وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير

تتواصل الجهود الدولية لتسريع الحل السياسي في سورية، إذ ينعقد اجتماع فيينا، غدًا الجمعة، بمشاركة ممثلين عن مصر وإيران والعراق وقطر ولبنان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي مستورا؛ بالإضافة إلى الدول المحورية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا.

وسبق الاجتماع تصريحات عدة لمسؤولين من هذه الدول، إذ أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أنَّ مجموعة من الدول التي تدعم المعارضة المسلحة في سورية ستجتمع في فيينا سعيا لإيجاد حل سياسي يضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة.

وأوضح وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، أنَّ بلاده ستشدد على مكافحة تنظيم "داعش" المتطرف وتحديد جدول زمني لرحيل الرئيس الأسد، بينما أعلن رئيس الحكومة التركية أحمد داوود أغلو، أن "الجيش الحر هو الممثل الوحيد للشعب السوري، وأن تركيا لن تسمح بوجود كيانات معادية على حدودها من الجانب السوري".

وشدَّد الكرملين الروسي على أن موسكو لا تقدم ضمانات بأي تغيير في القيادات السورية، وأن الرئيس بشار الأسد لن يترشح لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويرى مراقبون أن المسألة السورية اقتربت من النضوج وكل طرف يحاول قطف ثمارها لصالحه، وبالنسبة إلى روسيا ما يهمها هو الحفاظ على قواعدها العسكرية، وكسب المزيد من النفوذ والتأثير في سورية، والدول الغربية تتخوف من الهيمنة الروسية على المنطقة، وتمدد تنظيم "داعش" في ظل هذه الفوضى ما يغير الخارطة السياسية للشرق الأوسط.

وفي سياق متصل، بحث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند السبل الممكنة لوصول الدول الأربع المتحالفة في شأن سورية إلى اتفاق حول الأزمة، خلال الاجتماع المقرر انعقاده الخميس والجمعة.

وصرَّح الجبير بأنَّ "اجتماع فيينا في الأسبوع الماضي واجتماع باريس الذي شمل الدول الأربع اشتمل على مجموعة موسعة أكثر من الدول المتحالفة في دعم المعارضة السورية، ثم سيشمل الاجتماع دول أخرى من المنطقة لاختبار نوايا هذه الدول في ما يتعلق بإيجاد حل للازمة السورية، وعلى رأسها يكون موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد"، متمنيًا أن تثمر هذه الجهود.

وأشار، خلال كلمته في مؤتمر صحافي مع هاموند في مقر وزارة الخارجية في الرياض، إلى أن اجتماعاته مع الوزير البريطاني تناولت مواضيع عدة مهمة، على غرار موضوع سورية الذي أكد فيه أهمية إيجاد حل يرتكز على مبادئ مؤتمر "جنيف 1" أساسًا له، وإنشاء مجلس انتقالي يدير أمور البلاد، ويحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية، ويهيئ سورية لمستقبل مشرق، ويسهم في توفير الأجواء الصحية المناسبة لوضع دستور جديد للبلاد، يؤهل لإجراء انتخابات عادلة، مشيرًا إلى أن هذا الحل يجب أن لا يكون للرئيس بشار الأسد فيه أي حضور أو وجود.

وفي ما يتعلق في الشأن العراقي أوضح الجبير، أنه شرح لهاموند كيفية دعم جهود الحكومة العراقية الرامية إلى تطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في العام الماضي، بإشراك جميع الطوائف العراقية في اتخاذ القرار لتعزيز مواجهة التطرف، مبينًا أن الخطوات التي اتخذتها المملكة من أجل التواصل مع الأشقاء في العراق من أجل بناء علاقات أفضل بين البلدين، منوهًا بالجهود التي تقوم بها حكومة العبادي في مواجهة التحديات، مؤكدًا دعم المملكة لجهود حكومة العبادي الرامية لتطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في الصيف الماضي.

وأكد بحث الأوضاع في اليمن وأهمية إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة، مشيرًا إلى أن الخيار العسكري كان آخر الخيارات بالنسبة إلى المملكة وجاء نتيجة طلب من الحكومة الشرعية في اليمن وحماية للأراضي والمواطنين السعوديين من الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة التي كانت بحوزة المتمردين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وأنه جاء لفتح المجال للعملية السلمية في اليمن.

ولفت إلى أن هناك اتفاقا الآن بين الأطراف اليمنية لعقد اجتماعات مع المبعوث الأممي لتطبيق قرار مجلس الأمن 2216، والسعودية ترحب بذلك وتؤيده، مشددا على أهمية العمل الإنساني في اليمن وتكثيف الجهود الرامية لإيصال هذه المساعدات.

وأبرز أن جميع الموانئ اليمنية سواء في عدن أو على البحر الأحمر بالإمكان إرسال سفن إليها لإيصال المساعدات الإنسانية، لافتا إلى أنه بحث مع وزير الخارجية البريطاني موضوع عملية السلام وأهمية إيجاد حل للنزاع العربي الإسرائيلي، الذي له أكثر من 60 عامًا على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وأهمية أن لا يتوسع هذا النطاق ويكون عنصر في دعم التطرف في المنطقة وفي العالم.

وأعرب هاموند عن سعادته بتواجده في السعودية، مبينًا أن الاجتماعات التي عقدت مع قيادات المملكة ناقشت قضايا كثيرة ومواضيع كثيرة ذات العلاقة الثنائية بين البلدين، مؤكدا أن "بريطانيا والسعودية بينهما علاقة راسخة لمنفعة البلدين، وهناك تعاون في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب والدفاع والتجارة والاستثمار، وأيضًا العمل معًا في مجالات التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية مثل توسيع النظم التعليمية في جميع المجالات التي ناقشناها أثناء الاجتماعات هذا الصباح".

وأوضح أنه "تم الاتفاق على تسريع المناقشات السياسية في اليمن لضمان أن قوات الحوثيين وصالح تحضر إلى مائدة المفاوضات وتكون راغبة في الدخول في مناقشات جدية حول تشكيل مرتكزات حكومية تفي بجميع المصالح في اليمن، وتحترم الحكومة الشرعية لليمن التي تعمل الآن من السعودية"، مبينًا أنه تم البحث حول فتح موانئ البحر الأحمر لمزيد من الحركة التجارية، وأن تكون مفتوحة ليس فقط للمساعدة الإنسانية بل تشمل الشحنات التجارية للوقود والأغذية.

وأكد هاموند استعداد بريطانيا لدعم أي عمل يقوم به التحالف لتعزيز الوصول إلى الموانئ اليمنية وتنشيط الحركة التجارية الدولية، قائلا: "لدينا مناقشات منتظمة حول هذا الوضع في سورية منذ أربعة أسابيع، ويوم الجمعة سنجلس مع (3 + 1) والروس والقوى الإقليمية بما فيها إيران لبحث الممكن لردم الفجوة الموجودة الآن ما بيننا وبين الموقف الروسي والإيراني".