إدوار فيليب رئيس الحكومة الفرنسية

أكّدت تقديرات رسميّة على أن في فرنسا حاليا 1975 مُتشددا بينهم ٢٣ في المائة من النساء، وهو ما يكشف فشلا ذريعا للخطط المتعاقبة التي اعتمدت لمكافحة التشدد و"ابتلعت" نحو عشرة ملايين يورو سنويا.

هذا الإحصاء المثير للذعر لا يأخذ في الاعتبار متشددين غير معروفين من الأجهزة الأمنية، ولا أولئك العائدين إلى فرنسا بعد القضاء على معاقل تنظيم "داعش" في كل من العراق وسورية.

ويعني ذلك أن التشدد حاضر بقوة داخل فرنسا، إذ لا تزال تداعيات الاعتداءات المتطرفة المتكررة التي شهدتها واضحة على صعيد وتيرة العيش.

ونظرا إلى ما تنطوي عليه هذه الظاهرة من تهديد، كان لا بد للسلطات الفرنسية من إعادة النظر في النهج الذي اتّبع لمواجهة التشدد واستند أحيانا إلى أشخاص وهيئات نصبت نفسها على أنها مختصة في هذا الشأن، بدافع الجشع والكسب المادي.

ونتجت من إعادة النظر التي شارك فيها نحو عشرة من الوزراء في الحكومة الفرنسية، خطة كشفها الجمعة رئيس الحكومة الفرنسي إدوار فيليب في مدينة ليل (شمال فرنسا).

وتضمنت الخطة التي "تطمح لأن تكون استراتيجية فعالة في وجه التشدد" كما وصفها مراقبون، نحو ٦٠ بندا، واستهدفت خصوصا المؤسسات التعليمية والسجون والمنظمات الرياضية الشبابية والمصحات العقلية.

وتهدف الخطة إلى مكافحة ما تصفه الأوساط الحكومية بـ"ظاهرة العدوى الأصولية" في أوساط التلاميذ والشباب، وفي السجون الفرنسية حيث يوجد حاليا 512 معتقلا دينوا بتهمة التطرف ونحو 1139 معتقلا من المخلين بالأمن الذين تحولوا إلى أصوليين.

وتقضي الخطة بإحكام عزل المدانين بتهمة التطرف عن سواهم من معتقلين، وتوزيعهم في شكل أفضل على السجون المختلفة، وتأهيل الأشخاص المكلفين برعاية القاصرين العائدين من مناطق "داعش"، وتعزيز الرقابة على المؤسسات التعليمية المستقلة، وتطوير سبل الكشف عن الأصوليين في المؤسسات التعليمية والرياضية ومساندة العاملين فيها.

وحرص فيليب على إحاطة نفسه بوزراء شاركوا في إعداد الخطة وسيتولّون تطبيقها، ليؤكد أن مكافحة التشدد ليست شأنا يعني الشرطة وأجهزة الأمن فحسب، بل هي نهج منسق ينبغي أن يعتمد على المجتمع ككل.

ولا يلغي حسن النيات الذي يستند إليه مسعى رئيس الحكومة الفرنسية، الانطباع بأنه يخوض تحديا يكاد يكون مستحيلا.

ورأى متخصّصون أن نجاح خُطة مكافحة التشدد مرتبط في شكل وثيق بنجاح خطط أخرى منها مثلا، خطة تنظيم الإسلام في فرنسا وخطة إعادة نسج العلاقة بين الضواحي والجمهورية الفرنسية، اللتين أعلنهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

كما أن نجاح مكافحة التشدد مرتبط بالنهوض الاقتصادي في فرنسا وبالقضاء على ظروف التهميش والبؤس التي تغذي الأصولية، إضافة إلى ارتباطها بتغيير المعطيات الدولية والنزاعات التي لها دور بارز في تنامي أعداد المتشددين.