الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند

أعربت باريس عن ترحيبها بتوقيع اتفاق تزويد الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية من الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار، والتي أعلنت عنها الرياض نهاية عام 2013 بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى العاصمة السعودية.

ويأتي التوقيع الرسمي للاتفاقية ليضع حدا للتساؤلات والجدل الذي احتدم في الأسابيع الأخيرة حول الأسباب التي أخرت التوقيع، بينما الجيش اللبناني في أمس الحاجة إلى الأسلحة والعتاد في مواجهته مع المجموعات المتطرفة المتنقلة من البقاع إلى الشمال.

الاتفاق كان يجب أن يوقع خلال الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد الأمير سلمان إلى فرنسا الشهر الماضي، بيد أن مرض الوزير العساف حال دون ذلك. لكن رغم تأكيدات المصادر الفرنسية أن الاتفاق أصبح جاهزا، وأن التأخير أسبابه فنية وليست سياسية «لأنها المرة الأولى التي تواجه فيها باريس للمرة الأولى حالة مشابهة»، (أي توقيع اتفاق مالي دفاعي مع طرف أول هو السعودية) لتسليح جيش طرف آخر (لبنان). أما الأسباب الأخرى التي أخرت التوصل إلى اتفاق فمردها التفاهم على لوائح الأسلحة والمعدات التي يريدها لبنان ومدى توافرها الفوري في الترسانات الفرنسية. ولذا، فإن المصادر الفرنسية تشير إلى أن بعضها «جاهز» ويمكن تسليمه سريعا جدا، بينما البعض الآخر يحتاج للوقت اللازم من أجل تصنيعه.

وحتى أمس الثلاثاء، لم تكن المصادر الفرنسية أو اللبنانية قد كشفت تفاصيل الصفقة والشركات الدفاعية المعنية ومواعيد التسليم. وكان منتظرا أن تعمد وزارة الدفاع لإعطاء تفاصيل وافية خلال لقاء مبرمج بعض ظهر اليوم مع عدد من المستشارين والمسؤولين العسكريين.

 لكن صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية أشارت في عددها ليوم أمس الثلاثاء إلى أن الصفقة الإجمالية البالغة 3 مليارات دولار سيصرف منها 2.1 مليار دولار لشراء معدات جديدة (مدرعات حديثة تصنعها شركة «آر تي دي» ورادارات من شركة «طاليس» وزوارق خفر بحرية من شركة «سي إم إن»، إضافة إلى طوافات مستخدمة من طراز غازيل مجهزة بصواريخ هوت. أما مبلغ الـ900 مليون دولار المتبقي فسيخصص للصيانة للسنوات الخمس المقبلة. وبحسب الصحيفة نفسها، فقد تم التخلي عن طلب لبنان لمدرعات من فئة VBCI التي تصنعها شركة «نكستر»، وكذلك عن دبابات لوكلير وصواريخ كروتال باهظة التكلفة. ونقلت الصحيفة أن باريس «رفضت فقط تزويد لبنان بصواريخ أكزوسيت» التي تعتبرها «حساسة جدا في هذه المنطقة من العالم».

ولاقى إعلان توقيع المملكة العربية السعودية وفرنسا اتفاقية تسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار ترحيبا واسعا في لبنان، خاصة من قبل الجهات الرسمية وقوى 14 آذار، في مقابل تراجع اندفاعة «حزب الله» للضغط باتجاه قبول الهبة الإيرانية لدعم الجيش. وأكدت مصادر في قوى 8 آذار مقربة من «حزب الله»، أن الحزب لن يربط قبول الهبة السعودية بالسير بالهبة الإيرانية.. «لأن همه تسليح الجيش وليس المزايدة السياسية»، لافتة إلى أن إعلان أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله أنه «لن يحرج أحدا» بموضوع الهبة، يعني أنه لن يتم الضغط للقبول بالهبة أو حتى إدراجها بندا على جدول أعمال أي جلسة مرتقبة لمجلس الوزراء. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الهبة الإيرانية جاهزة ومحملة بصناديقها وستبقى كذلك إلى أن يصدر عن الحكومة رفض رسمي».

واعتبر وزير الإعلام رمزي جريج، أن توقيع الاتفاقية التي تمنح بموجبها المملكة مبلغ 3 مليارات دولار لتسليح الجيش.. «يضع حدا لكل التشكيك الذي حاول بعض الفرقاء إشاعته في المرحلة الماضية»، مشددا على أن «كل ما يحتاجه الجيش من سلاح سيتم تأمينه من خلال هذه الهبة».

ودعا جريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» لوجوب «اقتران عملية تسليح الجيش مع دعم داخلي له يتمثل بوحدة الموقف تجاهه، وهو مؤمن إلى حد بعيد حاليا والمطلوب أن يستمر». وأوضح جريج أن مجلس الوزراء لم يطلع بعد على طبيعة الهبة الإيرانية ومقدارها، متوقعا أن يتم طرح الموضوع في الجلسة الحكومية المرتقبة يوم الخميس المقبل أو في الجلسة التي تليها. وقال: «المطلوب مراجعة الهيئات الدولية المعنية للتأكد إذا ما كانت هذه الهبة مشمولة بالمحظورات المفروضة على طهران لجهة توريد السلاح، خصوصا أن التوريد يتجاوز مفهوم البيع».