ورقلة

أجمع جامعيون على أن قرار ترقية 10 مقاطعات إدارية بجنوب الوطن إلى ولايات بصلاحيات كاملة، يكتسي أهمية بالغة خصوصا من حيث تقريب الإدارة من المواطن وتعزيز اللامركزية، بما يستجيب لمتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.في هذا الإطار، يرى الأستاذ سليمان ناصر من جامعة قاصدي مرباح بورقلة، أن القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، القاضي بترقية المقاطعات الإدارية تيميمون وبرج باجي مختار وأولاد جلال وبني عباس وعين صالح وعين قزام وتقرت وجانت والمغير والمنيعة إلى ولايات بصلاحيات

كاملة وفقا لقانون التنظيم الإقليمي الجديد، يكرس مبدأ تقريب الإدارة من المواطن بمناطق الجنوب التي تتميز بمساحات شاسعة وبمسافات متباعدة. وأضاف أن تعزيز لامركزية الإدارة سيساهم في تشجيع روح المبادرة لدى المسؤولين على المستوى المحلي وفك العزلة، خاصة عن مناطق الظل، بما يعزز تطويرها تنمويا، مشيرا إلى أنه "من غير المعقول مثلا، أن يتنقل مواطن من مدينة عين صالح لمسافة بأكثر من 700 كلم إلى مقر الولاية تمنراست من أجل استخراج وثيقة أو إيداع ملف إداري"، من منطلق أن هذا القرار الذي يندرج في إطار إصلاح

الإدارة العمومية "سيخفف من الأعباء البيروقراطية''.ويرى الأستاذ سليمان ناصر أن أبرز التحديات التي يمكن أن تواجه هذه الولايات الجديدة، تتمثل في عائق التمويل، بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية التي تمر بها البلاد جراء انخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، مشيرا في هذا الشأن إلى أن الولايات الجديدة تحتاج حاليا إلى نوعين من الموازنات وهما موازنة لتجهيز بناء المقرات الإدارية وأخرى لتغطية متطلبات التسيير (أجور الموظفين وغيرها من النفقات).من جهته، أوضح عصام بن الشيخ أستاذ محاضر بنفس الجامعة، أن استحداث

هذه الولايات يندرج ضمن مساعي الدولة الرامية إلى إصلاح سياسي وإداري في البلاد، فضلا عن تكريس اللامركزية الإدارية ميدانيا قصد المساهمة في تخفيف الأعباء عن الدولة.ويرى الاستاذ المحاضر أن ترقية المقاطعات المنتدبة إلى ولايات بصلاحيات كاملة، ستؤثر بشكل إيجابي في تحصيل الجباية والضرائب بالخصوص، فضلا عن ضمان الاستقلالية الإدارية والمالية الضرورية لدفع عجلة التنمية بها وتلبية احتياجات الساكنة. وأبرز في هذا الشأن أهمية تشبيب المجالس المنتخبة (بلدية وولائية) والتنسيق بين الجماعات المحلية من ولاية ودوائر وبلديات

بما يخدم المصلحة العامة، مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة أن ترتكز السياسات العمومية في إدارة الجماعات المحلية على التشاركية، إلى جانب ترشيد استغلال الموارد المتاحة بهذه الولايات الجديدة.بدوره، أبرز الأكاديمي فؤاد جدو من جامعة محمد خيضر ببسكرة، أهمية ترشيد استغلال الموارد المتاحة بالولايات العشر الجديدة بالشكل الذي يعزز قدراتها على مختلف الأصعدة، مؤكدا في هذا الصدد على أهمية عقلنة استغلال الموارد البشرية والاقتصادية والطبيعية التي تزخر بها هذه المناطق، على اعتبار أن المستقبل يحتاج إلى ترشيد النفقات العمومية

وترقية في نفس الوقت الأداء الاقتصادي والتنموي للاستجابة لتطلعات الساكنة خصوصا في مناطق الظل.واستعرض الجامعي الانعكاسات الإيجابية لقرار إعادة تشكيل خريطة ولايات الجنوب، بما يساعد على تحسين المستوى المعيشي للساكنة وتخفيف الضغط عن الجماعات المحلية الحالية، مضيفا أن التوجه نحو اللامركزية يكتمل أيضا بتعزيز الإدارة الرقمية وتوسيع نطاقها. وأوضح أن أهمية هذا القرار تكمن في ترقية التنمية المحلية، بما يتماشى مع متطلبات وخصوصية كل منطقة، مشيرا إلى أن دفع عجلة التنمية المحلية بهذه الجماعات يكون من

خلال تجنيد الإمكانيات وإطلاق مشاريع في مختلف القطاعات وتطويرها، على غرار الطاقة والفلاحة والصناعة والسياحة، التي من شأنها توفير الثروة ومناصب الشغل دون إغفال الاستثمار في الرأسمال البشري الذي يعد أكبر تحد للولايات الجديدة.كما تطرق الأكاديمي إلى التحديات الأمنية لهذه الولايات التي يعتبر أغلبها ولايات حدودية، معتبرا أن "التهديدات الأمنية القادمة بالخصوص من دول الساحل الإفريقي تجعل أمن الجزائر أولوية لمواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وشتى أشكال الجريمة". في سياق متصل، ثمن الأستاذ سالم أقاري من

جامعة الحاج موسى أق أخاموك (تمنراست) هذا القرار "الذي طالما انتظرته ساكنة أقصى جنوب الولاية"، مشيرا إلى أنه سيسمح بإعادة هيكلة هذه الولايات ويضمن ممثلين لها في المجلس الشعبي الوطني، كما سيجعلها تنعم باللامركزية في تسيير الشؤون المحلية من منطلق تقريب الإدارة من المواطن. وأضاف أن "ترقية المقاطعة الإدارية عين قزام (420 كلم من تمنراست) إلى ولاية بصلاحيات كاملة مثلا، من شأنه امتصاص البطالة واستحداث مناصب شغل وتجنيب الساكنة معاناة التنقل بين عين قزام وعاصمة الولاية".وتطرف إلى بعض التحديات

التي ستواجه الولاية الجديدة عين قزام في الجانب الاقتصادي، كون المنطقة تفتقد حاليا للأنشطة الاقتصادية المدرة للمداخيل، بسبب انعدام هيكلة اقتصادية واضحة ومنظمة، بالإضافة إلى قلة أنشطة الاستثمار مقارنة بالنشاط التجاري الموازي، مشيرا إلى أن المنطقة ذات خصوصية رعوية بامتياز ويقل فيها الاهتمام بالنشاط الفلاحي، مع أنها تتوفر على أراض شاسعة يمكن استصلاحها، كما يمكن بعث أنشطة اقتصادية بها وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل التجارة الخارجية مع دول الجوار. أما من الناحية الاجتماعية، فيرى الجامعي أن ولاية

عين قزام تحتاج إلى تعزيز هياكلها الاجتماعية خاصة بقطاعات التربية والصحة والثقافة، فضلا عن تشجيع الإطارات المحلية وإتاحة الفرص أمامهم للمساهمة في الحركية التنموية وفتح أبواب التوظيف أمام الشباب حسب احتياجات الإدارات التي ينتظر استحداثها.

قد يهمك ايضاً

جامعة ورقلة تؤكد دخول الحاضنة التكنولوجية حيز الخدمة منتصف نوفمبر

متطرف مطلوب يُسلم نفسه للسلطات الجزائرية في ولاية "ورقلة"