أهالي القدس

قاطع المواطنون الفلسطينيون من أهالي القدس، عملية الانتخابات البلدية في المدينة، مؤكدين على نهج استمر لعقود، على الرغم من ترشح قائمة عربية هذه المرة. ويتضح من أرقام إسرائيلية، أن أقل من 2 في المائة من العرب الذين يحق لهم التصويت في القدس، وعددهم نحو 250 ألفاً، شاركوا في هذه الانتخابات. وعكس هذا الواقع، التزاماً شبه كامل بالدعوة لمقاطعة الانتخابات البلدية في القدس. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن المقاطعة لم تكن فردية أو عفوية، بل كانت نتيجة ضغوط سياسية وجهود شعبية ووطنية.

وثمّن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، "الموقف التاريخي الثابت لأبناء شعبنا المقدسيين، في عدم مشاركتهم في انتخابات بلدية الاحتلال في القدس، ورفضهم الراسخ لمنح الشرعية لسلطة الاحتلال، التي تنفذ سياسات استعمارية في المدينة"، مؤكداً "أنهم رسّخوا النهج الوطني القائم والمتوارث عبر أجيال، منذ احتلال المدينة في عام 1967، بأن القدس ستبقى عربية فلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين مهما طال زمن الاحتلال".

وقال عريقات: "على الرغم من السياسات الإسرائيلية والأميركية غير القانونية بحق المدينة المقدسة، ومحاولاتها المستميتة لتمرير مخطط (القدس الكبرى)، فإن الحقيقة التاريخية والقانونية والسياسية الوحيدة، هي أن القدس أرض فلسطينية محتلة وجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين المحتلة، وأبناؤها وحدهم من يملكون الحق الحصري في تقرير المصير".

ونوّه عريقات إلى نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات قائلاً: "إن نسبة مشاركة المقدسيين في الانتخابات الأخيرة، التي لم تتجاوز 1.5 في المائة، بما فيها فلسطينيو الداخل، والآخذة بالتناقص على مدار الأعوام، تُدلّل من جهة على إرادة هذا الشعب العظيم وتمسكه بكامل حقوقه غير القابلة للتصرف، وإدراكه مخاطر المرحلة، ومحاولات إشراكه في شرعنة الاحتلال والضم والاستيطان والتهويد، وإلغاء الوجود الفلسطيني من المدينة من جهة أخرى".

وكان عريقات من بين المسؤولين الفلسطينيين الذين دعوا سلفاً، إلى مقاطعة هذه الانتخابات. وهي الدعوات التي عززتها فتوى من المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، محمد حسين، أكد فيها أن مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، قرر إصدار فتوى بتحريم المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال بالقدس، ترشحاً وانتخاباً، "استناداً إلى أدلة واضحة".

ويتضح أن هذه الدعوات لاقت آذاناً صاغية في المدينة، باستثناء حالات محددة وقليلة.

ولم يستجب عشرات الفلسطينيين في منطقة صور باهر ومناطق أخرى، إلى دعوات المقاطعة ودعموا قائمة عربية، وقال بعضهم لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، إنهم صوّتوا جميعاً لقائمة "القدس مدينتي".

وقال جميل العيان (49 عاماً)، الذي صوّت لأول مرة في حياته، "أعطيت صوتي لقائمة رمضان دبش لأننا في حاجة إلى شخص يحارب من أجل مصالحنا وحقوقنا في البلدية"، وأضاف "إننا ندفع الضرائب، لكننا لا نحصل على خدمات مناسبة. إن شاء الله، ستفوز قائمته بعدد كبير من المقاعد وسنرى تحسينات هنا".

وكان دبش، وهو عضو سابق في حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (الليكود)، ووالد لـ12 ابناً، ومتزوج من أربع نساء، قد رشح نفسه متحدياً السلطة والمرجعيات الدينية. وقال دبش، الذي حصل على الجنسية الإسرائيلية عام 1995، في مقابلة أجريت معه في شهر يوليو/تموز: "نحن لا نطلب من أحد أن يصبح إسرائيلياً، أو تغيير ديانته، أو التنازل عن المسجد الأقصى، أو الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي. ما نقوله هو أن علينا أن نضمن الحصول على خدمات أفضل. نحن في حاجة إلى أن يكون لدينا صوت في مجلس المدينة للنضال من أجل حقوقنا".

لكن دبش فشل بشكل ذريع هو وقائمته، كما توقع مسؤولون فلسطينيون وسكان المدينة. ولم يحظ بعدد الأصوات اللازمة حتى في منطقته. وقال سكان من صور باهر، إنهم لم ولن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات، حتى لو فاز فلسطينيون بمقاعد في المجلس البلدي. وقال عزمي (27 عاماً)، وهو من سكان صور باهر، "لا ينبغي على الفلسطينيين التصويت في هذه الانتخابات؛ لأنها محاولة لتعزيز سيطرة الاحتلال على القدس الشرقية. لا ينبغي عليهم أيضاً التصويت لأنه لن ينتج منها شيء. حتى لو فازت قائمة رمضان بمقاعد، فهي لن تكون قادرة على تغيير أي شيء. لن تسمح إسرائيل بحدوث ذلك".

ويتكون المجلس البلدي في القدس من 31 مقعداً، ولا يوجد للعرب أي ممثل، رغم أن الفلسطينيين يشكلون 40 في المائة من سكان القدس، في مناطق استولت عليها إسرائيل في حرب 1967، وضمتها إلى المدينة التي اعتبرتها عاصمة لها، في خطوة لا تحظى بالاعتراف في الخارج. وستجري جولة إعادة بين مرشحين يهوديين لحسم مسألة رئاسة البلدية. ووجهت الحكومة الفلسطينية، التحية إلى أبناء مدينة القدس على إحباط مخطط الاحتلال الأخير، المتمثل في محاولة إشراكهم في انتخابات بلدية الاحتلال.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، "إن أهلنا في مدينة القدس جددوا التأكيد على عروبة مدينة القدس، وهزيمة الاحتلال وأعوانه أمام قدرات شعبنا العظيم". كما وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية المقاطعة المقدسية، بمثابة إسقاط لإعلان ترمب، وإفشال لمخططات "الأسرلة" والتطهير العرقي، وجميع أشكال الضم والتهويد عبر مقاطعتهم الشاملة لانتخابات بلدية الاحتلال.