حريق مركز تجاري في روسيا

لقى 64 شخصًا على الأقل حتفهم في روسيا، بينهم عدد كبير من الأطفال، وأصيب عشرات آخرون بعدما التهم حريق ضخم مركزًا تجاريًا في مقاطعة كيميروفا الروسية (سيبيريا)، وأثار الحادث الذي وُصف بأنّه واحد من أسوأ حوادث الحريق التي شهدتها روسيا خلال 100 عام، موجة غضب واسعة خصوصا بعدما تبين أن أجهزة الإنذار كانت مُعطلة في المبنى الضخم ومخارج النجاة مغلقة، ونقلت وسائل إعلام روسية ومواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل مروعة، وشهادات سجلها أشخاص في لحظاتهم الأخيرة قبل الموت.

وتواصل ارتفاع عداد الضحايا الإثنين، إذ تضاعف عدد الضحايا تدريجيا مع استمرار أعمال رفع أنقاض أجزاء من المبنى انهارت بسبب الحريق. وأفادت بيانات وزارة الطوارئ مع حلول عصر أمس، بأن عدد 64 ضحية "ليس نهائيا، خصوصا أن 11 شخصًا ما زالوا في عداد المفقودين"، كما أن 46 شخصًا في المستشفيات، ووصفت أوساط طبية حالة 10 منهم بأنها خطرة للغاية.

وكان الحريق شب في المركز التجاري – الترفيهي عصر الأحد، في وقت تكون المجمعات المماثلة مكتظة بالزوار، وخصوصا العائلات التي ترافق أطفالها للترفيه. ولم تتمكن السلطات المعنية من تحديد السبب الرئيسي لاندلاع الحريق، وتشير إحدى الفرضيات إلى احتمال أن يكون نجم عن شرارة انطلقت من إحدى الألعاب الكهربائية في صالات الألعاب الموجودة في الطابق الرابع، بينما لفت بعض الحراس إلى أنهم شاهدوا فتية يلعبون بقدّاحة في إحدى الصالات المخصصة للأطفال، لكن الأكيد هو أن الحريق انتشر بسرعة فائقة، وشمل الطابقين الرابع والثالث.

وخاض نحو 600 رجل إطفاء وإسعاف "معركة حقيقية" بحسب وصف وزارة الطوارئ لمدة 20 ساعة، قبل أن يتمكنوا من السيطرة على ألسنة اللهب، وإخراج مئات الأشخاص وعشرات الجثث. لكن الجزء الثاني من الكارثة وقع بعد إطفاء الحريق بساعات قليلة، إذ انهار صباح الإثنين، سقف المبنى الذي أصيب بأضرار بالغة، ما عقّد عمليات الإنقاذ وتسبب في إعادة اشتعال النيران في بعض أجزاء المبنى.

وقضى القسم الأكبر من الضحايا في الطابق الرابع، بعدما وجدوا أنفسهم محاطين بالنيران ولم ينجحوا في الوصول إلى مخارج الطوارئ التي كانت مغلقة كلها. وقالت الشرطة إنّها تدرس "أخطاء قاتلة" وقع فيها طاقم الحراسة في المبنى الذي لم يكن مدربا على مواجهة حالات مماثلة، وتبيّن أن أحد أفراد فريق الحراسة عطّل أجهزة الإنذار فور وقوع الحريق، بينما تسبب ارتباك الحراس في عدم توجيه الضحايا نحو الممرات الآمنة من ألسنة اللهب.

وكانت المشاهد الأكثر قسوة في صالتي سينما كانتا تعرضان أفلاما للأطفال في الطابق الرابع، وكان بين زوارها تلاميذ صفوف مدرسية مع مدرسيهم. إذ نقل بعضهم شهادات مروعة تدل على أن أحدا في الصالتين لم ينتبه لوقوع الحريق بسبب تعطل أجهزة الإنذار، وأن الوقت كان متأخرا جدا عندما حاول بعضهم الخروج من الصالتين لأنهم وجدوا أنفسهم في منطقة محاصرة بالنيران. وقالت وزارة الطوارئ في وقت لاحق إن إحدى الصالتين "تعذّر نهائيا الوصول إليها، ومات كل من كان فيها".

وفي الممرات خارج الصالات المغلقة، وقعت أخطاء قاتلة أخرى. وقالت إحدى الناجيات، فالينتينا كلوبينكو في حديث لقناة "روسيا - 24"، إنها كانت على اتصال مع ابنتها التي كانت في طريقها مع صديقتها لحظة نشوب الحريق في الطابق الرابع، و"قررتا الذهاب إلى الطابق الرابع للعب. وبدأتا الصعود ورأتا هناك النيران والدخان، وشرعتا بالنزول. لكن الحراس منعوهما". وأضافت "سألتهما: من لا يسمح لكما بالخروج؟ وأجابتا: الحراس. وقالوا لهما: اذهبا إلى السلم الآخر.. وهربت البنتان إلى السلم الثاني واستقبلهما الحراس أيضا ومنعوهما من الخروج ودعوهما إلى الذهاب إلى سلم آخر!. لكن هناك منعوهما من الخروج أيضا. وكان هناك ازدحام وحالة ذعر فظيعة".