تحولت أنظار مجلس الأمن الدولي إلى الأزمة الإنسانية الطاحنة في سورية، حيث يدرس إصدار بيان في محاولة لتعزيز وصول المساعدات، عبر حث الحكومة على السماح بمرور الشحنات الواردة عبر الحدود من دول مجاورة، فضلاً عن حث أطراف الصراع على وقف القتال لفترات، لأسباب إنسانية. ويحتمل أن يشكل هذا الإعلان موضع خلاف جديد بين الغرب وروسيا، حيث أفاد دبلوماسيون بأن "موسكو قد تعارض المشروع، لأنه يعني إدخال المساعدات مباشرة إلى مناطق خاضعة لسلطة مقاتلي المعارضة". وقال دبلوماسيون، تحفظوا على أسمائهم، أنه "من المقرر أن يجتمع نواب سفراء الدول الأعضاء لدى مجلس الأمن، لبحث البيان الرئاسي المقترح من مجلس الأمن، الاثنين، ووالذي سيكون غير ملزم من الناحية القانونية". وتحث مسودة النص كل الأطراف على "الاتفاق على أساليب تنفيذ فترات توقف (القتال)، لأسباب إنسانية، لاسيما في الطرق الرئيسية، لتمكين مرور القوافل الإنسانية في هذه الطرق، دون عقبات، فور تلقى إخطار من وكالات الإغاثة". ونزح ما يقارب 4 مليون سوري داخل البلاد، جراء النزاع المستمر لأكثر من عامين، ما دفع بعثة الاتحاد الأوروبي إلى تقديم 65 مليون يورو، ما يقارب 84 مليون دولار، استجابة للأزمة الإنسانية الناجمة عن مستوى العنف المتنامي في البلاد. وأدى عدم توقف العنف والنزاع بين طرفي الصراع في سورية إلى ازدياد تدهور الأوضاع المعيشية والحياتية لآلاف العائلات السورية، فمنهم من دمر منزله جراء القصف، ومنهم من غادره بسبب وقوعه في منطقة اشتباكات مستمرة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، والآخر من قرر الانتقال إلى الأماكن الخالية من السلاح. كما فرّ أكثر من مليوني سوري، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الحرب الدائرة، منذ عامين ونصف، والتي تقول الأمم المتحدة إنها أدت إلى سقوط أكثر من 100 ألف قتيل. ولم توافق الحكومة السورية إلا لـ 12 جماعة إغاثة دولية بالعمل داخل البلاد، وفقا لما يقوله مسؤولو الأمم المتحدة. ويبدو أن استمرار أعمال العنف في سورية سيضع المجتمع الإغاثي الدولي في موقف العاجز عن تلبية الاحتياجات غير المسبوقة، والواسعة النطاق. وفي سياق متصل، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أنها أرسلت 44 مستوعبًا من دبي إلى سورية، لمساعدة النازحين، حيث غادرت مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة سفينتان شحن، تحملان مواد إغاثية، توزع على 150 ألف شخص، نازحين، في محافظات إدلب وحلب والرقة ودير الزور. وقالت المفوضية أن "الشحنة التي تضم فرشًا وأغطية مشمعة، هي الأكبر التي تتوجه هذا العام من دبي إلى سورية، ومن المتوقع أن تصل في غضون شهر إلى ميناء طرطوس (غرب سورية). وأوضح ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سورية طارق كردي أن "هذه الشحنة تعتبر أكبر شحنات المساعدات، التي تلقتها المفوضية في سورية، هذا العام، والتي ننتظرها بفارغ الصبر". وأضاف الكردي، في بيان وزعه مكتب الأمم المتحدة في دمشق، "يعاني الأشخاص النازحين في سورية من وضع صعب، وهناك حاجة ماسة لهذه المواد الإغاثية الأساسية والمنقذة للحياة"، مُبينًا أن "شحنة المساعدات هذه سوف تساعد 150,000 شخص من النازحين السوريين، في مناطق يصعب الوصول إليها، مثل إدلب وحلب والرقة ودير الزور"، ومؤكدًا أن "المفوضية قامت بإيصال مواد إغاثة أساسية إلى مليوني شخص من النازحين داخل سورية، وهو ما يمثل ثلثي الأشخاص، البالغ عددهم ثلاثة ملايين، والذين تخطط المفوضية لمساعدتهم، مع حلول نهاية العام الجاري". الجدير بالذكر أن المفوضية تقوم بإيصال المساعدات في جميع المحافظات الـ 14 في سورية، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها. وأوضح البيان أن "شحنة المفوضية، والبالغ عددها 44 حاوية، من المساعدات الإنسانية، جزء من الجهود التي تبذلها المفوضية لمساعدة العديد من جموع النازحين، البالغ عددهم 4.25 داخل سورية، وذلك استعدادًا لفصل الشتاء المقبل"، مشيرًا إلى أن "وكالات الإغاثة تقدر وجود أكثر من 6.8 مليون شخص، ممن هم في حاجة للمساعدة الإنسانية داخل سورية". من جهتها قالت المدير التنفيذي للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية شيماء الزرعوني "نحن فخورون بأن نكون قادرين على توفير خدمات مميزة، بغية تسهيل الجهود المستمرة لشركائنا في تقديم مواد الإغاثة إلى سورية، وغيرها من البلدان الأخرى، التي تحتاج للمساعدة"، مضيفة أن "هناك حاجة ملحة لزيادة المساعدات، وشركاؤنا ملتزمون بالاستجابة للأوضاع الحرجة من خلال كل الموارد الممكنة". وتعتبر المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وهي مبادرة أطلقها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عام 2003، مركزًا عالميًا رئيسيًا للمفوضية، لتخزين مواد الإغاثة، من بطانيات وخيام وأوان مطبخية، وغيرها من المواد. وتحتل مخازن المدينة العالمية للخدمات الإنسانية موقعًا استراتيجيًا، حيث تقع بين مطار آل مكتوم الجديد في دبي وميناء جبل علي، ويمكّن المفوضية من إرسال المواد الإنسانية الضرورية، التي تكفي لأكثر من 350,000 شخص، خلال يوم أو يومين.