دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في مقابلة مع مجلة "روز اليوسف" المصرية، السبت، مسيحيي الشرق إلى "التحلي بالصبر وعدم الاعتماد على الغرب، باعتبار أن زمن الحمايات الدولية انتهى". وأشار إلى أن "المجتمع الإسلامي العادي يتجه إلى الاعتدال أكثر بكثير من الاتجاه إلى التطرف، وهذا ما يترجم شيئًا فشيئًا في دول الربيع العربي"، معتبرًا أن "الحرب الإرهابية التي يشنها المتطرفون واقعة على المسيحيين وعلى المسلمين على حد سواء". واعتبر أن "وجود المسيحيين في الشرق لم يكن سهلا في يوم من الأيام، ولكن أفق المستقبل باتت أفضل الآن، خلافًا لاعتقاد البعض، باعتبار أن المجتمع الإسلامي العادي ينحو إلى الاعتدال أكثر من الاتجاه نحو التطرف، وهذا ما يتبلور في الأحداث الكثيرة في الدول العربية"، داعيًا "مسيحيي الشرق إلى التحلي بالصبر والاعتماد على أنفسهم، وأهم ما عليهم القيام به في الفترة المقبلة هو الانخراط في الحياة الاجتماعية والسياسية في دولهم وبلدانهم، وبذلك يجتازون المرحلة الصعبة ليصلوا إلى شاطئ الأمان، ففي نهاية المطاف المستقبل هو للدولة المدنية والمستقبل أيضًا للاعتدال وليس للتطرف". وأوضح جعجع أن "الحروب والاعتداءات ليست ضد المسيحيين فقط، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تدمير تمثال أبو العلاء المعري وتدمير مقام خالد بن الوليد في حمص فضلا عن مجموعة تصرفات أخرى، تؤكد أن المتطرفين في الشرق هم ضد المسلمين والمسيحين على حد سواء". وعن صمت أوربا وأميركا عن حرق كنائس مصرية، قال :علينا أن ندرك أن القرن الحادي والعشرين لم يعد قرن حمايات مثلما كان في القرون الوسطى، من هنا ضرورة أن يعتمد مسيحيو الشرق على أنفسهم وعلى بعضهم البعض، وبالتالي فإنه من الأفضل أن نسعى إلى تسييس جميع المسيحيين المشرقيين وجعلهم قوة سياسية مندمجة في مجتمعاتها تحدث توازنًا، وبذلك لن يكونوا في حماية أحد لا من الداخل ولا من الخارج، يجب النظر إلى مسيحيي الشرق على أنهم مواطنون مثل المسلمين، وعلينا مساعدتهم في الاشتراك في الحياة السياسية"، مشيرًا إلى أن "مشكلة بعض الأنظمة التي كانت حاكمة من قبل أنها جعلت الناس يعتادون على عدم الاهتمام بالسياسة أو العمل بها، وهذا ما جعل المسيحيين على هامش الأحداث والمجتمعات، والحل الأنسب اليوم ليس دفاع الغرب عن مسيحيي الشرق، مع العلم أنه ليس خطأ دفاع جميع الناس عن الناس كلهم، ولكن الصواب هو تحفيز المسيحيين في الشرق، ليتحملوا مسؤوليتهم ويلعبوا أدوارًا سياسية لتشكيل ثقل سياسي". وأشاد جعجع بـ "المبادرة الحضارية من الحكومة المصرية، بالإسراع في إعادة تشييد وترميم الكنائس، التي اعتدي عليها وإعادتها كما كانت، وهذا يعطي فكرة واضحة عن طبيعة المجتمع المصري عمومًا والنظام القائم في الوقت الحاضر، والذي سيؤدي إلى دستور جديد وانتخابات نيابية ومن ثم رئاسية في أشهر قليلة، وأتمسك هنا بالإشادة بمقولة البابا تواضروس بأن هذه الكنائس التي حرقت تقدم هدية لمصر وأنه إذا تم حرق جميع الكنائس سنصلي في المساجد". وعن مستقبل الأزمة في سورية، قال : في تقديري لا توجد أية إمكانية بأن يظل بشار الأسد في الحكم في سورية، والجهد كله في الوقت الحاضر منصب لتحضير مؤتمر "جنيف - 2" إلى جانب ما يبذل من جهد في ملف الأسلحة الكيميائية، ولكن أعتقد أن مؤتمر جنيف سيعمل على ذهاب الأسد وتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بجميع الصلاحيات التنفيذية، مع ضرورة وجود قرار ملزم بوقف إطلاق النار". وعن إمكانية أن يكون هناك وقف لإطلاق النار في سورية في ظل وجود القاعدة والنصرة، أجاب "طبعا لا، وهذا الأمر سيكون له حلول مثلما سيكون هناك حل لرحيل بشار الأسد، فإذا ظل بشار الأسد وبقيت "النصرة" و"القاعدة" لم نستفد شيئا، وإذا ظلت "النصرة" و"القاعدة" وذهب الأسد فكأن شيئًا لم يكن. في تقديري إن ما يحدث الآن هو شيء في هذا الاتجاه أي كيفية التخلص من جميع الأصوليين والإرهابيين في سورية سواء من بشار الأسد أو من "النصرة" و"القاعدة". وأشار جعجع إلى أن "مؤتمر "جنيف 2" هو إطار سيتم من خلاله تقاسم السلطة بين المعتدلين في المعارضة السورية من جهة، والمعتدلين من جهة النظام والموالاة في الجانب الآخر، ومن سيحدد العناصر والمعتدلين وكيف ستكون خارطة الطريق. فهذا هو التحدي الحقيقي، وهناك قناعة عربية ودولية بأن ذلك الإطار هو الحل الأفضل". وتابع : في الوقت الحاضر، أعتقد أنه لن تكون هناك أية ضربة عسكرية على سورية، ونظريًا إذا تم توجيه ضربة عسكرية ستؤول إلى جنيف - ،2 وليس إلى حل عسكري ووضع خارطة للطريق، بالانتقال من الوضع الحالي إلى دولة مدنية ديمقراطية في سورية". وعن انتقال عناصر من جبهة "النصرة" و"القاعدة" من سورية إلى لبنان، قال: نحن جميعًا ضد "النصرة" و"القاعدة" وموقفنا واضح جدًا، والأهم أن أجهزة الأمن اللبنانية مختلفة على الكثير من الأشياء، ولكن الأمر الوحيد الذي يوجد اتفاق واضح وجارف عليه هو مواجهة "النصرة" و"القاعدة" بكل قوة، والأمر ذاته ينطبق على الطاقم السياسي اللبناني المختلف على جميع الأشياء، ولكنه متفق على محاربة التيارات الإرهابية، فالأكثرية المسيحية والسنية والدرزية والشيعية متفقة على ذلك الأمر، لذلك ليست هناك إمكانية عملية لجميع هذه المخاوف، مع العلم أنه من الممكن أن تقوم خلية صغيرة هنا أو هناك بأعمال فردية. هذا تكبير لخطر معين من قبل الفريق الآخر لتخويف المسيحيين من "النصرة" و"القاعدة" فقط وهذا خطأ، طبعا يجب أن تكون أنظار المسيحيين على "النصرة" و"القاعدة"، ولكن هناك أخطار أخرى في لبنان يجب أن تبقى أنظار المسيحيين مسلطة عليها". وعن الملف المصري، شدد جعجع على أن "30 يونيو هي ثورة شعبية بالدرجة الأولى، طوال 3 أيام تسمرت أمام شاشات التلفزة لأتابع عن كثب ما يجري في مصر، وهذه هي المرة الأولى في حياتي، التي فهمت فيها معنى مقولة أن مصر أم الدنيا، رأيت هذا الدفق الشعبي الهائل وتطور الأوضاع، وكنت أتمنى أن تحدث كل هذه التطورات، دون إراقة للدماء ولكن ماذا نفعل؟، فكل الثورات في الدنيا والاستحقاقات التاريخية المهمة بكل أسف تكون مصبوغة بالدم، لقد كانت ثورة شعبية فعلية وذلك ليس تقييمًا مني. من يريد التأكد فليعد إلى المشاهد والصور الموثقة على أرض الواقع خلال الأيام الثلاثة التاريخية في تاريخ مصر، ولكن التحدي الأكبر هو القائم في الوقت الراهن بالوصول إلى دستور جديد يصلح لدولة مدنية ديمقراطية في مصر، وبالتالي الوصول إلى انتخابات رئاسية ونيابية في أسرع وقت ممكن، وذلك كله لدحض الادعاءات الأخرى كلها وللتأكيد على أن هذه الثورة شعبية واضحة المعالم ولبدء حياة سياسية ديمقراطية كما تمنى الشعب المصري منذ أمد بعيد". وأشار إلى أن "تدخل الجيش المصري في الأحداث حدث بعد أن قال الشعب كلمته ليحاول ترشيد وترجمة هذه الكلمة، فالجماهير قالت كلمتها والجيش جاء ليرتب الأمور حسب رغبة الشعب كما يجب أن تترتب ولنتخيل لو لم يتدخل الجيش حينها كنا سنقول الله يسترك على مصر". ووصف جعجع الإدارة المصرية الحالية بأنها "إدارة جيدة رغم من أنها مرحلة مضطربة، ولكن في رأيي المقياس هو الوصول إلى دستور جديد وإتمام الاستحقاقات النيايبة والرئاسية، فهذا سيكون المفصل لكل ما جرى منذ 30 يونيو، فإما أن يكسب شعب مصر الرهان وإلا – لا سمح الله - يخسره".