الصراع في السودان

أحدث الصراع الدائر في جنوب السودان، بين حكومة جوبا والنائب الأول السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، رياك مشار، ربكة جديدة في العلاقات مع الخرطوم، التي أكّدت التزامها بتنفيذ بنود اتفاق أديس أبابا، فيما اتهمت حكومة سلفاكير دولة السودان أخيرًا بأنها تدعم مجموعات مسلحة تقاتل ضدها، فضلاً عن إيوائها للحركات المسلحة في إقليم دارفور، وبالمثل ردت الخرطوم على جوبا بالاتهامات ذاتها، لكن العلاقات الدبلوماسية للبلدين قللت من تلك الاتهامات.

ويزور الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت الخرطوم، للمرة الرابعة لإنهاء الاتهامات المتبادلة بين البلدين، والتأسيس لعلاقات جديدة تقوم على التعاون المشترك، بما يحقق لمواطني البلدين الأمن والاستقرار، حيث شكلت الزيارة رسالة واضحة، على الرغم من تصاعد حدة الاتهامات بين البلدين، مفادها أنَّ الإرادة السياسية لدى القيادة في السودان وجنوب السودان ماتزال متوفرة وتمضي إلى الأمام لتسوية ما تبقى من خلافات.

وتطرقت المباحثات بين الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره الجنوبي سلفاكير إلى العديد من القضايا العالقة بين البلدين، حيث أكّد الرئيسان التزامهما بتنفيذ الاتفاقات الموقعة، كما اتفقا على البدء الفوري في إنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح على حدودهما، ووقف أي دعم أو إيواء للمجموعات المتمردة في الدولتين.

ولم تقتصر المباحثات على الشأن الأمني فقط، بل تناولت قضايا حيوية تهم الجانبين، في مقدمتها النفط وتدابيره، سواء الإنتاج أو التصدير عبر خطوط الأنابيب والموانئ السودانية.

وشدّد الرئيسان على "ضرورة العمل بغية رفع الإنتاج في حقلي فلج وعداريل، في جنوب السودان، ومساعدة الفنيين على إعادة الانتاج في حقل الوحدة، الذي توقف بسبب الاشتباكات بين جيش جنوب السودان ومجموعة رياك مشار".

وأشار مختصون في الشأن السوداني ـ الجنوبي، إلى أنَّ "هناك محاولات من طرف بعض القوى في جنوب السودان لإعادة العلاقة بين الخرطوم وجوبا إلى نقطة الصفر، بعد التقارب الذي حدث أخيرًا".

واعتبر المختصون أنَّ "الزيارة الأخيرة لرئيس دولة جنوب السودان للخرطوم سيكون لها ما بعدها، وستساهم في تهيئة المناخ لحدوث تقارب بين شطري السودان، إذا ما تم تنفيذ كل الاتفاقات والتفاهمات السابقة، لاسيما اتفاق التعاون المشترك الموقع بين البلدين".

واقتصاديًا، شكلت قضية النفط أهمية كبرى للبلدين، لجهة أنَّ البلدين يواجهان أوضاعًا اقتصادية متشابهة، وليس من مصلحة السودان توقف إنتاج الجنوب للنفط، لأنه يمر عبر منشأت نفطية سودانية، ويساعد في حصول السودان على النقد الأجنبي.

وأكّد اقتصاديون مختصون أنَّ "جنوب السودان لا يمتلك موارد أخرى غير النفط،
وهو يواجه الآن وضعًا صعبًا، بعد أن أدى التوتر الأمني إلى تناقص إنتاج الجنوب من النفط".

وتسبب الانفصال بين السودان وجنوب السودان في خلق توترات أمنية وسياسية بين الخرطوم وجوبا، على مدار أكثر من ثلاثة أعوام، ما جعل حكومتا البلدان تلجأن إلى الاتحاد الأفريقي لحل خلافاتهما.

وأفلحت جهود الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي في توصل البلدين إلى توقيع اتفاق تعاون مشترك، شمل الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية، لاسيما النفط.

ووقع السودان وجنوب السودان، في أيلول/سبتمبر من العام 2012، في أديس أبابا، اتفاق التعاون الشامل، برعاية من منظمة الاتحاد الأفريقي.