الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله

أعرب الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، عن أمله في أن تسلط القمة العربية بالظهران الضوء على مختلف المشاكل والأزمات التي تعصف بعالمنا العربي. وقال "نتمنى من جامعة الدول العربية بصفة عامة أن تجسد آمال الأمة العربية وتعمل على تحقيقها"، مشددًا على أن الوجود العسكري للدول الكبرى في جيبوتي ليس استقطابًا أو تنافسًا بين هذه الدول على مصالح اقتصادية وإستراتيجية في المنطقة، لكنه لمكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية وحماية الملاحة الدولية. ودعا اليمنيين إلى التكاتف من أجل دعم الشرعية الدستورية، والوقوف إلى جانب هذا البلد وقيادته الشرعية، وإنهاء الانقلاب الذي خلق الفوضى.
 
وتطرق جيله إلى أن جيبوتي تعتبر استهداف الحوثيين للسعودية عدوانًا آثمًا وتهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، وتطورًا خطيرًا في حرب المنظمات الإرهابية ومن يقف خلفها، وبشأن أهم التحديات والقضايا الملحة التي تواجه هذه القمة، أكد أن القمة تأتي في ظرف دقيق بالغ الحساسية يمر به العالم العربي، وفي أوضاع مضطربة تشهدها كثيرًا من البلدان العربية، مثل سورية، واليمن وليبيا والعراق والصومال، إضافة إلى المسألة الفلسطينية التي تمثل القضية المركزية للعمل العربي المشترك، بما في ذلك موضوع القدس الشريف ونقل السفارة الأميركية إليها اعترافًا بها عاصمة لإسرائيل، مما يتعارض مع مقترحات الحلول السلمية المطروحة، إضافة إلى نشاطات التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن في المنطقة العربية برمتها والعالم أجمع.
 
 وفيما يتعلق بالثمار المرجوة من القمة العربية وأهم التوصيات، قال جيله "نتطلع إلى أن تسلط القمة الضوء على مختلف المشاكل والأزمات التي تعصف بعالمنا العربي، وأن تخرج بقرارات مهمة من شأنها الإسهام في حل تلك الأزمات، والحفاظ على الوحدة والتضامن بين الأشقاء، وتعزيز العمل العربي المشترك لما فيه رخاء وازدهار الوطن العربي بعيدًا عن القلاقل والاضطرابات الأمنية والحروب. ونتمنى من جامعة الدول العربية بصفة عامة أن تجسد آمال الأمة العربية وتعمل على تحقيقها. ونحن متفائلون بانعقاد هذه القمة في الرياض بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز".

من ناحية أخرى، أوضح جيله "لا شك في أن الأزمة السورية وكذلك الأزمة اليمنية وما تشهده ليبيا والعراق من أوضاع أمنية مضطربة، أمر يثير القلق. وبخصوص الأزمة السورية، فإننا لا نزال متمسكين بأن الحل الوحيد لهذه المأساة هو الحل السياسي، الذي يحقق تطلعات الشعب السوري، ويعتمد على مقومات الحفاظ على وحدة البلاد، ويصون استقلالها ويعيد لها الأمن والاستقرار"، أما بالنسبة للأزمة اليمنية، قال "فإننا ندعو الأشقاء إلى التكاتف من أجل دعم الشرعية الدستورية، والوقوف إلى جانب هذا البلد الشقيق وقيادته الشرعية، وإنهاء حالة الانقلاب الذي خلق الفوضى في اليمن، وأدى إلى ما أدى إليه من حالة يعيشها الشقيق والجار، وبحيث يكون الحل السلمي والسياسي هو المخرج من هذه الأزمة".
 
وأردف جيله "على الصعيد ذاته، نجدد دعمنا للعراق الشقيق في جهوده الرامية للقضاء على العصابات الإرهابية. كما نجدد دعمنا للأشقاء في ليبيا، وندعو الأطراف الليبية إلى التكاتف وإنهاء الانقسام، بما يحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق بالأمن والاستقرار والرخاء"، متابعًا "نعتبر استهداف الحوثيين لبلاد الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية الشقيقة، عدوانًا آثمًا وتهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، كما أن إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المدن والقرى الآهلة بالسكان مخالف للقانون الدولي الإنساني، وهو تطور خطير في حرب المنظمات الإرهابية ومن يقف خلفها".
 
وتابع جيله "نكرر وقوفنا وتضامننا الدائم مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ضد العدوان السافر، الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة، ويؤدي إلى استمرار حالة الحرب والتصعيد في اليمن الشقيق، الذي نأمل في أن يعود آمنا مستقرا، في ظل سيادة القانون وحكومته الشرعية المعترف بها دوليًا. ونعتبر العدوان الصاروخي هذا، عدوانا علينا نحن، فالسعودية هي الرأس والشقيقة الكبرى".
 
 وبالنسبة للعلاقات السعودية - الجيبوتية على المستوى السياسي والاقتصادي، أشار جيله "تربطنا بالسعودية علاقات أخوية تاريخية متينة تقوم على أسس راسخة من الثقة والتفاهم والتنسيق العالي على المستويات كافة، مما يعكس توافقا تامًا وتناغمًا في الرؤى السياسية في كثير من الملفات والأزمات الدولية والإقليمية، ومن المؤكد أن العلاقات الجيبوتية السعودية، تضرب جذورها في أعماق التاريخ وتمتد إلى ما قبل نيل جيبوتي الاستقلال عام 1977. ومنذ زيارتي الرسمية ولقائي بأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فإن علاقاتنا مع المملكة شهدت نقلة نوعية كبيرة، كما أنها تزداد قوة ومتانة يومًا بعد يوم، وأصبحت إستراتيجية. وأنا على تواصل دائم بأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكذلك ولي عهده الأمير محمد بن سلمان".
 
وأبرز جيله "على صعيد التعاون والتنسيق المستمر، هناك اللجنة الجيبوتية السعودية المشتركة التي تمثل إطارًا عامًا يندرج تحته التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى وجود مجلس مشترك لرجال الأعمال الجيبوتيين والسعوديين".

وبيّن جيله أن "الوجود العسكري للدول الكبرى في جيبوتي ليس استقطابًا أو تنافسًا بين هذه الدول على مصالح اقتصادية وإستراتيجية في منطقتنا، ولكنه موجه في المقام الأول لمكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية وحماية الملاحة الدولية في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم. كما أننا بالمقابل نسعى إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار والتنمية في بلادنا على وجه الخصوص وفي المنطقة على وجه العموم"، موضحًا "انطلاقًا من النقطتين السابقتين، يمكنني القول إنه توجد مصالح مشتركة، كما يوجد هدف مشترك يصبو إليه الجميع، ويتمثل في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وصون السلم والأمن الدوليين".
 
ولفت جيله "تتمتع بلادنا بموقع إستراتيجي مهم عند المدخل الجنوبي لحوض البحر الأحمر، مطلة على مضيق باب المندب الذي يمثل شريانًا ذا أهمية قصوى للاقتصاد العالمي. وجيبوتي بوابة القارة الأفريقية من جهة الشرق ومقر دول مجموعة "إيقاد" وهو التجمع التنموي لشرق أفريقيا. كما أن جيبوتي بوابة لتجمع كوميسا لمجموعة دول التبادل التجاري الحر لجنوب شرقي أفريقيا، الذي يضم في عضويته 19 دولة يبلغ تعداد سكانها نحو 450 مليون نسمة. يضاف إلى ذلك أن جيبوتي تمثل جسرًا رابطًا بين قارة أفريقيا والجزيرة العربية".
 
ونوه جيله بأنه "استقالة رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين جاءت في منتصف فبراير/ شباط الماضي، خطوة في إطار الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد حلول لأوضاع داخلية. وبما أن إثيوبيا دولة صديقة وجارة تربطنا بها العلاقات الإنسانية المتمثلة في التداخل الكبير بين شعبي بلدينا، إضافة إلى روابط التاريخ والحضارة، فإننا نعتبر أمن إثيوبيا مهمًا وجزءًا لا يتجزأ من أمن جيبوتي والقرن الأفريقي قاطبة. ونحن على ثقة بحكمة القيادة الإثيوبية الجديدة وقدرتها على حسن إدارة المرحلة السياسية. ونهنئ الائتلاف الحاكم على اختياره رئيس الحكومة الجديد.
  
وبشأن تصنيف المنظمة الدولية البحرية مضيق باب المندب بأنه منطقة عالية الخطورة، أجاب جيله" يعد مضيق باب المندب منطقة حيوية ذات أهمية قصوى في التجارة العالمية وحركة نقل النفط والبضائع، فهو همزة الوصل ما بين البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، كما يربط البحر الأحمر بالمتوسط، وخلال العقدين الماضيين، كان نشوء وتفشي الجماعات الإرهابية في بعض البلدان المجاورة للمضيق مثار قلق دولي كبير، ففي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2000، استهدف تفجير انتحاري المدمرة الأميركية كول بميناء عدن، مما أسفر عن خسائر.
 
وأضاف جيله "ثم توالت المخاوف بانتشار الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة وداعش في اليمن، وحركة شباب المجاهدين في الصومال، وكذلك ظهور القرصنة في السواحل الصومالية واليمنية، وكل هذه العوامل باتت خطرًا يهدد باب المندب، وتضطلع جيبوتي بحكم موقعها الجغرافي المطل على المضيق بدور مهم جدًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار وضمان سلامة الملاحة البحرية في هذه المنطقة الحيوية، بالتعاون والتنسيق المستمرين مع القوى العالمية كأميركا وفرنسا.
 
على سياق منفصل، أوضح جيله أنه "كانت جيبوتي ولا تزال واقفة إلى جانب شقيقتها الصومال لتسهم في مساعدتها في تجاوز محنها وأزماتها، وذلك باستقبال لاجئي الحروب الأهلية في الصومال مطلع التسعينات وتنظيم مؤتمرات لتحقيق مصالحة وطنية وبناء حكومة ائتلافية تجمع شتات ذلك البلد الذي مزقته الصراعات القبلية والاضطرابات السياسية، والمشاركة العسكرية الميدانية ضمن قوات حفظ السلام الأفريقية "أميصوم" لإعادة الأمن والاستقرار، فنحن مشاركون بأكثر من ألفي جندي ضمن قوات أميصوم المتمركزة في الصومال".
 
وفي الأعوام الأخيرة، بدأ الصومال يستعيد عافيته بعد أن بنى مؤسساته الدستورية بنفسه، وخاض أكثر من تجربة انتخابية ديمقراطية، رغم التحديات الأمنية الجسيمة. وبناء على ما سبق، فإن الصومال بحاجة إلى مساندة قوية من أشقائه العرب، وإلى دعم عاجل لتمكينه من تجاوز أزماته التي طال أمدها، بما يحفظ وحدة أراضيه واستقلاله ويصون كرامته.