سعد الحريري

شهدت جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت اليوم الأربعاء برئاسة سعد الحريري، انقساما حادا بشأن إعلان وزراء "حزب الله" وحلفائهم داخل الحكومة عن زيارات رسمية إلى سورية، مما يشكل خروجًا عن مبدأ النأي بالنفس عن الأزمة السورية الذي اعتمده لبنان منذ العام 2011. وأثار موقف وزراء "حزب الله" احتجاجا من وزير الداخلية نهاد المشنوق، ووزراء حزب "القوات اللبنانية" الذين اعتبروا أن أي زيارة إلى سورية يجب أن تتم بصفة شخصية.

وقد ترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ظهر اليوم في السراي الحكومي جلسة عادية لمجلس الوزراء. وبعد انتهاء الجلسة في الثالثة والنصف بعد الظهر، أدلى وزير الإعلام ملحم الرياشي بالمعلومات الرسمية الآتية: "عقد مجلس الوزراء جلسته في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري وفي حضور الوزراء الذين غاب منهم الوزراء غازي زعيتر، يعقوب الصراف ويوسف فنيانوس.

استهل الرئيس الحريري الجلسة بالتشديد على قرار مجلس الوزراء إعطاء الجيش الأمر باتخاذ ما يلزم وفي الوقت الذي يراه مناسبا لحسم معركة جرود القاع ضد الارهاب، وأكد الرئيس الحريري أهمية النأي بالنفس كسياسة عامة لحكومة استعادة الثقة وعدم توريط لبنان في صراع المحاور. بعد ذلك ناقش مجلس الوزراء جدول اعماله وأقر معظم بنوده، والبند الذي لم يقر وتم تحويله الى لجنة هو البند المتعلق بمشروع قانون الابنية التراثية، وكان النقاش مستفيضا حول موضوع بورصة بيروت".

سئل: ماذا عن النقاش الذي حصل بالنسبة الى زيارة بعض الوزراء لسورية؟ أجاب: "مجلس الوزراء لم يتخذ قرارا بهذا الموضوع. لقد تم نقاش مستفيض حوله، لكن نقاشات مجلس الوزراء تبقى ملكه، والاهم ان اي قرار من مجلس الوزراء كان واضحا في كلام الرئيس الحريري النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الاقليمية، واذا أراد الوزير زيارة سورية يذهب بنفسه وليس بقرار من مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء نأى بنفسه عن المحاور الاقليمية باعتبار أن الحكومة هي حكومة وحدة وطنية، وأي زيارة ستتم لن تكون بقرار من مجلس الوزراء".

ونتيجة لذلك، عقد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مؤتمرا صحافيا في معراب بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، منتقدا "محاولات بعض الأفرقاء التنسيق مع "الرئيس" بشار الأسد بهدف تعويمه، كمثل اقتراح زيارة بعض الوزراء لسوريا لأهداف اقتصادية".

وقال: "شكلت هذه الحكومة وفق أسس واضحة، فنحن نعرف كلبنانيين أن لدينا اختلافات كبيرة في وجهات النظر سواء على المستوى الاستراتيجي أو السياسة الخارجية أو المشاركة في القتال في سوريا أو توحيد السلاح داخل الجيش اللبناني وسواها، ولكننا اتفقنا على أن هذه الخلافات لن تحل اليوم فتوافقنا على تمرير شجون اللبنانيين وشؤونهم الى حين التوصل الى حل المعضلات الموجودة. ولكن صراحة، منذ أن شكلت الحكومة بدأ البعض بخرق هذا المبدأ ومخالفته، فعلى سبيل المثال بعد شهرين على التأليف وبعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأسبوعين من جولة خليجية ناجحة، نفاجأ بتصريحات للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يهاجم فيها بشكل عنيف دول الخليج، وبعدها سمعنا تصريحات أخرى تدعو الى إدخال مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين الغرباء الى لبنان بحجة إمكان تعرض لبنان لهجوم اسرائيلي، والمستغرب أن البعض يتناسى وجود أفرقاء آخرين في لبنان وان هناك حكومة شرعية مسؤولة تحدد ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها في هذا السياق، عدا عن الكثير من الخروقات لمبدأ وجود الدولة".

وإذ لفت الى "أننا كنا نعض على الجرح ونطرح الموضوع داخل مجلس الوزراء إيمانا منا بعدم ترك البلد سائبا"، انتقد جعجع "كل المحاولات التي شهدها مجلس الوزراء ومن ضمنها محاولة اليوم لاستخدام لبنان وحكومته لتعويم نظام بشار الأسد. فمنذ تشكيل الحكومة بدأ البعض، لاعتبارات إقليمية معروفة، استخدام مجلس الوزراء اللبناني لإعطاء نوع من الشرعية للرئيس بشار الأسد".

وذكر جعجع "بمحاولة بعض الأفرقاء إقناع اللبنانيين بعدم إمكان إعادة النازحين إلا من خلال التواصل مع الحكومة السورية"، مستشهدا بالقرارات "التي اتخذتها كل من الحكومتين التركية والأردنية في هذا الاتجاه بحيث أعادتا نحو 100 ألف نازح الى مناطق خفض التصعيد في سوريا بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية، ونحن نطالب بأن نحذو حذوهم"، مجددا التأكيد "أن هؤلاء النازحين ما كانوا لينزحوا لولا نظام بشار الأسد".