وزير الخارجية المصري سامح شكري

أعلنت مصر اليوم الثلاثاء، رفضها القاطع إلى أي محاولة أحادية للمساس بالوضع القانوني للقدس على مسيرة السلام في الشرق الأوسط والأمن والاستقرار في المنطقة، كما أكدت وبشكل قاطع ولا لبس فيه رفضها لما يسمى بـ"قانون القومية" الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، وما ينطوي عليه من تكريس لمفاهيم الاحتلال والفصل العنصري، وإهدار لأسس العملية السلمية برمتها، وإجهاض إلى أي جهد لاستئناف المفاوضات.

ونقلت جريدة "الشروق" عن وزير الخارجية سامح شكري قوله خلال كلمته أمام الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية والتي ترأس فيها وفد مصر "لا شك أن أمتنا العربية تواجه أزمات عصيبة تعصف بأكثر من قطر عربي، وأن النظام الإقليمي العربي يواجه تحديا وجوديا لم نعرف له مثيلا منذ تأسيسه قبل أكثر من سبعين عاما. والسؤال هو، كيف نرتقي جميعا إلى مستوى هذه المسئولية، وأن نستعيد زمام المبادرة لمواجهة هذه الأزمات، وتجنيب منطقتنا مخاطر الانهيار الداخلي، ومحاولات التدخل الخارجي في شؤونها".

منعطف خطير أمام القضية الفلسطينية  
وذكر أنَّه على رأس هذه الأزمات تأتي القضية الفلسطينية التي تمر بمنعطف خطير، يهدد بتقويض حل الدولتين وتهديد أسس الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، في ظل استمرار الاحتلال وسياسة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة والاعتداء المتواصل على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وهو أمر لم يعد مقبولا الصمت حياله أو التجاوز عنه.

وأضاف شكري أن "التسوية التي نريدها جميعا لا يمكن أن تتم إلا على أساس استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه كافة المشروعة والتاريخية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وستدعم مصر خيارات الشعب الفلسطيني بشكل كامل، كما ستواصل جهودها لدعم المصالحة الفلسطينية، وللمساعدة على التغلب على العقبات التي تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".

اجتثاث التتطرف أولوية مصرية
وأشار سامح شكري في كلمته إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر في الفترة الأخيرة لاجتثاث التطرف، سواء من خلال المواجهة الميدانية التي تقوم بها قواتنا الباسلة في إطار عملية "سيناء 2018"، أو من خلال المواجهة الفكرية والدبلوماسية الرامية لمحاربة الفكر المتطرف ومواجهة التنظيمات المتطرفة وكل من يدعمها ماليا أو لوجيستياً أو يوفر المنابر الإعلامية لبث الكراهية وخطاب التحريض.

وتابع القول "أقولها بمنتهى الصراحة، لقد نفد الصبر حيال هذه الأطراف المُصرَّة على الوقوف على الجانب الخاطئ من التاريخ، ولن تتسامح مصر مع كل من تورط في دعم التطرف أو التحريض أو التدخل في شؤون الدول العربية بأي شكل من الأشكال".

تعزيز التعاون الدولي لمكافحة التطرف
وجدد الشكر للدول العربية الشقيقة التي ساندت المساعي المصرية في المحافل الدولية والإقليمية لاستصدار قرارات تعزز من المنظومة الدولية لمكافحة التطرف، وقال "فإنني أؤكد على أهمية تفعيل التعاون بين دولنا، لوضع رؤية عربية موحدة ومتسقة لمكافحة التطرف، وتفعيل قرارات جامعة الدول العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".

حل سياسي لوقف نزيف الدم السوري
وقال شكري في الشأن السوري "لم يعد مقبولا أن يستمر نزيف الدم السوري، في ظل تعطل كامل لمسيرة الحل السياسي، ومحاولات مكثفة من أطراف إقليمية لاستغلال الأزمة الممتدة التي تعيشها سورية الشقيقة، لإيجاد مواطئ أقدام لنفوذها وخدمة مصالحها الضيقة وأهدافها السياسية والطائفية".

وشدد على أن "هناك مسؤلية علينا جميعًا تجاه أشقائنا السوريين الذين يتطلعون لموقف عربي قوي، يؤكد أن العرب لم يتخلوا عن سورية، وليسوا على استعداد لتركها ساحة لتسوية صراعات إقليمية ودولية بالوكالة".

وقال "ويجب علينا جميعًا أن نوجِّه رسالة واضحة ولا لبس فيها إلى المبعوث الأممي بأن الوقت حان لإطلاق مسار لجنة صياغة الدستور بشكل فوري ومن دون إبطاء، كمقدمة لاستئناف المفاوضات السياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، فلم يعد مقبولا أن تستمر حالة المراوحة في المسار السياسي، وأن تتحول العملية السياسية في سورية إلى رهينة في أيدي أطراف تستخدمها كورقة تفاوضية لخدمة مصالح وتسوية صراعات لا ناقة للشعب السوري فيها ولا جمل".

موقف عربي واضح لحماية وحدة ليبيا
وتطرق شكري إلى الشأن الليبي، وقال "لم يعد مقبولًا أن تصبح ليبيا ساحة أخرى للتدخلات الخارجية، وبيئة حاضنة إلى المنظمات المتطرفة، والمطلوب هنا أيضًا هو موقف عربي واضح، يؤكد التزام كل الدول العربية بالحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسلامة مؤسسات الدولة الوطنية فيها، ورفض التدخلات الخارجية كافة في الشأن الليبي".

وأشار إلى استمرار مصر في جهودها لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بوصفها الضمانة الأمنية الضرورية وحجر الزاوية الذي يمكن أن يدفع مسار الحل السياسي في ليبيا للأمام. وقال لقد آن الأوان لإنجاز عناصر مبادرة الأمم المتحدة للحل في ليبيا كافة، التي مر عام كامل على إطلاقها من دون إحراز تقدم يُذكر لتنفيذها، ولم يعد مقبولًا أن تستمر معاناة أبناء الشعب الليبي، ويجب أن نوجِّه جميعًا رسالة واضحة تدعو الأطراف الليبية كافة إلى إنهاء حالة الاستقطاب السياسي واستعادة جسور الثقة المفقودة فيما بينها، وإعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق كل اعتبار آخر".

الحل السياسي الشامل أولوية
وجدد شكري موقف مصر الداعم إلى جهود المبعوث الأممي في اليمن، مشددًا على أنه لا مفر من الحل السياسي الشامل على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومقررات الحوار الوطني، ليستعيد اليمن الشقيق وحدته ودوره، في ظل قيادة حكومته الشرعية التي ندعمها جميعًا.

واعتبر وزير الخارجية المصري أن تعنت ميليشيا الحوثي ورفضها المشاركة في المفاوضات السياسية والتجاوب مع مساعي المبعوث الأممي، يعكس تمسُّكًا غير مقبول بمنطق الغلبة والاستقواء بأطراف إقليمية لفرض الوصاية على سائر أبناء الشعب اليمني.