رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق سيد أحمد غزالي

لا يختلف اثنان في أن تاريخ إيران في نشر التطرف ليس وليد الساعة بل يعود لعقود خلت، إذ لم يطأ الخميني عتبة الثورة الإيرانية أواخر السبعينات إلا وإيديولوجيته المتطرفة معه، ولم يهيمن على سدة الحكم بإيران إلا بعد أن كبلها بأصفاد التطرف، ونشر التطرف في إيران دستوريًا وميدانيًا مستغلًا نفوذه.

ولم يتوقف عند ذلك الحد فقط بل ضخ التطرف والميليشيات للدول الأخرى تنفيذًا لمطامع إيران التوسعية بغية الهيمنة، وقد ترجمت سياسة الخميني على أرض الواقع ليس في دول الجوار فقط بل امتدت حتى شمال أفريقيا وتحديدًا الجزائر، لما لهذا البلد من أهمية جيوسياسية في المنطقة.

وكما يقال وشهد شاهد من أهلها، فما بالك إذا جاءت الشهادة من شخصية كانت من صناع القرار بالجزائر خلال التسعينات أو ما يعرف بالعشرية السوداء.

واستذكر رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، سيد أحمد غزالي، الفترة التي قضاها على رأس الحكومة مطلع التسعينات، شارحًا بعض القرارات المهمة التي اتخذها آنذاك على غرار قرار قطع العلاقات مع إيران رسميًا في عام 1992.

قرار قطع العلاقات مع إيران

وأفصح غزالي قائلًا كنت رئيس الحكومة في عهد الرئيس الراحل محمد بوضياف، وهو من اتخذ القرار بقطع العلاقات مع إيران باقتراح من حكومتي، والتنفيذ جاء بعد اغتياله، مضيفًا "لو لم يكن لديه الدلائل والمعطيات التي تستدعي ذلك لما كان ليتخذ هكذا قرار".

وأردف "أتى هذا القرار، بعدما لاحظنا أن هذا النظام يتدخل في شؤوننا الداخلية وأيد الإرهاب ماديًا ومعنويًا". وتابع يقول إن أخطر ديكتاتورية تستخدم الدين هي دكتاتورية الملالي، فهي تسعى للسيطرة على كل بلدان المنطقة، مستعملة أسلوب الدسائس والعنف وزعزعة استقرار الشعوب والأنظمة، ولا تعمل على تنفيذ مخططاتها سرًا بل يجهرون بها.

وأوضح غزالي الذي تولى أيضًا منصب وزير الشؤون الخارجية بين سنتي 1989 و1991، كانت الجزائر وقتها قد اتهمت إيران بدعم الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة بالمال والسلاح، فيما كانت البلاد تنجرف بقوة نحو مستنقع الدم والأزمة الأمنية التي تلت قرار وقف المسار الانتخابي، فيما كانت " الجبهة الإسلاميةللإنقاذ" المعروفة اختصارًا بـ"فيس" قاب قوسين أو أدنى من تحقيق فوز كبير بالدور الثاني من الانتخابات التشريعية، التي جرت شهر ديسمبر/ كانون الثاني 1991.

ولا يخفى على أحد أن قرار قطع العلاقات بين البلدين أتى عقب سيل من التحذيرات وجهتها الجزائر لطهران آنذاك، بدأت مطلع سنة 1992 بطلب سحب السفيرين من البلدين ردًا على إدانة طهران لإلغاء المسار الانتخابي وتخفيض تمثيلها الدبلوماسي، ولم تعد العلاقات على طبيعتها إلا بعد مجيء الرئيس بوتفليقة إلى سدة الحكم عام 1999.

كما اتهم غزالي طهران بنشر المذهب الشيعي  بالجزائر وبعض الممارسات الغريبة على المجتمع الجزائري قائلًا "علمنا بعدها بأن الإيرانيين يعملون من خلال شبكاتهم داخل الجزائر، ومن خلال ترويج زواج المتعة، وبدأوا باستقطاب وتجنيد الشباب الجزائري ".ويعد غزالي، رئيس ما يعرف بـ"المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، من أبرز السياسيين الجزائريين القلائل الذين يساندون المعارضة الإيرانية، فقد نشط الكثير من المظاهرات المؤيدة لهم بالعاصمة الفرنسية، كما يصنف ضمن أكبر منتقدي السلطات الإيرانية الحالية.

ونوه المسؤول الجزائري بأن إيران تدعي الإسلام، بيد أنها قتلت أكبر عدد من المسلمين من أي بلد آخر في العصر الحديث. مشددًا في السياق ذاته أنه ليس هناك أي حل للبلدان العربية والإسلامية إلا باستئصال ما أسماه بالورم السرطاني الذي يعرف نفسه بنظام ولاية الفقيه.

وتساءل غزالي في الأخير بأسف كيف أن البلدان التي كانت مركز الحضارات كالعراق وسورية واليمن، أضحت فريسة هذا النظام وممارساته الهدامة، لافتًا إلى أن النظام الإيراني يقف وراء كل المحن والحروب والدمار التي تحدث في بعض الدول العربية، كما كان في الجزائر في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات.