مجلس الأمن

أكد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمرو أبوالعطا، أن جلسة مجلس الأمن الطارئة التي عقدت الجمعة، تأتي بناء على طلب أغلبية أعضائه الذين ينتابهم، وعددًا كبيرًا من دول وشعوب العالم، القلق إزاء مسألة تتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، وذلك في سابقة مهمة وغير تقليدية تستدعي التوقف عندها.

وأوضح أبو العطا في كلمة مصر خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن القدس، أن "ما نشهده اليوم هو انعكاسًا للتخوف الشديد الذي انتاب المجتمع الدولي خلال الأيام القليلة الماضية إزاء إحدى القضايا التي أدرجت على جدول أعمال مجلس الأمن منذ إنشائه، وهي القضية الفلسطينية بل يعكس أيضًا التخوف من عواقب وآثار القرارات الأحادية التي تخالف القانون الدولي وتهدد منظومة العلاقات السياسية، والتي تأسست على ميثاق الأمم المتحدة منذ أكثر من 70 عامًا للحيلولة دون تكرار مآسي الحروب، وضمان تنظيم العلاقات بين الشعوب في عصر من المفترض أنه يراعي الحقوق الأساسية لتلك الشعوب على أساس من المساواة".

وأشار "أبو العطا": إلى أن"ما نحن بصدده اليوم هو اختبار لتلك المنظومة واختبار لسيادة القانون، ولن يتحقق النجاح في هذا الصدد إلا من خلال العمل الجماعي في إطار الشرعية الدولية"، موضحًا أن "الاستسلام للفشل فسيكون علينا التعامل مع عواقب وخيمة، بقضية اليوم أو غيرها من القضايا الدولية، ولأعوام طويلة مقبلة".
وبيّن سفير مصر الدائم لدى المنظمة الأممية: "عمر مسألة القدس الشريف يمتد إلى جذور التاريخ، وتعلق قلوب أجيال من شعوب العالم من الأديان السماوية الثلاثة بها يرجع لمئات السنين"، مؤكدًا أن المجتمع الدولي تمكن في العصر الحديث من خلال الأمم المتحدة من وضع محددات قانونية للتعامل معها منذ أن قررت تلك المنظمة إنشاء دولتين على أرض فلسطين وفقًا للقرار رقم181".

وأضاف أبوالعطا، أن المنطق الوحيد والحقيقة الثابتة الوحيدة في التعامل مع القدس الشريف في إطار القضية الفلسطينية، هو هذا المنطق وتلك الحقيقة التي انعكست في القانون الدولي المتمثل في قرارات الأمم المتحدة لا سيما قرارات هذا المجلس، والتي رفضت بما لا يدع مجالًا للشك احتلال القدس الذي بدأ عام 1967، لافتًا إلى أن اجتماع اليوم يأتي لتأكيد خطورة المساس بالمحددات القانونية التي تم التوصل إليها على مدار عشرات الأعوام، فلعله من المناسب هنا استذكار أهم قرارات مجلس الأمن الملزمة، القديم منها والحديث، بشأن القدس، موضحًا أن القرار 242 نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 ومن ضمنها القدس، كما رفض القرار 478 احتلال المدينة بالقوة، واعتبر ما يسمى "بالقانون الأساسي" الذي فرضته إسرائيل انتهاكًا للقانون الدولي ولا يغير من الوضع القانوني للمدينة، ولا يؤثر على تطبيق اتفاقية جنيف المعنية بحماية المدنيين في وقت الحرب على القدس الشريف.

وشدد أبوالعطا على ضرورة استذكار آخر قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن، والتي لم يتخط عمرها العام الواحد، وهو القرار 2334 الذي أكد عدم اعتراف المجلس بأي تغير في خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشريف، إلا من خلال التفاوض بين الأطراف.
ونوه أبوالعطا، بأن القرار 478 طالب بسحب جميع البعثات الدبلوماسية من مدينة القدس كون المجتمع الدولي لا يعترف بها عاصمة لإسرائيل، جاء القرار 2334 ليطالب بوضوح جميع الدول بالتفرقة في تعاملاتها بين الأراضي الإسرائيلية وتلك الأراضي التي احتلت عام 1967 وهي الأراضي التي تتضمن القدس.

وأردف "أبوالعطا": "قرارات مجلس الأمن المتسقة في محتواها منذ عشرات الأعوام، وحتى الآن تعد القانون الذي يحكم الوضع بالقدس"، مؤكدًا أن قرارات مجلس الأمن ملزمة وتعهدت جميع الدول وفقًا للميثاق بتنفيذها والالتزام بها حفاظًا على الأمن والسلم الدوليين"، موضحًا أن قرارات مجلس الأمن التي تمثل الحقيقة والمنطق الوحيد فيما يتعلق بالقدس الشريف.
وتابع أبوالعطا، أن جمهورية مصر العربية تعرب عن استنكارها لقرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارتها إليها، وتعلن رفضها لأية آثار مترتبة على ذلك، كما تؤكد على أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفًا للشرعية الدولية، موضحًا أن القرار غير ذات أثر على الوضع القانوني لمدينة القدس كونها مدينة واقعة تحت الاحتلال ولا يجوز قانونًا القيام بأي أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة.

وواصل أبوالعطا: "كذلك، وفي إطار ما شرحناه وما هو معروف للقاصي والداني إزاء الحساسية الشديدة فيما يتعلق بمسألة القدس، فإننا نعرب عن قلقنا البالغ من التداعيات المحتملة لهذا القرار على استقرار المنطقة، لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية نظرًا للمكانة الروحية والثقافية والتاريخية الكبيرة لمدينة القدس في الوجدانين العربي والإسلامي، فضلًا عن تأثيراته السلبية للغاية على مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تأسست مرجعياتها على اعتبار أن مدينة القدس تعد أحد قضايا الوضع النهائي التي سيتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية".

واستكمل أبوالعطا: "إن الدعوة للحفاظ على مرجعيات الشرعية الدولية والقانون الدولي ليست من قبيل الترف، لا سيما في منطقة تموج بالنزاعات وعالم يتعرض لتحديات جمة ولا يحتاج لمزيد من الفوضى غير المبررة بل هي دعوة تراعي ما نراه واضحًا أمام أعيننا من مخاطر شديدة تستتبع انهيار المنظومة القانونية الدولية"، مشددًا على أن وضع القدس الذي حددته قرارات مجلس الأمن كمدينة محتلة لم يتغير، ولن يتغير، إلا إذا اتفقت الأطراف على ذلك من خلال المفاوضات"، داعيًا أجهزة الأمم المتحدة إلى التعامل مع التحيات الناشئة بالقضية الفلسطينية بالأسلوب الذي يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقًا لحدود الرابع من يونيو عام 1967، مؤكدًا أن مصر ستظل على عهدها الذي قطعته في سبيل التوصل إلى سلام دائم وشامل وعادل في المنطقة، سلام مبني على محددات الشرعية الدولية.