شكّل المؤتمر "الوطني الرابع لمقاطعة إسرائيل" ‎فعاليّة سياسيّة فريدة ومهمّة في المجتمع الفلسطيني، ومنصّة مميزة لتبادل الأفكار بين نخبة من صنّاع القرار والمفكرين والباحثين وممثّلي القطاع الخاص والمجتمع الأهلي والنشطاء الشباب مع نظرائهم من المُؤيّدين لحركة المقاطعة من مختلف أنحاء العالم، وذلك بطرح القضايا الملحّة، ومن ضمنها التحديات والنجاحات، فيما يخصّ مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. وكان من أهم محاور المؤتمر محور مناهضة التطبيع الاقتصادي والأكاديمي والثقافي والشبابي والتقني مع دولة الاحتلال. فيما سعى المؤتمر الذي نظم في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية قبل أيام لتوسيع دائرة التبني الفعلي والمبادر من قبل المجتمع الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها كاستراتيجية مقاومة مدنيّة وشعبيّة فعّالة، تمتدّ جُذورها في عمق التجربة النضالية الفلسطينية.  وأكدت ممثلة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في اللجنة الوطنية هيثم عرار، لـ"العرب اليوم" أن المؤتمر يهدف، إلى المساهمة العمليّة في نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة ومناهضة التّطبيع، حسب التّعريف المقرّ من المجتمع المدني الفلسطيني، وبالذّات لجهة فكّ الارتباط مع دولة الاحتلال في المجالات كافة، ومطالبة المؤسسات والهيئات العالمية بوقف تواطُؤها في إدامة الاحتلال والعنصرية الإسرائيلية ضدّ شعبنا، مع ترسيخ دور اللجنة الوطنية للمقاطعة كالمرجعية الفلسطينية لحركة المقاطعة (BDS) في العالم. إلى ذلك أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي القناعة الراسخة لدى الأحزاب السياسية الفلسطينية بعدم جدوى المفاوضات في ظل ميزان القوى المائل تماماً لصالح دولة الاحتلال وفي ظل الهيمنة الأميركية، وحيّا جهود اللجنة الوطنية للمقاطعة عالمياً ومحلياً، داعياً إلى تصعيد المقاطعة ضد إسرائيل من أجل نيل حقوق شعبنا وعلى رأسها الاستقلال والعودة وتقرير المصير.   وعن التجربة اللبنانية في مقاطعة الإحتلال الإسرائيلي تطرقت رئيس تحرير مجلة الآداب من بيروت الدكتورة سماح إدريس إلى التجربة اللبنانية الرائدة في مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل. فيما قدم الدكتور تيسير مرعي أهم ملامح تجربة المقاطعة في الجولان السوري المحتل، رغم الحصار والصعوبات.   وتحدث ممثل شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية الدكتور محسن أبو رمضان في اللجنة الوطنية للمقاطعة، عن تجارب المقاطعة في غزة وأهم نجاحاتها.    وقدمت الناشطة يافا جرّار تقريراً عن "أسبوع مناهضة الأبارتهايد" الإسرائيلي كأهم نشاط جامعي سنوي لحركة المقاطعة BDS. وتحدثت الناشطة المحامية نسرين الحاج أحمد عن حملة مقاطعة شركة G4S الأمنية في الوطن العربي واستراتيجيتها. فيما أشار النقابي عماد اطميزي الذي شرح حملة مقاطعة البريد الإسرائيلي التي تخوضها نقابة العاملين في قطاع البريد. وتحدث القيادي في المبادرة الوطنية في محافظة بيت لحم الناشط مازن العزة، عن أهم مميزات ونجاحات حملة "بادر" لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ثم تحدث الناشط الشبابي من محافظة سلفيت، ضياء اشتية، عن العمل على إخلاء سلفيت من البضائع الإسرائيلية. وتحدث خبير القانون الدولي أمجد القسيس من مركز بديل عن التهجير القسري للفلسطينيين وأهمية حركة المقاطعة في مواجهته وخصوصا البدء في إطلاق الحملة التي تستهدف تحديدا فرض العقوبات على دولة الاحتلال. وفي ختام الجلسة، قدم سكرتير فرع حيفا في الحزب الشيوعي في أراضي 48 ملامح تجربة المقاطعة في الداخل وأفقها. وعرضت مديرة مركز دراسات المرأة في جامعة بيرزيت والناشطة في حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل الدكتورة إصلاح جاد وثيقة تعريف التطبيع التي تبناها المؤتمر الوطني الأول لمقاطعة إسرائيل في 2007 وأهم مبادئها، ثم قدمت مديرة مركز يبوس في القدس رانيا إلياس، نبذة عن المقاطعة الثقافية وبعض أهم مشاريع التطبيع الثقافي التي أحبطتها حملة المقاطعة، وبالذات في القدس. ثم قدم الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف عبد الحق مداخلة عن التطبيع الاقتصادي الذي اعتبره من أخطر أشكال التطبيع. ثم قدم الدكتور عبد الرحيم الشيخ ورقة ملفتة عن التطبيع الأكاديمي وأهم الجهود لمواجهته. وفي الختام قدم مسؤول التواصل والتشبيك في اللجنة الوطنية، الناشط الشبابي زيد الشعيبي، ورقة عن التطبيع الشبابي وخطورته في احتلال العقول وفي تقويض نضالنا من أجل حقوقنا.  فيما تفاجأ المشاركون بصورة الفنان المرموق مارسيل خليفة، الذي خاطب المؤتمر في كلمة مسجلة من بيروت، أكد فيها أهمية قول لا والوقوف في وجه الطغيان ودور المقاطعة، وبالذات الثقافية، في النضال الفلسطيني والعربي من أجل حرية فلسطين. وكان التصفيق لفنان الناس المميز أعلى منه في معظم الفقرات الأخرى. وعرض كاتب شاب فلسطيني درزي من الجليل تجربته في رفض الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال، مؤكداً سعيه ورفاقه من رافض الخدمة لتعزيز فكرة ارفض الخدمة كشكل من أشكال مقاطعة إسرائيل وتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان.    ويرى مراقبون إعلاميون أن  عدد المشاركين والمشاركات عكس في المؤتمر وتمثيلهم لأهم قطاعات شعبنا بداية انتشار المقاطعة محلياً بشكل صحّي وفاعل. فالحضور جاء من مختلف أرجاء فلسطين التاريخية والشّتات، ومن معظم الأطر الشّعبية والاجتماعية والمهنيّة والأهليّة الفاعلة في المجتمع. وقد يكون أهم عنصر من عناصر نجاح المؤتمر أن قطاع الشباب الفلسطيني شكّل غالبية الحضور الساحقة، كما كان حضور المرأة مميزاً.  وتعد اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل هي أكبر تحالف لقوى واتحادات ومنظمات وشبكات المجتمع المدني الفلسطيني وتعتبر المرجعية لحركة مقاطعة إسرائيل عالمياً المعروفة بـ BDS. وقد تأسست حركة المقاطعة على أساس نداء المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الذي أطلقه الشعب الفلسطيني بالغالبية الساحقة من قواه ومؤسساته الشعبية والمدنية عام 2005، والذي ناشد فيه منظمات المجتمع المدني في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية العمل لفرض مقاطعة واسعة لإسرائيل في المجالات كافة بهدف إجبارها على الالتزام بالقانون الدولي من خلال إنهاء احتلالها ونظامها العنصري واعترافها بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وأهمها حقهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم التي شردوا منها خلال نكبة 1948.