الجزائر ـ عمار قردود
اتّهم رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، أكبر حزب إسلامي معارض، و يمثّل تيار الإخوان المسلمين في الجزائر، عبد الرزاق مقري، رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المالك سلال، ووزير الصناعة و المناجم السابق عبد السلام بوشوارب، بما سماه "تبذير المال العام"..
وجدّد مقري، على هامش انعقاد المؤتمر الإستثنائي لجبهة التغيير، القول إنّ أيّ حزب يتواجد في الحكومة ليس "معارضًا"، مؤكّدًا أنّ "حمس" تريد خدمة البلاد في حال وصولها إلى السلطة، ومشددًا على أنّ "حزبه ما دام خارج الحكومة، فسيواصل المعارضة، في حال اكتسابنا غالبية مقاعد البرلمان مستقبلا، يمكننا حل مشاكل الجزائر".
وكشف مصدر جزائري مطّلع، أنّ "رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المالك سلال، قد بادر بصفة شخصية لدعوة حركة مجتمع السلم "حمس" للمشاركة في الحكومة الجزائرية الجديدة لما بعد التشريعيات،و أن تلك الدعوة جاءت منه وهو تصرّف إنفرادي محض يتحمل مسؤوليته سلال و لم يتم بإيعاز من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مثلما تم الترويج له".
وبيّن المصدر أنّ "سلال لم يتم تكليفه بعد الانتخابات التشريعية بإجراء مشاورات مع التشكيلات السياسية الجزائرية تمهيدًا للإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة و أن كل الخطوات التي أقدم عليها هي من قبيل الاجتهادات الشخصية أو العمل الانفرادي المذموم و هو ما أثار غضب الرئيس الجزائري و محيطه من ما أقدم عليه سلال الذي كان يُحظى بثقة كبيرة من بوتفليقة"، مشيرًا إلى أنّ "الدليل على أن سلال لم يتم تكليفه بصفة رسمية من بوتفليقة بإجراء مشاورات مع الأحزاب لتشكيل الحكومة الجديدة هو إقراره بنفسه بأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سيقوم بالإفراج عن تشكيلة الحكومة الجديدة، عقب تنصيب البرلمان الجديد، وأن بقاءه في منصبه مرتبط بموافقة الرئيس بوتفليقة الذي هو صاحب القرار بتكليفه بقيادة حكومة جديدة أو تعيين رئيس وزراء جديد و ذلك خلال إشرافه على تخرج دفعة جديدة من طلبة المدرسة العليا للإدارة"، وعن الاتصالات التي باشرها سلال مع بعض الأحزاب للدخول في الحكومة الجديدة أفاد المصدر بأن ذلك "تصرّف إنفرادي محض أو قد يكون بطلب من جهات نافذة في هرم السلطة لكن الأكيد أنه لم يكن بطلب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تمامًا مثل الخرجات الميدانية التي شرع فيها سلال خلال الحملة الانتخابية للتشريعيات السابقة رغم أنه لم يتم تكليفه للقيام بها من طرف بوتفليقة"، مشيرًا إلى أنّ "سلال تمرّد على الرئيس بوتفليقة في الآونة الأخيرة بعد أن تم إيهامه من طرف جهات نافذة في هرم السلطة في الجزائر بأنه المرشح الأبرز لخلافة بوتفليقة في رئاسة الجزائر،و أن بوتفليقة و حتى لا يتكرّر سيناريو رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق علي بن فليس مع بوتفليقة سنة 2004 سارع إلى تحجيم سلال و شل تحركاته و توقيف طموحه الجارف للوصول إلى منصب رئيس الجمهورية و قرر في آخر لحظة إنهاء مهامه و هو ما لم يتم الإعلان عنه بصفة رسمية لكن تم التأكيد عليه في الجريدة الرسمية".
وقال المصدر إنّ "الرئيس بوتفليقة و منذ وصوله إلى سدة الحكم في الجزائر في أفريل 1999 نجح ببراعة كبيرة في تطعيم مختلف الحكومات المتعاقبة خلال فترات حكمه بكل الأطياف السياسية فجمع بين الإسلامي و العلماني و أن خطوة سلال المنفردة في توجيه دعوة لحركة "حمس" للمشاركة في الحكومة الجديدة دون العودة إلى الرئيس بوتفليقة شخصيًا أو الائتمار بأوامره كانت غير مدروسة و النتيجة رفض واضح من حمس للمشاركة في الحكومة،آخذة في حسبانها بأن تلك الدعوة صادرة من الرئيس بوتفليقة شخصيًا و هو ما يعتبر صفعة قوية للرئيس و إهانة له و لتاريخه و لهذا السبب تم إنهاء مهامه،لأن بوتفليقة لو كانت له الإرادة في دعوة حمس للمشاركة في الحكومة الجديدة لتمكن من تحقيق ذلك بناء على حنكته السياسية المشهود له بها و ليس مستبعدًا أن تكون قيادة حركة حمس قد أدركت حقيقة ذلك فرفضت المشاركة حفظًا لماء الوجه".
وأعلن رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، أنه التقى، صباح الأربعاء 10 مايو/أيار الماضي، رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، الذي دعاه للمشاركة في الحكومة الجديدة وقال مقري، في رسالة على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أنه أبلغ سلال أن القرار سيفصل فيه مجلس الشورى الوطني الذي يجتمع بعد القرار النهائي للمجلس الدستوري بشأن الطعون المقدمة، واعتبر المراقبون للشأن الجزائري أن لقاء سلال ومقري آنذاك، أن رئيس الحكومة القادم سيكون عبد المالك سلال، الذي سيستمر في الحكومة مرة أخرى بعد الانتخابات التشريعية.
وشهد حزب "حمس" صراعًا قويًا بين جناحين احدهم يدافع عن المشاركة في الحكومة وآخر يرفض ذلك خاصة جناح مقري، في حين يدافع عن قرار المشاركة رئيس الحزب سابقًا أبو جرة سلطاني، ورفض سلال التعليق على قرار حركة "حمس" عدم المشاركة في الحكومة، مؤكدًا أنه قدم عرضًا للحركة لدخول الحكومة، قبل أن يضيف "كلنا جزائريون ونحن دعاة مصالحة".
وأشار المصدر إلى أن رئيس حركة حمس يكون قد انتبه إلى أن أمور ما تُطبخ في الخفاء و أنه تم إقحام الحركة فيها لهذا قرر في أول رد رسمي على دعوة سلال بكشف الموضوع للرأي العام الجزائري و أن الدليل على أن في الموضوع "إن و أخواتها" هو ما ذكره مقري بالحرف الواحد عبر حسابه على "الفيسبوك" إنه التقى ، برئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال بعد يومين من الاتصال بهم للتأكد من صدقية طلب المشاركة في حكومة ما بعد التشريعيات، مضيفًا أن سلال أكد له صحة الخبر.
وأوضح مقري أن الرئيس بوتفليقة هو من قرر دعوة "حمس" للمشاركة في الحكومة، قائلاً "أكد لي سلال بأن هذا هو طلب رئيس الجمهورية"، وقال المصدر إن مقري و بعد أن تأكد عبر قنواته الخاصة بأن سلال يقوم بمهمة ما لصالح جهات نافذة في هرم السلطة غير الرئيس بوتفليقة أبلغ سلال بأن مجلس شورى الحركة هو من يقرر خيار المشاركة في الحكومة من عدمه للتأكد أكثر من حقيقة الطلب و أنه و بعد أن ظهر بشكل جلي أن دعوة سلال جاءت من تلقاء نفسه أو بإيعاز من جهة ما في هرم السلطة أقنع أعضاء مجلس الشورى بحقيقة الأمر، و الدليل على ذلك هو طلب عبد الرزاق مقري من رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال الى تقديم حصيلة حكومته، التي تمثل الفترة التي قضاها وزيرًا أول طيلة 5 سنوات، بكل شفافية ومصداقية، معتبرًا أن الحصائل الحكومية السابقة كانت سلبية على حاضر الجزائر ومستقبلها.
وقال مقري في تصريح صحفي نشره على صفحته الرسمية على "الفيسبوك"، في سياق تعليقه على قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تعيين عبد المجيد تبون رئيسًا للوزراء خلفًا لعبد المالك سلال، إن الحصائل الحكومية السابقة من حيث البرنامج والقرارات والأداء كانت في مجملها سلبية على حاضر الجزائر ومستقبلها بالنظر لعجزها على استغلال الفرص التمويلية الضخمة والظروف السياسية والمجتمعية الرائعة التي أتيحت للسلطات القائمة.
كما دعا مقري حكومة سلال لإطلاع الرأي العام الجزائري على الحصائل السابقة بمصداقية ومسؤولية وشفافية، مضيفًا أنه ينبغي تغيير طريقة الحكم وثقافة المسؤول، مؤكّدًا أنّ حركة "حمس" ستؤدي تجاه الحكومة الجديدة دورها الدستوري والقانوني كمعارضة سياسية مسؤولة تعتمد على النقد البناء ومحاربة الفساد وإسداء النصيحة وتقديم الأفكار والبدائل والتعاون مع الجميع، موجها في نفس الوقت نداء للحكومة الجديدة بقيادة تبون إلى اعتماد الحوار مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين لتجاوز الأزمة القائمة والأزمات المتوقعة.
وختم رئيس حركة مجتمع السلم تصريحه الصحفي بتهنئة رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون متمنيا له التوفيق في مهمته الجديدة، و قبل ذلك كشف رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أنه قام بزيارة لرئيس الوزراء السابق، عبد المالك سلال، وأبلغه رسميًا بقرار مجلس الشورى الوطني القاضي بعدم دخول الحكومة، ونشر مقري منشوراً في صفحته الرسمية على "الفيسبوك"، أنه زار رئيس الوزراء، عبد المالك سلال، برفقة رئيس مجلس الشورى الوطني، أبو بكر قدودة، بطلب منهما، لتبليغه رسميًا قرار مجلس الشورى الوطني بعدم دخول الحكومة، وذلك من باب اللباقة والأدب ولإدخال ثقافة سياسية ديمقراطية جديدة، كما هو موجود في العلاقة بين الحكومة والمعارضة في التجارب الديمقراطية العريقة.
وبيّن عضو بارز في مجلس شورى حركة "حمس"، رفض الكشف عن اسمه، أنّه "يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين، بتوفيق من الله استطاعت حركة "حمس" الإفلات من هذا الفخ بأعجوبة وربي يهدي ما خلق".