الجمعية التأسيسية في فنزويلا

منحت الجمعية التأسيسية الجديدة المثيرة للجدل في فنزويلا نفسها سلطة إصدار القوانين لتحل محل الكونغرس "البرلمان" الذي تقوده المعارضة؛ مما يزيد من الانتقادات لحكومة الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو واتهامه بتكريس الديكتاتورية.

وقالت سلطات الهجرة في بوغوتا إن المدعية العامة السابقة في فنزويلا لويزا أورتيغا وصلت إلى كولومبيا الجمعة ، بعد أن أقالتها الجمعية التأسيسية من منصبها.

وأضافت وكالة الهجرة الكولومبية في بيان "وصلت مدعية فنزويلا العامة لويزا أورتيغا دياز بعد ظهر الجمعة من أوروبا إلى مطار بوغوتا على متن طائرة خاصة، واتمت إجراءات الهجرة ، كان برفقتها زوجها المشرع جيرمان فيرير ، ولم يتضح ما إذا كانا سيطلبان اللجوء في كولومبيا ، هذا الشهر إنها تخشى على حياتها".

وعمليًا لن يغير ذلك كثيرًا من الوضع الراهن؛ فلقد جردت المحكمة العليا التي يهيمن عليها الحزب الاشتراكي البرلمان من صلاحياته ، وألغت تقريبًا القوانين التي أقرها منذ أن هيمنت عليه المعارضة في 2016 ، لكن القرار يشير إلى أن الجمعية التأسيسية التي انتخبت في يوليو/تموز في تصويت قاطعته المعارضة أصبحت مهتمة بتقليص نفوذ المعارضة أكثر من إهتمامها بمهمتها الرسمية المتعلقة بإعادة كتابة دستور البلاد ، وأصر ديلسي رودرييز، وهو حليف لمادورو ورئيس الجمعية التأسيسية، على أن هذه الخطوة لا تعني حل البرلمان.

واختلفت أورتيغا مع الرئيس مادورو في أواخر مارس/آذار ، وأصبحت من منتقدي حكومته التي لا تحظى بشعبية واختبأت بعد أن أقالتها الجمعية التأسيسية ، وأقالت الجمعية أورتيغا خلال جلستها الأولى في الخامس من أغسطس/آب ، لكنها وبعض الحكومات في المنطقة رفضت قبول قرارات الجمعية.

ووجه طارق صعب، المسؤول السابق عن ملف حقوق الإنسان الذي اختارته الجمعية التأسيسية لمنصب المدعي العام، اتهامات فساد لأورتيغا وزوجها.

وتعتبر كولومبيا من بين دول أميركا الجنوبية التي انتقدت مادورو، لكنها أدانت أيضًا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن التدخل العسكري خيار لحل الأزمة ، حيث أن تكتل ميركوسور التجاري في أميركا الجنوبية، إنه لن يعترف بأي إجراءات تتخذها الجمعية التأسيسية.

وأصبحت لويزا أورتيغا واحدة من أشد المنتقدين للرئيس مادورو ، وكانت أورتيغا تنتمي إلى تيار مادورو الاشتراكي، ثم انشقت عنه ، ومنعت من مغادرة الأراضي الفنزويلية وجمدت حساباتها المصرفية.

وفي تسجيل صوتي بث الجمعة في بيوبلا "المكسيك" خلال قمة للمدعين العامين، اتهمت الرئيس مادورو بالتورط في فضيحة الفساد الكبيرة المتعلقة بشركة الإنشاءات البرازيلية "اوديربريشت" ، مؤكدة أن في حوزتها أدلة.

وكشفت أورتيغا من جهة أخرى على موقعها في "تويتر" ، أن عناصر من جهاز الاستخبارات داهموا الأربعاء منزلها، بعد طلب توقيف زوجها بتهمة الفساد ، وكان المدعي العام الجديد صعب، أعلن في اليوم نفسه أنه سيطلب من الجمعية التأسيسية بدء عملية نزع الحصانة النيابية عن جيرمان فيرر، الذي انتقل إلى المعارضة.

وانتخبت الجمعية التأسيسية أواخر يوليو/تموز وسط الفوضى ، واحتج عليها القسم الأكبر من المجموعة الدولية ، ويبلغ عدد أفرادها 545، ويشكل إمساكها بزمام الأمور فصلًا جديدًا من الأزمة السياسية الخطرة التي تعصف بفنزويلا ، حيث أسفرت المظاهرات المطالبة بتنحي رئيس الدولة المنتخب في 2013، على خلفية الأزمة الاقتصادية، عن 125 قتيلًا منذ الأول منذ أبريل/نيسان.

وبدأت الاحتجاجات عندما صادرت المحكمة العليا، المؤسسة المعروفة بقربها من الرئيس، سلطات البرلمان، قبل أن تتراجع عن ذلك بعد 48 ساعة بسبب الاحتجاجات في الداخل والخارج ، وانتقدت أورتيغا النظام آنذاك، منددة بالخروج على النظام الدستوري.

وأعلنت الجمعية التأسيسية، أنها تتولى سلطة التشريع حول المواضيع التي تستهدف مباشرة ضمان السلم والأمن والسيادة والنظام الاجتماعي والاقتصادي والمالي وممتلكات الدولة وصيانة حقوق الفنزويليين.

وسرعان ما احتج البرلمان على هذا القرار، مؤكدًا أن الجمعية التأسيسية باطلة وقراراتها غير شرعية وغير دستورية .

وحصل البرلمان على دعم منظمة الدول الأميركية، عبر أمينها العام لويس الماغرو، الذي أعلن أن قرار الجمعية التأسيسية غير شرعي وغير دستوري ، وطلب عقد اجتماع عاجل لمنظمة الدول الأميركية.

ونفت رئيسة الجمعية التأسيسية ديلسي رودريغيز أن ما حصل هو مثابة حل للبرلمان الذي يحتفظ كما قالت ببعض السلطات ، وأضافت "كلا، على الكسالى أن يعملوا ، البرلمان لم يحل، انصرفوا إلى العمل واحترموا قوانين الجمهورية، يتعين عليكم احترام السلطة التأسيسية".

وكلفت الجمعية التأسيسية صياغة دستور جديد بدلًا من دستور 1999، لكنها حصلت على صلاحيات واسعة جدًا وحصلت على ولاية تستمر عامين؛ مما يعني إلى ما بعد ولاية الرئيس مادورو التي تنتهي في يناير/كانون الثاني 2019.

وتابه دييغو مويا أوكامبوس، المحلل في مكتب "آي.إتش.إس" البريطاني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية ، "بالإضافة إلى عملها على صعيد صياغة الدستور، تصبح بحكم الأمر الواقع السلطة التشريعية التي كانت الحكومة تسعى للسيطرة عليها في نهاية المطاف".

وتضم المعارضة المتحلقة حول تحالف يضم نحو ثلاثين حزبًا، هو طاولة الوحدة الديمقراطية، حققت فوزًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية أواخر 2015، فأنهت بذلك هيمنة التيار التشافيزي لأكثر من 15 عامًا ، لكن المعارضة لم تتمكن من الاستفادة من سلطتها التشريعية؛ لأن المحكمة العليا ألغت كل قرار اتخذته.