، وقال الأمين العام لحزب الغالبية "جبهة التحرير الوطني" جمال ولد عباس، إنهم "لا يمثلون إلا أنفسهم، بينما الرئيس يحظى بشعبية لا غبار عليها، وإذا ترشح من جديد سينتخبه الجزائريون".

وأعلنت المجموعة المعارضة رئيسة حزب "جبهة الرقي والتقدم" القاضية السابقة زبيدة عسول، ناطقة باسمها، واستحدثوا "هيئة للتنسيق" ستتولى الترويج لـ"ورقة طريق" تحمل مطالب سياسية، أهمها إطلاق إصلاحات تتضمن مراجعة الدستور.

وتعهد مؤسسو المبادرة "مواصلة الضغط لمنع الولاية الخامسة"، من دون تحديد أدوات الضغط على السلطة المتاحة لهم، ونددوا بـ"الانحرافات الخطيرة للسلطة تجاه الحريات العامة، وحرية التعبير خصوصا، إذ ما زال صحافيون يقبعون في السجون منذ أشهر من دون محاكمة، كما فرضت عليهم عقوبات قاسية، قياسا إلى التهم التي وجهت لهم، وآخرون تم حجزهم في مقار الأمن رغم كونهم شهودا".

واعتبروا أنه "لا يمكن اختزال تغيير النظام في رحيل الرئيس، لأن الجزائر بحاجة إلى إصلاحات سياسية ومؤسساتية عميقة من شأنها إحداث قطيعة نهائية مع أسلوب الحكم والإدارة الحالية"، ودعوا إلى "هبَّة شعبية واسعة ضمن رؤية واضحة وأهداف محددة".

اللافت أن المعارضة تعاني من التشتت بسبب اختلاف الموقف من الحوار مع السلطة، فقطاع يريد "توافقاً" معها مثل "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، وآخر يرفض هذا التوجه مثل الحزب الليبرالي "جيل جديد".

واجتمعت المعارضة في 2014 على خلفية ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، وأسست تنظيما موحدا باسم "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي"، لكن سرعان ما تلاشى هذا التنظيم بعد الاقتراع.

ولا يبدو الرئيس والموالاة مكترثين لمن يعارض استمراره في الحكم، لأسباب عدة، أولها أن بوتفليقة متيقن من أن المعارضة عاجزة عن ترشيح "شخصية من الوزن الثقيل" تقلب الموازين في الانتخابات، كما أن دعم الجيش المستمر منذ 20 عاما ورقة قوية سيوظفها الرئيس لمصلحته إذا ترشح.

وظلّ بوتفليقة صامتا حيال دعوات تمديد حكمه، ويرجح مراقبون إعلان ترشحه قبل أشهر قليلة من الانتخابات، بينما تذهب فرضية أخرى إلى أنه سيختار خليفته، لتفادي تصفية حسابات مفترضة من طرف نظام يقوده شخص آخر "غير مضمون".​