الرئيس السوداني عمر البشير

أكد الرئيس السوداني عمر البشير، أن بلاده ملتزمة بالشراكة الدولية المعززة لدعائم الأمن والسلم الإقليمي والدولي والعمل الجاد لمكافحة التطرف وجرائم غسيل الأموال والاتجار بالبشر.

ولفت الرئيس البشير، خلال كلمة مساء الأحد، بمناسبة احتفالات البلاد بالذكرى، 62 للاستقلال، إلى أن الخرطوم تعرضت لظلم فادح لمدة 20 عاما بسبب المقاطعة الأميركية. وأعرب عن شكره لكل من دعم موقف السودان وساند خلو صحيفته من تهم العقوبات الظالمة من الدول العربية؛ لاسيما المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت ودول أخرى.

من جهة ثانية من المنتظر أن يناقش البرلمان السوداني مرسومين جمهوريين قضيا، بفرض "حالة الطوارئ" في ولايتي كسلا (شرق)، وشمال كردفان (وسط)، ليبلغ عدد الولايات الخاضعة لحالة الطوارئ، 9 ولايات من جملة الولايات البالغة 18 ولاية، وهي خطوة أثارت جدلًا واسعًا، في البلاد... وأسئلة حول جدواها وأهدافها.

وسلم وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشيد هارون، نصي المرسومين الجمهوريين (48) و(50) لعام 2017، بإعلان حالة الطوارئ في ولايتي شمال كردفان وكسلا على التوالي، لرئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، الذي أودعها للإجازة أمس (الأحد)، فيما ذكرت الرئاسة السودانية في مسوقاتها لإعلان حالة الطوارئ في الولايتين، أنها تتعلق بعمليات نزع السلاح من أيدي المواطنين، ومحاربة تجارة المخدرات والاتجار بالبشر، ودواع أمنية أخرى لم تفصلها.

ويعطي دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 رئيس الجمهورية سلطة إعلان حالة الطوارئ في البلاد، أو في أي جزء منها، ويشترط عرضها على البرلمان خلال خمسة عشر يومًا، وتسقط حالة الطوارئ بعد مرور ثلاثين يومًا، إذا لم يجزها البرلمان بمجلسيه، أو بنهاية الفترة التي وافق عليها، أو رفعها بقرار من الرئيس.

وكانت وكالة الأنباء الرسمية (سونا) قد نقلت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أن البرلمان سيشكل "لجنة برلمانية" لدراسة المرسوم، وإعداد تقرير حوله، قبل نظر النواب في إجازته. وعلى الرغم من أن الرئاسة ربطت إعلان حالة الطوارئ في الولايتين، بحملة جمع السلاح، والحرب على المخدرات والاتجار بالبشر، وبأسباب أمنية لم تشرحها، فإن وضع نصف البلاد تحت الأحكام العرفية يفتح الباب لجدل واسع ويطرح أسئلة، فمنذ أعلنت الحكومة السودانية، أغسطس (آب) الماضي، حملة لجمع السلاح في ولايات دارفور وكردفان، وقصره على القوات النظامية،

وبدأت الحملة بتسليم الأسلحة طوعًا، ثم انتقلت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مرحلة الجمع القسري للأسلحة، تم تبرير أوضاع الطوارئ بهذا القرار.
وكان نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن، رئيس الحملة، قد ذكر وقتها، أن الرئاسة تهدف من الحملة لـ"بسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وتحقيق السلام الاجتماعي بين الناس"، بيد أن الحملة واجهت انتقادات، تمثلت في ربطها بتحقيق السلام الشامل في دارفور، ونقلت وسائل إعلام محلية أن رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، والحركات التي تقاتل الجيش الحكومي في دارفور، اشترطت بدء الحملة بنزع السلاح من أيدي من أسمتهم "منسوبي الحزب الحاكم وميليشياته الخاصة"، ورهنوا استكمال الخطوة بتحقيق السلام الشامل.

وتتهم هذه الحركات الحكومة بعدم الحياد في نزع السلاح، وتقول إنها تترك سلاح الميليشيات المؤيدة للنظام دون نزع، وتفضل قبائل تسمح لها بامتلاك السلاح، وتنزعه من أخرى. وسبق أن أعلن الرئيس البشير حالة الطوارئ في ولاية الجزيرة (وسط البلاد) 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحلّ بموجبها المجلس التشريعي (برلمان الولاية)، إثر خلافات داخل الحزب الحاكم، بين والي الولاية والمجلس التشريعي.

وقبل أن تكمل حالة الطوارئ في الجزيرة مدة الخمسة عشرة يومًا المنصوص دستورًا أن تعرض بعدها أو خلالها على البرلمان للإجازة، قرر الرئيس رفعها عن الولاية المذكورة. ولا يرى الكثير من المحللين أن "حملة جمع السلاح" تستدعي إعلان حالة الطوارئ، ويقول الخبير العسكري اللواء أمن معاش، محمد العباس: إن عملية جمع السلاح تواجه الكثير من المشكلات، لكنها ليست حالة قصوى تستوجب "إعلان الطوارئ". ويضيف: "الحملة تواجه ثقافة حمل السلاح؛ لأنه أصبح ضرورة لحماية وتأمين الثروة ومراكز الإنتاج، ولا سيما في مناطق النزاعات"، لكنه أيضًا لا يستوجب حالة الطوارئ.

ويقلل اللواء العباس من إعلان الطوارئ كأسلوب لجمع السلاح، ويرجح أن يكون الإعلان دوافعه مشكلات أمنية إقليمية ودولية، قد تؤثر على المنطقة الشرقية من البلاد، ومن المحاولات الإسرائيلية لإيجاد موطئ قدم في المنطقة، والحروب الإقليمية، ويرجح أن تكون للضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وخشية توتر الأوضاع في البلاد، واحدة من أسباب إعلان حالة الطوارئ في الولايتين، لكنه لا يراها سببًا كافيًا هي الأخرى. بينما يصف المحلل السياسي الدكتور خالد التجاني النور، قرار إعلان الطوارئ في الولايتين بأنه "محفوف بالغموض"، يقول: "ربما تكون هناك دواعٍ لفرض الطوارئ على ولاية كسلا؛ وذلك لقربها من دولة إريتريا التي تشهد نزاعًا مع جارتها إثيوبيًا، إضافة إلى تحركات عصابات الاتجار بالبشر والتهريب، لكن لا أرى داعيًا لفرضها على ولاية شمال كردفان".

وتساءل التجاني، بـ"افتراض أن هذه هي أسباب فرض الطوارئ، فهي ليست جديدة، فما الداعي لفرضها الآن؟"، وقال: "نزع السلاح، والاتجار بالبشر لم تحدث أمس، فهي قديمة"، وتابع: "قرار فرض حالة الطوارئ أحيط بالكثير من الغموض، ولم يكن شفافًا بما يمكن من التحليل السليم".