الرئيس عبد العزيز بوتفليقة

تباينت آراء مراقبين في الجزائر، الاثنين، حيال "زيارة العمل" التي قادت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى العاصمة. ففيما اعتبرها بعضهم "حملة مبكرة للولاية الخامسة"، عدها آخرون "زيارة وداع" نظراً إلى حالة التعب التي ظهر عليها، وهي من تبعات مرض يعاني منه منذ سنوات.

وأعدت الحكومة ترتيبات غير مسبوقة لهذه الزيارة، فقد حشدت لاستقبال الرئيس عدداً كبيراً من سكان العاصمة وفريقاً من الخيالة أطلقوا البارود في سماء العاصمة، ابتهاجاً بالخروج الميداني الأول لبوتفليقة منذ 2016. وأشرف على تنسيق التحضيرات، رئيس بلدية الجزائر الوسطى، حكيم بطاش، المعروف بولائه الشديد للرئيس. وقال بطاش لصحافيين عشية الزيارة: سيفاجأ الجزائريون بالاحتفاء الذي خصصناه للرئيس.
 
وانتشر رجال الأمن بكثافة على الطريق الرابطة بين قصر الرئاسة، بأعالي العاصمة، ووسط المدينة على مسافة 6 كلم. ولوحظ وصول حافلات تابعة لبلديات من ضواحي العاصمة، تحمل بداخلها، وفق ما قال رئيس جمعية ثقافية، موظفين في البلديات وتلاميذ مدارس ونشطاء تنظيمات محسوبة على أحزاب موالية لرئيس الجمهورية.

وحط الموكب الرئاسي بـ"ساحة الشهداء" التي أغلقت لسنوات بهدف إنشاء محطة «مترو» فيها. وطاف بوتفليقة في أرجائها الفسيحة وهو على كرسي متحرك، يحيط به ثلاثة من رجال الأمن الرئاسي.

وفي أطراف الساحة، كان عشرات الأشخاص يهتفون بحياة الرئيس حاملين صوره والراية الوطنية.

وتعالت زغاريد النساء من شرفات العمارات العتيقة بالمكان، والتي يعود بناؤها إلى فترة الاستعمار الفرنسي، وتحديداً إلى القرن التاسع عشر. وشوهد رجال الأمن بأسقف العمارات، فيما كان عدد كبير منهم في محيط موكب الرئيس.
 
وتوجه الرئيس وفريق من الوزراء يتقدمهم وزير الداخلية، إلى "جامع كتشاوة" القريب، الذي شهد أشغال ترميم في السنين الأربع الأخيرة، تكفلت بها شركة تركية. ويعود بناء الجامع العتيق المميز من حيث هندسته، إلى القرن السابع عشر، وحينها كانت الجزائر كيانًا تحت حماية العثمانيين. وهو مصنف من طرف "يونيسكو" كأحد المعالم الأثرية العالمية.
 
وتعرض في الـ20 سنة الماضية لأضرار بليغة، استدعت غلقه وكان ترميمه بمثابة هدية من الحكومة التركية.

وأعطى بوتفليقة إشارة فتح المسجد من جديد، ودخل إلى قاعة الصلاة مرفوقاً بوزراء الشؤون الدينية والسكن والأشغال العمومية. ولدى خروجه من الجامع، توقف الرئيس دقائق لتحية الأشخاص الذين كانوا يهتفون بحياته، وظل صامتاً يلتفت يميناً ويساراً رافعاً يده اليمنى باتجاه المتجمعين للترحيب به على سبيل العرفان. وكان من حين لآخر يجمع يديه في إشارة إلى الوحدة، وفهم قطاع من المراقبين هذا التصرف على أنه رسالة مفادها دعوة الجزائريين إلى "الوحدة" في انتخابات الرئاسة (المرتقبة العام المقبل) لتجديد الثقة به، إذا ما ترشح لولاية خامسة. بينما فهمها آخرون بأنها تعني دعوة الجزائريين إلى البقاء موحدين بعد رحيله عن الحكم.

 ويتردد أن هناك في محيط الرئيس من نصحه بالخلود إلى الراحة وعدم التجاوب مع نداءات الترشح لولاية جديدة، علما بأن حزبه "جبهة التحرير الوطني" كان قد ناشده السبت الماضي تمديد فترة حكمه.وبدا الرئيس مرهقاً خلال إطلالته على سكان العاصمة. ولم يسمع للرئيس صوتًا منذ 28 أبريل (نيسان) 2014. تاريخ القسم الدستوري بعد فوزه بولاية رابعة. يومها قرأ فقرة قصيرة فقط من خطاب طويل.

وكان بوتفليقة عدل الدستور عام 2008، ليسمح لنفسه بالترشح لأكثر من ولايتين. وعشية إعلان ترشحه لفترة رابعة (2014)، نشرت وكالة الأنباء الحكومية رسالة منسوبة له جاء فيها أنه لم يكن يرغب في ولاية جديدة "لولا أنكم (أي المواطنين) طلبتم مني بإلحاح الترشح من جديد".