رئيس الحكومة الأسبق الدكتور أحمد بن بيتور

يتوقع أن تشهد مسيرات «حراك الجمعة الـ14» في الجزائر، تصعيد الشعارات المعادية لقائد الجيش الفريق قايد صالح، بسبب تمسكه برئيس الدولة ورئيس الوزراء، وبتنظيم الانتخابات في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، يأتي ذلك تزامنًا مع منع مسؤول حكومي جزائري كبير، رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور من إلقاء محاضرة لعرض رؤية حول تغيير الحكم و«الانتقال الديمقراطي».

وذكر عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» (إسلامي)، أمس بحسابه بـ«تويتر» أن والي المسيلة (260 كلم جنوب العاصمة) «منع رئيس الحكومة الأسبق الدكتور أحمد بن بيتور من تقديم محاضرة بالمكتبة العمومية بالمسيلة، بدعوة من نقابة أساتذة التعليم العالي». وعد ذلك «دليلا على أن التغيير الذي خرج من أجله الشعب الجزائري لم يتحقق بعد في أبسط المظاهر، إذ لا يزال النظام السياسي يخاف من المحاضرات».

وقال بن بيتور في اتصال مع مصادر إعلامية: «دعاني أساتذة جامعة المسيلة إلى عرض محاضرة حول الأوضاع في البلاد في ضوء الحراك، وكان يفترض أن أحاضر الخميس (أمس)، غير أن أصحاب الدعوة اتصلوا بي لإبلاغي بأن الوالي رفض بحجة أن المكتبة محجوزة لنشاط معين. أنا لا أريد تفسير أو تأويل أي شيء، لكن الأساتذة اعتبروا ذلك موقفا سياسيا من جانب الوالي».

وتكررت مثل هذه التصرفات من جانب ممثلي الحكومة على المستوى المحلي مع نشطاء آخرين، منخرطين في الحراك الشعبي، أبرزهم أستاذ علم الاجتماع الكبير ناصر جابي، والمحامي الشهير مصطفى بوشاشي، حيث جرى منعهما من إلقاء محاضرات في جامعات لأسباب غير معلنة. لكن توحي بأن الحكومة تخشى من تأثيرهم على الفئات التي يلتقون بها، وخاصة طلبة الجامعات الذين يسببون صداعا للسلطة بسبب حرصهم على التظاهر كل يوم ثلاثاء، وإلحاحهم على رحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين، وإلغاء رئاسية يوليو المقبل.

واللافت أن الحكومة لا تجرؤ على منع هؤلاء النشطاء من طرح أفكارهم بالفضاءات العامة بمنطقة القبائل، خوفا من ردة فعل عنيفة من سكانها، المعروفين بمعارضتهم للنظام منذ الاستقلال.

في غضون ذلك، يتوقع نشطاء الحراك مزيدا من التشدد من طرف قوات الدرك اليوم الجمعة، بعد تصريحات قائد الجيش الأخيرة، بخصوص «إعادة النظر في تأطير المسيرات والمظاهرات»، وهجومه على النشطاء. وقد لوحظ أمس انتشار مكثف لرجال الدرك بعرباتهم في مداخل العاصمة. كما طلب من أصحاب سيارات قادمة من ولايات الداخل العودة من حيث أتوا بعد تفتيش سياراتهم، والعثور على منشورات وشعارات معادية لقايد صالح. وتم مصادرة أغراض أشخاص بالمدخل الشرقي للعاصمة، بعد أن منعهم الدرك من دخولها، حيث كانوا يعتزمون قضاء الليلة للالتحاق بالمظاهرات في اليوم الموالي.

ومن مظاهر التشدد الأمني أيضا، إحاطة سلالم البريد المركزي بصفائح سميكة من الحديد للحؤول دون تجمع المتظاهرين بها. علما بأن هذا المكان ظل طيلة الأشهر الثلاثة للحراك الوجهة المفضلة لكل المحتجين ضد النظام. وقد احتضن الأسبوع الماضي مظاهرة مؤيدة للجيش، وبه يلتقي عامة الناس كل مساء، وسط حضور دائم للشرطة لمتابعة تطورات الأحداث.

ومع تطور الأحداث في البلاد، بات واضحا أن الأزمة تتشكل من طرفين: متظاهرين يرفضون التنازل عن مطالبهم. وقائد جيش متشبث بموقفه الرافض للخروج عن «الحل الدستوري». وبسبب ذلك كانت مسيرات الجمعة السابقة موجهة ضده أساسا. والمثير أنه في كل مرة يلقي فيها خطابا بعد المظاهرات، يتهم معارضيه بـ«الخيانة»، ويشدد على أن الشعارات الحادة ضده «من صنيع بقايا العصابة». ويقصد بذلك أنه يوجد وسط الحراك أنصار السعيد بوتفليقة ومدير المخابرات السابق محمد مدين، الموجودين بالسجن العسكري، وأنهم يدافعون عنهما ويعارضون قيادة الجيش.

وأكثر ما يخشاه «الحراكيون» أن «يتهور» قايد صالح، فيشن حملة اعتقالات في صفوف النشطاء بعد أن ضاق ذرعا بهم وبتصريحاتهم للإعلام، وبعد أن صرح بأنه لا «يبحث عن مجد شخصي»، ولهذا السبب خاطبهم بحدة أول من أمس قائلا «ليعلم الجميع أننا تعهدنا بكل وضوح بأنه لا طموحات سياسية لنا سوى خدمة بلادنا».

وقد يهمك أيضاً :

الجيش يهاجم سياسيين بارزين وزعماء أحزاب بسبب المرحلة الانتقالية

قائد الجيش الجزائري يؤكد أن الانتخابات الرئاسية هي "الحل الأمثل"