توغّل المستوطنين في القدس المحتلّة

نشرت دوائر الحكومة الإسرائيلية، بمناسبة مرور 50 عامًا على الاحتلال،  معطيات جديدة عن عدد المستوطنين اليهود في القدس والضفة الغربية، وأثر ذلك على التسويات المقبلة، وأظهرت هذه المعطيات أنّ عدد المستوطنين اليهود في القدس الشرقية المحتلة قد بلغ 220 ألفا وفقًا لإحصائيات 2015، بينما قد بلغ عددهم في الضفة الغربية 380 ألفًا، ويتضّح من التوزيع الجغرافي للمستوطنات أنّ أكثر من 44 في المائة من المستوطنين (168500 مستوطن) يسكنون في مستوطنات تقع خارج الكتل الاستيطانية، وأنّ هناك 97 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة، يسكن فيها آلاف عدّة، وإذا كان يفترض باتفاقية السلام أن تقبل ببقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في مكانها، مقابل تبادل أراض مناسب، فإنه سيكون من الطبيعي إخلاء هؤلاء المستوطنين من المستوطنات العشوائية، ويعمل المستوطنون على توسيع البناء في هذه المناطق بالذات حتّى تكبر العقبات في وجه قيام دولة فلسطينية، وعمليًا فإنّ ثلث المستوطنين يسكنون في مناطق عشوائية خارج الكتل، ولا يخفي قادة المستوطنين أهدافهم، فهم يخطّطون لأن يصل عددهم إلى مليون مستوطن، ويعتبرون أنّه عندما يتحقّق ذلك فإنّه لن يكون بالإمكان رسم خريطة تظهر فيها دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

وصرّح السياسي الإسرائيلي بنحاس فاليرشتاين بأنّ "المستوطنين مدينون لحزب العمل اليساري لأنه أول من وضع أسس الاستيطان وبنيته التحتية، لكن حكومات اليمين هي التّي نهضت بالمشروع الاستيطاني، وعندما وصل حزب الليكود إلى الحكم عام 1977 ازدادت وتيرة الاستيطان بشكل كبير، ففي هذا العام كانت في الضفة 38 مستوطنة يسكنها 1900 مستوطن، وبعد عشر سنوات ارتفع عدد المستوطنين إلى قرابة 50 ألفا يسكنون في أكثر من 100 مستوطنة، كما تغيّرت طبيعة المستوطنات وأصبح في بعضها بلديات، أي أصبحت مدنا بالنسبة إلى إسرائيل.

وأشار مدير مركز "تشريك" لدراسة الصهيونية في الجامعة العبرية في القدس البروفسور هيلل كوهين إلى أنّ إسرائيل بدأت تقيم في الثمانينات مدنًا في الضفة، وأنّ "زيادة عدد اليهود في الضفة أصبحت سياسة حكومية، وقد أعدوا خطة خمسية، ثم خطة لعشر سنوات، وتحدثوا عن كيفية الوصول إلى 100 ألف و300 ألف، وإلى نصف مليون مستوطن"، ولهذا الغرض "وضعت الحكومة سلسلة مغريات أمام الناس، فصار ثمن شقة بمساحة 50 – 60 م.م. في القدس، يقل عن ثمن شقة مساحتها ثلاثة أضعاف في المستوطنات، حسب تعبيره"،

وأشارت إحصائيات إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستغل عامل الوقت لتنفيذ مخطط كبير يرمي إلى تخفيض نسبة العرب في القدس من 38 في المائة حاليًا إلى 20 في المائة في المستقبلـ وحسب الدكتور حسني عبد الهادي، فإنه "في عام 1967 كنّا 65 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، ولم يكن أيّ يهودي. الآن صاروا 220 ألف مستوطن على أراضي القدس الشرقية، ونحن 310 آلاف، والمخطّط أن يُدخِلوا إلى لقدس 300 ألف مستوطن آخر وتقليص عددنا بحيث نبقى 20 في المائة فقط"، موضّحًا أن "هذه الخطة تنفّذ بعدة وسائل نهب وتنكيل، أوّلها هدم البيوت، حيث يوجد الآن 20 ألف أمر هدم، كما صاروا يصدرون مؤخرًا أوامر هدم جماعية، مثل أوامر بهدم حي البستان الذي يأوي نحو 1500 إنسان. وهناك طريقة أخرى تتمثل في سحب الهوية، فقد سحبوا 15 ألف هوية، كما أنّ هناك أسلوب ثالث وهو سحب الأملاك، الذّي يتم وفقًا لقانون يدعى "قانون مركز الحياة"، فمن يغيب عن بيته فترة سبع سنوات، فإن السلطات الإسرائيلية تسيطر على ممتلكاته، وهذا القانون يمسّ أكثر من 120 ألف نسمة، وفوق هذا كلّه فإنهم لا يتيحون لمن يريد أن يبني بيتًا بطريقة منظّمة ويحرمون الفلسطينيين من رخص البناء"، ويتابع حسني قائلًا: "نحن في حاجة الآن إلى 40 حتى 50 ألف وحدة سكنية، لكنهم لا يعطون التراخيص الكافية وقد تكاد تكون صفرًا، ففي سنة 2008 منحونا 18 رخصة بناء فقط، منها سور مقبرة اعتبروه ترخيصا لبناء"، مؤكّدًا أنّ هناك عمليات تيئيس للمجتمع الفلسطيني تستهدف حمل أهل القدس على الرحيل، مثل سياسة الإفقار وإهمال البنى التحتية والتعليم وغيرها".