الأسير مروان البرغوثي

طالب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي، من زنزانته في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، أبناء حركة "فتح" وخصوصًا في الضفة الغربية ليشمروا عن سواعدهم وينخرطوا في أوسع مقاومة شاملة ضد الاحتلال.

وأكد البرغوثي، في رسالة مكتوبة جرى تسريبها من داخل زنزانته على أن المعركة في غزة تأتي من خلال الإصرار على حرية غزة بحراً وجواً وبراً لإسقاط الاحتلال والحصار، مطالبا بأن تكون هذه المعركة رافعة لمواصلة الكفاح الوطني الفلسطيني، ووحدة الوطن وتحقيق الاستقلال. وفيما يلي نص رسالته الداعية أبناء فتح للانخراط في المقاومة:

" الأخوات والإخوة أبناء حركة فتح البواسل

تحية فلسطين... تحية فتح الأبية،،

تحية الثورة والانتفاضة... تحية المقاومة،،،

تحية الصمود والثبات والنصر ... تحية الحرية والكرامة ،،،

 

اسمحوا لي أن أتوجه إليكم وأخاطبكم برسالتي هذه النابعة من القلب والروح والوجدان لأشد على أياديكم وأحييكم وأجدد العهد والقسَم أن تظل راية فلسطين، راية الفتح، راية المقاومة، عالية خفاقة حتى ينال شعبنا العظيم حقه في الحرية والعودة والاستقلال.

هذا عهد الأحرار للأحرار، وعهد المناضلين للمناضلين، وعهد الوفاء للأوفياء، وعهداً للفتحاويين ولكل الفلسطينيين والعرب والأحرار والأصدقاء في العالم، هو العهد أن نواصل كفاحنا ومسيرتنا النضالية الظافرة، المسيرة التي أشعلت نارها حركة فتح الرائدة في يناير 1965، هذه الشعلة التي ستظل متوقدة تتوهج بدماء المناضلين وعذابات الفلسطينيين حتى نيل حقوقنا الوطنية المشروعة.

الأخوات والإخوة الفتحاويون

بعد شهور قليلة ستحتفل حركتنا الرائدة باليوبيل الذهبي على انطلاقتها المجيدة، أنها مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي كان لحركة فتح شرف إطلاق رصاصتها الأولى وشرف قيادة الثورة وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وشرف قيادة الانتفاضتين المجيدتين.

نعم أيتها الأخوات والإخوة، أن حركة فتح هي المدرسة الأكبر للكفاح والنضال والمقاومة بكل ألوانها وأشكالها في المنطقة العربية خلال العقود الماضية، وكما كان لفتح شرف إطلاق الرصاصة الأولى على العدو الصهيوني فان سواعد الفتحاويين ومعهم كل الفلسطينيين ستطلق الرصاصة الأخيرة على هذا الاحتلال الأطول والأسوأ والأبشع في التاريخ الإنساني الحديث.

أنكم أيها الأخوات والإخوة تنتمون لحركة عظيمة قدمت نهراً من الدم وجبال من الشهداء وكواكب من الأسرى وعشرات الآلاف من الجرحى، وتنتمون للحركة الوطنية الفلسطينية الأصيلة التي هي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية المجيدة كما أنها جزء أصيل من الإنسانية.

الأخوات والإخوة،،،

أن حركة فتح هي حركة الشعب الفلسطيني، وقدرها أن تكون قائدة للشعب الفلسطيني، ويترتب على ذلك استحقاقات كبيرة، على رأسها أن تدفع ثمن استحقاق القيادة هذا دماً وعذاباً وألماً واستشهاداً وأسراً، وعلى الحركة أن تواجه هذه التحديات الكبرى وان تكون الطليعة والقدوة كما فعلت دوماً، وفي مقدمة ذلك تحدي إنهاء الاحتلال والاستيطان وانجاز الحرية والعودة والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وممارسة اللاجئين حقهم المقدس في العودة إلى ديارهم، والإفراج الشامل عن كافة الأسرى.

أن هذه المهمة مقدسة يتوجب على حركتنا ومناضليها أن يتصدوا لها، ويجب حشد كل الإمكانيات المادية والبشرية لتحقيق هذا الهدف المقدس وفاء لمبادئ حركتنا ووفاء لبرنامجها وشهدائها وتضحياتها وتضحيات شعبنا وفي سبيل الأجيال القادمة. ويتحقق الوفاء من خلال التمسك بخيار المقاومة الشاملة دون استثناء أي شكل أو أسلوب منها، مع أن الحكمة والتجربة والخبرة والمصلحة تقتضي اختيار الشكل المناسب في كل مرحلة بما يحقق الأهداف المرجوة، مع التأكيد على ضرورة الاستعداد والجاهزية لمواجهة الاحتلال بكافة الوسائل والأساليب.

فنحن نواجه احتلالاً وعدواً جباناً لا يريد السلام بل يريد الأرض والأمن والاستيطان، والاحتلال والسلام في نفس الوقت، هذا السلام الذي يجعل من الفلسطينيين عبيداً للاحتلال بشكل سلطة وكيان وهمي، وهو لا يزال متنكر لحقوق شعبنا ويدير الظهر تماماً للقرارات الدولية، وهذا الاحتلال لن يرحل ولن يسلم بحقوقنا الوطنية إلا بعد أن يتحول الاحتلال إلى مشروع خاسر وباهظ الثمن مادياً واقتصادياً وسياسياً وامنياً وعسكرياً وإعلاميا وأخلاقيا، وحتى يتحول إلى عبء لا تستطيع دولة الاحتلال احتماله، وسيتحقق ذلك بفضل صمود شعبنا وتضحياته، فقد سقط هذا الاحتلال أمام إرادة شعبنا وصموده على مر الأجيال، وهناك إجماع رسمي وشعبي ودولي غير مسبوق يترافق مع حركة تضامن لحصار هذا الكيان العنصري الإرهابي وإنهاء احتلاله.

أن العالم لا يتحرك بقوة وفاعلية إلا عندما تشتعل الحرائق، والاحتلال لا يرحل إلا عندما يدرك أن الثمن باهظ وان لا مستقبل له، وهو احتلال واهن، وهو مستفيد من غياب المقاومة الفاعلة خاصة خلال العشر سنوات الأخيرة، ومن حالة الانقسام والضعف والعجز للنظام السياسي الفلسطيني بكل إفرازاتها، وفي هذا الإطار فقد جاءت معركة الكرامة الجديدة التي خاضها شعبنا وفصائله المقاومة في قطاع غزة الحبيب لتكشف هشاشة العدو وعجز جيشه المدجج بكل أنواع التكنولوجيا الجديدة والأسلحة المتطورة، فقد وقف هذا الجيش عاجزاً فاشلاً أمام صمود وثبات المقاومة التي قدمت اداءاً قيادياً احترافياً أصاب الجيش الصهيوني بالذهول وجعله يتخبط ويفشل في عدوانه وفي تحقيق أهدافه، وقد أكدت هذه المعركة صحة وصواب خيار المقاومة وجدارتها، الأمر الذي أكدنا عليه مراراً وننادي به دوماً وهو الجمع الخلاق بين العمل السياسي والدبلوماسي والمقاومة الشاملة وحشد الإمكانيات لها.

الأخوات والإخوة،،

لقد حان الوقت لأن يشمر الفتحاويون عن سواعدهم والانخراط في أوسع مقاومة شاملة، وفق الأساليب والأشكال المناسبة والتي تحقق الهدف، كما أن المطلوب الاستفادة من المعركة الكبرى في غزة من خلال الإصرار على حرية غزة بحراً وجواً وبراً لإسقاط الاحتلال والحصار، ولتشكل هذه المعركة رافعة لمواصلة كفاحنا الوطني ووحدة الوطن وتحقيق الاستقلال.

أن حالة الوحدة والتلاحم السياسي والميداني التي تمت في الوطن والشتات كانت أحد الأسباب الهامة في الصمود والانتصار الذي تحقق في المعركة، فقد انطلقت الحركة الشعبية داخل الخط الأخضر والمخيمات والشتات والضفة والقدس وذروتها كانت مظاهرة ومسيرة الـ(48 ألفا). ولكن المطلوب أيضا هو تعزيز حكومة الوفاق الوطني واستكمالها بكفاءات جديدة ومساندتها ونقل عملها إلى غزة وتواجدها هناك خلال الأشهر القادمة لقيادة معركة توحيد المؤسسات ومعركة الأعمار، وكذلك تفعيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير بمشاركة كافة الفصائل والشخصيات، والتحضير لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ولعضوية المجلس الوطني لبناء نظام سياسي فلسطيني جديد قادر على مواجهة التحديات الكبرى بعد أن تبين ضعف وعجز هذا النظام.

الأخوات والإخوة الأحبة،،،

أنني أتوجه إلى أحبتي الأعزاء أبناء الشبيبة في كل مكان وأقول لهم أن الشبيبة هي ضمير الحركة وعنفوانها، وهي ربيع فتح المتجدد وهي طليعة الحركة في المواجهة والميدان وفي كل مكان، وهي مؤهلة أن تشكل رأس الحربة الفتحاوية في إطلاق أوسع حركة مقاومة شعبية شاملة وفاعلة ومدروسة، وبقيادة أوسع حملة مقاطعة للبضائع والمنتجات الإسرائيلية، وتنظيف الوطن منها، وتعزيز المنتج الوطني، كما أن الشبيبة قادرة على الإسهام في تجدد شباب الحركة ورفدها بدماء جديدة وبالإبداع عن طريق وسائل الاتصال الجديدة، وبالعمل على وحدة الحركة وثوريتها وعنفوانها ونفض الغبار العالق بها ونبذ الفاسدين فيها، وبرفع شعار المناضل الأصلب في الموقع الأصعب، ونحن بحاجة إلى قيادات تعزز من مكانة الحركة، ولا تشكل عبئاً عليها، وبحاجة إلى قيادات فاعلة منتمية انتماءاً أصيلاً للوطن وللحركة، وفيّة للشهداء، نظيفة اليد، حسنة السمعة، ولائها لفلسطين وتتمتع بالكفاءة والقدرة على القيادة والنضال ومستعدة للتضحية ودفع الثمن، تتقدم الصفوف لمواجهة الاحتلال والعدوان، حريصة على وحدة الحركة والشعب والقضية، مؤمنة بخط المقاومة الشاملة للاحتلال.

الأخوات والإخوة،،

أنني أخاطبكم اليوم انطلاقاً بالإحساس العالي بالمسؤولية الوطنية والتاريخية والفتحاوية، ومن وحي الانتماء الأصيل لحركتنا ولشعبنا العظيم ولفلسطين وللأمة وللإنسانية وللأحرار في كل مكان، لنؤكد مجدداً على أن حركة فتح هي حركة تحرر وطني وحركة مقاومة وأن المقاومة هي روح حركة فتح وسبب وجودها واستمرارها ، ولن تنفع احد أية محاولات لإخراج الحركة من هذا المضمون الجوهري، وستظل حركة فتح وفية لفلسطين ولقوافل الشهداء والجرحى والأسرى ولتاريخها وانجازاتها ومكتسباتها العظيمة ومكتسبات شعبنا الوطنية، ووفية للمهمة المقدسة التي وجدت فتح من اجلها، وهي مهمة الحرية والعودة والاستقلال.

لن يكون سقف فتح أبدا سلطة فلسطينية منزوعة السيادة، بل سقف فتح كان وسيظل أن هذه البلاد لنا وهذه الأرض لنا ولنا فيها حق تاريخي وقومي ووطني وديني وإنساني وقانوني، وان قضيتنا هي أعدل قضايا الكون بأسره، وان مصير الاحتلال الصهيوني إلى زوال عاجلاً أم آجلاً طال الزمن أم قصر، ولن يكون مصيره بأفضل من مصير الاستعمار والفاشية والاستبداد، وسيلقي شعبنا العظيم بهذا الاحتلال إلى مزبلة التاريخ.

الأخوات والإخوة،،

لقد حان الوقت للفتحاويين أن يستعدوا للمرحلة الجديدة، مرحلة النهوض، مرحلة التوقف عن وهم تحقيق الاستقلال والحرية من خلال مفاوضات عقيمة، ثبت فشلها وشكلت غطاءاً للاستيطان والتهويد ولتكريس الاحتلال، وقد حان الوقت لإعادة النظر في مهام السلطة كافة، بما يخدم معركة الصمود والمقاومة لان شعبنا أراد أن تكون السلطة جسراً للعبور نحو الاستقلال والدولة لا جسراً يعزز الاحتلال والاستيطان ، وقد حان الوقت أن تجدد الحركة فكرها وأطرها ومؤسساتها وبرنامجها ورفدها بالعقول والسواعد والإرادات والكفاءات والقيادات المؤهلة والمستعدة للتضحية، وستظل فتح كما كانت شعلة للكفاح والنضال والمقاومة وضمانة وطنية وحارسة للحلم الفلسطيني والإطار الذي يعبر بشعبنا نحو الحرية والعودة والاستقلال في وحدة وطنية حقيقية شاملة تشكل قانوناً للانتصار".