الخرطوم ـ جمال إمام
أعلن الرئيس عُمر البشير "الحرب على الفساد في كل مكان"، في خطاب أمام البرلمان السوداني، ووضع الأحزاب "أمام خياري العمل السياسي عبر نبذ العنف أو حمل السلاح، مع رفض الجمع بين العملين العسكري المعادي للدولة والسياسي تحت أي اسم"، موضحاً أن هذا الأمر "ليس تخويفاً أو ترهيباً بل التزاماً بقانون الدستور".
وتابع: "لا يمكن دولة لديها مسؤولية دستورية أن تسمح لقوى تروع مواطنيها وتسلبهم وتقتلهم بأن تشارك في العملية السياسية. وكل من يعتقد أن امتلاك ذراع سياسية أمر ممكن هو واهم وفاقد بصر وأعمى بصيرة، أو مغرر به".
وشدّد البشير على أن القوى السياسية المتحالفة مع الحركات المسلحة "تملك خيار حمل السلاح، وهو ما سنواجهه بالحسم اللازم، أو العمل السياسي الذي يتطلب إعلاناً صريحاً وواضحاً بنبذ العنف وترك السلاح والانخراط في العملية السياسية"، في تلميح إلى تحالف "قوى نداء السودان" الذي يضم المعارضة بشقيها السياسي والمسلح، والذي اختار أخيراً زعيم حزب الأمة الصادق المهدي رئيساً له.
وأوضح البشير أن الحكومة "لن تسمح أيضاً للتنظيمات الطلابية في الجامعات بأن تكون أيادي لحركات تحمل السلاح"، ووعد بفرض الأمن بالقوة داخل الجامعات، وقال: "من يريد أن يعيش في أوهامه ويظل في غيبوبة سياسية ويكابر ليجرب، سنكون له بالمرصاد".
وأطلق البشير مبادرة حوار لصوغ دستور دائم، ودعا المتمردين والممانعين إلى "الالتحاق بالحوار والإسراع في إعلان المشاركة السياسية في الدستور، وتشكيل أحزابهم وتنظيماتهم في العمل السياسي البريء من العنف".
وأعلن الحرب ضد الفساد "في كل مكان"، وضد "المضاربين والمتلاعبين بالاقتصاد الذين لديهم امتدادات إلى داخل المصارف"، وأشار إلى أن "الاقتصاد واجه مطلع العام الحالي مشكلات كثيرة أدت إلى تدهور سعر صرف عملة الجنيه الوطنية في مقابل العملات الأجنبية".
وأوضح أن "ما تسبب في ندرة النقد الأجنبي وتصاعد كلفة العيش هو مضاربة جشعة من حفنة من تجار العملة ومهربي الذهب والسلع التموينية الذين يتحكمون في كل شيء، وساعدهم توغلهم في الجهاز المصرفي في تشكيل شبكات فساد مترابطة هدفت إلى تخريب الاقتصادي القومي من خلال سرقة أموال الشعب، لذا كان لا بد من أن أتدخل بحكم مسؤوليتي الدستورية عن الاقتصاد، وأؤكد أننا سنتابع إجراءاتنا ومعالجتنا كي نسترد أموال الشعب المنهوبة، وأن أحداً لن يُفلت من العقاب، والحرب في بداياتها، ولن تتوقف حتى إنهاء عمليات تهريب الذهب والمضاربة في العملة واحتكار السلع الضرورية".
على صعيد آخر، اختتمت اللجنة الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان محادثات استمرت يومين في الخرطوم، وأعلن وزير الدفاع السوداني الفريق عوض بن عوف وضع علامات على خط الحدود بين الدولتين، تمهيداً لإطلاق المرحلة الأولى من عملية فتح المعابر مع جنوب السودان.
وأكد أن اللجنة الأمنية المشتركة بين البلدين حققت تقدماً كبيراً لإنشاء منطقة آمنة منزوعة السلاح بموجب اتفاق أبرمه الجانبان في شباط (فبراير) الماضي، وتمتد المنطقة المنزوعة السلاح 2100 كيلومتر وبعمق 20 كيلومتراً يحتم انسحاب كل طرف 10 كيلومترات، علماً أن ترسيم الحدود ظل قضية عالقة منذ انفصال جنوب السودان عام 2011.
وأكد رئيس وفد دولة جنوب السودان اللواء شيك راج اليث، حرص بلاده على إزالة كل العقبات التي تعترض عمل اللجنة، والتعاون البناء للمضي قدماً في طريق بناء الثقة والشراكات التي تخدم مصالح الشعبين.