مدينة "بن قردان" في حالة احتقان


تشهد مدينة "بن قردان" جنوب تونس، حالة احتقان وغليان، بعد أكثر من شهر ونصف على إغلاق الجانب الليبي معبر رأس جدير الحدودي أمام الحركة التجارية، وتشديد الرقابة على تهريب السلع والوقود إلى تونس.

وعاشت المدينة التي تعمل أساسًا على التجارة مع ليبيا، في الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء، حالة من تحركات احتجاجية تطورت إلى مواجهات متفرقة بين قوات الأمن وعشرات المحتجين من أهالي المدينة، الذين يطالبون السلطات بالتدخل لإيجاد حل لإعادة فتح المعبر، وتنفيذ الوعود التي أطلقتها بتنمية المنطقة وخلق فرص عمل لأبنائها.

وأكد حسن العلمي وهو ناشط من المجتمع المدني في المنطقة، أن المطلب الأهم والعاجل لأهالي المدينة، يتمثل في تدخل السلطات من أجل إيجاد الحلول الضرورية مع الجانب الليبي لإعادة فتح معبر رأس جدير وتسهيل انسياب السلع من دون تعطيلات من الطرفين، مضيفًا أن إغلاقه تسبب في قطع أرزاق آلاف العائلات التي كانت تقتات من التجارة مع ليبيا.

ويلقي سكان مدينة بن قردان باللوم على سلطات بلادهم، لعدم تركيز مشاريع تنموية واقتصادية تضع حدًا لارتباط جهتهم الكلي بليبيا، ويقول العلمي لـ"العربية.نت" في هذا السياق إنّ فتح معبر رأس الجدير هو جزء من الحل، ليبقى الحل هو تركيز مشاريع تنموية بديلة في المنطقة توفر فرص عمل للشباب العاطل، حتى لا تبقى بن قردان رهينة المعابر الحدودية والأوضاع الأمنية المتقلبة في ليبيا.

ويعتمد قرابة 80% من سكان بن قردان والمناطق القريبة منها على التجارة الحدودية، وعلى جلب السلع والوقود من ليبيا، بسبب افتقارها إلى مشاريع صناعية أو تنموية بديلة، لكن إغلاق الحدود من قبل السلطات الليبية منذ شهر يوليو/ تموز الماضي، أدى إلى شلل الحركة التجارية وأيقظ الاحتجاجات في المدينة.

نبّه الناشط الحقوقي في مدينة بن قردان مصطفى عبد الكبير، من خطورة تواصل الصمت الحكومي على هذه الأوضاع وتداعيات عدم التدخل لحل الأزمة، مضيفًا أن هذا الأمر سينتج عنه ارتفاع شرارة الاحتجاجات وتواصل حالة الاحتقان، وهي حالة توفر فرصة للأطراف المتربصة بالأمن التونسي في ليبيا التي تعيش حالة حرب، للتسلل وتنفيذ أجنداتها داخل الأراضي التونسية.

ودعا عبد الكبير في تصريحات صحافية، السلطات إلى ضرورة التحرك الفوري لإعادة التهدئة إلى المناطق الحدودية، وإيجاد حلول مع الطرف الليبي لإعادة فتح معبر رأس جدير الذي يمثّل المنفذ الرئيسي حركة التجارية البريّة بين البلدين.

وأغلقت ليبيا معبر رأس جدير منذ 10 يوليو/ تموز الماضي، كردة فعل على منع عدد من تجار مدينة بن قردان سيارات ليبية من العبور، احتجاجًا على سوء معاملتهم على الأراضي الليبية وعلى التضييقات التي تمارسها السلطات الليبية عليهم، وكذلك للتشديد على عمليات تهريب السلع والوقود نحو تونس، فيما تتواصل المفاوضات الشعبية والرسمية بين الجانبين، من أجل إيجاد توافقات ترضي الطرفين وتسمح بإعادة فتح معبر رأس جدير أمام الحركة التجارية وحركة الأشخاص من البلدين.

وتتجه الحركات الاحتجاجية نحو منحى تصاعدي، مع تهديد أهالي ونشطاء بن قردان، بتنفيذ إضراب عام في المدينة خلال الأيام المقبلة.