الجزائر - الجزائر اليوم
من مفارقات وغرائب الحملة الانتخابية لتشريعيات 2021، تلك الوعود الشعبوية التي أفرط الكثير من المترشحين في الترويج لها عبر لقاءاتهم مع الجماهير، والتي لا يمكن أن يحققوها لأنها خارج مهامهم في حال صعودهم للبرلمان.. فاستعطاف المواطن بحياة الرفاهية لحل مشاكل محلية قد تتعلق بتعبيد الطرقات، وغرس الأشجار وتوفير مساحات اللعب ومنح السكن، والقضاء على البطالة، وحتى مشاكل الحفر والبالوعات هي مهام المسؤولين المحليين وليست من مهام نائب في هيئة تشريعية مهمتها وضع القوانين ومراقبة الحكومة…!
لم تخل بعض حملات المترشحين، من وعود الماضي، التي كانت تتميز بها خطابات من نجحوا في الوصول إلى البرلمان، فوجدوا أنفسهم محرجين من الذين انتخبوهم في ولاياتهم، فغيروا أرقام هواتفهم، وتركوا تلك الوعود الكاذبة إلى السلطات المحلية!
قوانين ينبغي أن يطلع عليها المرشحون
أكد عضو مجلس الأمة، عبد الكريم قريشي، أن المرشح للبرلمان، عليه أن يعرف المهام الموكلة إليه في حال نجاحه، حتى يقوم بالحملة الانتخابية على أحسن وجه، وأن التشريع والرقابة على عمل الحكومة، هي مهمته الأساسية، في حين أن مسألة التنمية المحلية ليست من اختصاصه سيما المتعلقة بحل مشاكل مباشرة للسكان.
وقال قريشي، إن غياب الثقافة القانونية حول مهام أعضاء المجلس الشعبي الوطني، جعلت المترشح يتكلم عن مهام خارجة عن صلاحيته تتعلق بالأميار وجمعيات الأحياء، وإن كان ذلك متعمدا من طرف هؤلاء قصد دغدغة المشاعر من خلال الحديث عن الشغل والسكن والكهرباء والأسعار وتعبيد الطرقات، فكان يجب حسب ذات المتحدث، أن تكون تصاريح المترشحين تتعلق بنصوص قانونية وتشريعات تعدل لخدمة المواطن ولمصلحته الخاصة.
ويرى أن عرض مشاكل المواطن وحتى لو كان ذلك خلال جلسة في البرلمان، إذا كانت تتعلق بمهام الأميار والولاة ومرتبطة بميزانية خاصة، فهي مجرد “طرح افتراضي خارج المهام”، مشيرا إلى أن النصوص القانونية هي المسألة التي ينبغي أن يشتغل بها النائب.
البرلمانيون الجدد عليهم أن يكسروا قاعدة من سبقوهم!
وأكد عضو مجلس الأمة، عبد الكريم قريشي، أن كل القوانين السابقة التي تم المصادقة عليها، لم تكن باقتراح من نواب المجلس الشعبي الوطني، وذلك منذ الاستقلال، حيث أن الاقتراح كان من الحكومة، ورغم أن القانون العضوي والدستور يخوّل للبرلمان حق اقتراح القانون.
وأوضح أنه في حال اقتراح قانون يعرض على مكتب المجلس ويذهب إلى الحكومة ثم يعرض على مجلس الوزراء ويعود إلى الغرفتين ويمر بعدها على المكتب من جديد في انتظار أن تصادق عليه الحكومة إذا تم قبوله من طرف النواب.
وهناك أشياء كثيرة، حسب قريشي، تنتظر النواب الجدد، حيث تعديل القوانين ومناقشتها مهمة جدا، في ظل الجزائر الجديدة، مضيفا في سياق تصريحه، أن المجلس الشعبي المنتظر، عليه أن يكسر القاعدة السابقة، ويعلم أن لديه حق طرح مشروعه القانوني ومناقشته أمام البرلمان، وأن يرفض وقد يساهم في إسقاط الطاقم الحكومي كله.
وفيما يخص قانون المالية، أوضح قريشي أن مناقشته وطرق بعض التعديلات فيه، أو اقتراح مشروع ما في المنطقة التي يمثلها البرلماني أو غيرها من مناطق الجزائر، ينبغي أن يكون مناسبا مع الميزانية المالية المتوفرة.
4 قوانين ينبغي على المترشح معرفتها
وقال عبد الكريم قريشي، إن المترشح للبرلمان بمجرد نجاحه تتهاطل على هاتفه عشرات المكالمات فيضطر إلى غلق هاتفه أو تغيير الرقم، والسبب في ذلك، أنه كان يعد بأمور ليست من اختصاصه، معلقا عن جهل الكثير من الذين يترشحون في التشريعيات، ولا يعرفون ما ينص عليه الدستور ولا يفرقون بين القانون العضوي والعادي.
ويرى أن على هؤلاء أن يطلعوا قبل ترشحهم أو قبل صعودهم للبرلمان، على 4 قوانين، وهي القانون العضوي الخاص بأعضاء المجلس الشعبي الوطني، والقانون العضوي المنظم للعلاقات في البرلمان، وقانون النظام الداخلي، والمواد الموجودة في الدستور، فيما يخص القانون العضوي للغرفتين السفلى والعليا، وخاصة المواد من 114 إلى المادة 170.
الوعود الشعبوية شوّهت الحملة الانتخابية
من جهتها، ترى السيدة فوزية بن سحنون، نائب سابق في البرلمان، أن هناك الكثير من المترشحين الشباب، لديهم شهادات ومستويات ثقافية لا بأس بها، ولكن لا يعرفون السياسة، ولا قوانين الأحزاب والنظام، وإن أصحاب الكفاءات هم بحاجة، حسبها، لتكوين سياسي، لأن الدكتور الجيد ليس بالضرورة أن يكون رئيس حزب جيد أو برلماني جيد.
وقالت سحنون، إنها كمديرة حملة انتخابية، ولها تجربة واسعة في البرلمان ومجال السياسة بصفة عامة، فإنها تشرف على تكوين بعض الشباب الذين حالفهم الحظ في الترشح، وتوضح لهم الفرق بين دور البرلماني ودور المسؤول المحلي.
وأوضحت أن الوعود الكاذبة، قد لا تنجح الحملة الانتخابية وإنه حتى في المناطق النائية والمحرومة والتي تكثر فيها المشاكل المحلية، فلا ينبغي أن يعد المترشح بحل مشاكلها من خلال حملته، لأنها ليست من مهامه، ولكن قد يعد بالمساهمة في تغيير قوانين أو مواد منه من شأنها أن تغير الوضع إلى الأحسن، كقانون البلدية وتوزيع السكن والمشاريع، وغيرها من قوانين لا تزال حسبها، غير منصفة لبعض الفئات.
وفي ذات الصدد، أكد النائب السابق، محمد كاديك، أن البرلماني مهمته تبليغ انشغالات أهل المنطقة الممثل لها، وأن أكبر شيء يمكن أن يحافظ به على ماء وجهه، هو الصدق، والوعد بما يدخل في صلاحيته، وما يراه أنه قد يتحقق.
برلمانيون يتقمّصون دور الأميار
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، رياض بوهيدل أن الكثير من المرشحين أصبحوا من خلال خطاباتهم خلال حملتهم الانتخابية، جزءا من ممارسات من سبقوهم، فهم يستعطفون المواطن ويعدونه بحياة الرفاهية، بحل مشاكل محلية كالقدرة الشرائية وكل ما يهم الفرد بطريقة مباشرة، وانتقد بوهيدل، وعود الكثير من المترشحين، التي تتعلق بصلاحيات الأميار ورؤساء الدوائر والولاة ولا علاقة لها بصلاحية البرلمان.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، رياض بوهيدل، أن الكثير من الذين ترشحوا لانتخابات جوان2021، لا يفرقون حتى بين القانونين، العضوي والعادي، وليس لديهم اطلاع على المواد الدستورية، وهم إما يستغبون المواطنين وإما هم أغبياء أو أنهم يتعمدون ذلك لجلب الأصوات، أو ليس لديهم خيار، سوى هذه الخطابات الشعبوية التقليدية، في حين أن الكثير من الجزائريين اليوم لديهم وعي سياسي، ومنهم من فقدوا ثقتهم في مثل هذه الخطابات.
قد يهمك ايضاً
شركة الخطوط الجوية الجزائرية تعلن عن إنطلاق بيع تذاكر خط فرانكفورت الجزائر
ردة فعل مُؤثرة لسيدة جزائرية لحظة وصولها لأرض الوطن في اليوم الأول من الفتح الجزئي للحدود الجوية