كشفت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأميركية أن لجنة تقصي الحقائق التي تحقق في قضية مقتل حوالي 900 متظاهر أثناء الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك في فبراير 2011 أن جهاز الشرطة يقف وراء عمليات قتل المتظاهرين وأن الشرطة استخدمت قناصة على أسطح المباني المطلة على ميدان التحرير لإطلاق النيران وسط الحشود الضخمة. وقالت وكالة الأنباء إنها تمكنت من الحصول على أجزاء من تقرير اللجنة الذي من شأنه أن يقلب الموازين في إعادة محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته وكبار قادة الأمن في عهده، كونه التقرير الأكثر توثيقاً وسيكون دليلاً قاطعًا على أن مبارك كان على دراية تامة بأوامر استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين التي أصدرها وزير داخليته حبيب العادلي. ولفتت إلى أن التقرير يسرد تفاصيل واسعة عن سجلات الداخلية حول الأسلحة والذخيرة التي خرجت من مخازن الداخلية أثناء الثورة وأسماء الضباط الذين قاموا باستلامها، وكذلك سجلات حول الذخيرة التي تما إعادتها للمخازن، بما يظهر الكميات الضخمة التي تم استخدامها من الذخيرة. واقتبست عن التقرير أن استخدام الأسلحة النارية لا يكون إلا بإذن من وزير الداخلية الذي ينبغي عليه بدوره إبلاغ القيادة السياسية، وأنه في حال استمرار الشرطة في استخدام الأسلحة النارية لأكثر من يوم واحد فإن إعلام القيادة السياسية المتمثلة في رئيس الجمهورية تكون حتمية. ويكشف التقرير أن اثنين من قادة الداخلية الستة الذين تم تبرئتهم في المحاكمة السابقة التي ضمت الرئيس مبارك وحبيب العادلي كانا متمركزين داخل الميدان أو بالقرب منه يوم 28 فبراير الذي عرف بجمعة الغضب، والذي يعد اليوم الأكثر دموية في الثورة المصرية، وبحسب التقرير فإن المحققين توصولوا لهذه الحقائق بمراجعة سجلات الشرطة حول أجهزة التعقب الذي تحملها قيادات الداخلية لدواعي السلامة الشخصية. ويوضح التقرير أن الرئيس المخلوع حسني مبارك كان يتابع الأحداث في قصر الرئاسة من خلال بث تليفزيوني حي رتبه وزير إعلامه أنس الفقي، كما يكشف أن مبارك منح العادلي إذناً بقطع شبكات المحمول والإنترنت إذا اقتضى الأمر، وذلك في اجتماع تم عقده قبل 4 أيام من اندلاع الثورة.  وبحسب الأسوشيتدس برس، فإن العادلي أكد للمحققين أن الرئيس مبارك كان على اطلاع تام بكل ما يحدث بدءاً من قيام الشرطة باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين في مدينة السويس يوم الخامس والعشرين من يناير 2011.  ويسرد التقرير شهادات شهود عيان قالوا إن قناصة الشرطة كانوا يتمركزون على أسطح وزارة الداخلية والجامعة الأميركية بالقاهرة وأحد الفنادق المطلة على ميدان التحرير وكانوا يطلقون النيران على حشود المتظاهرين.  كما يتضمن التقرير شهادات مسؤولين بقيادات الشرطة بأن معدات القناصة التي تم استخدامها أثناء الثورة لا يمتلكها سوى أعضاء وحدة مكافحة الإرهاب الخاصة والتي تعد جزءًا من جهاز أمن الدولة الذي كان يتلقي أوامره مباشرة من وزير الداخلية حبيب العادلي.  ويكشف التقرير أن معظم الضحايا قتلوا برصاص في الصدر والرأس مما يشير إلى استخدام الداخلية لقناصة، كما أن هناك عددًا من الضحايا تعرضوا للقتل أو أصيبوا أثناء مشاهدة الأحداث من منازلهم.  وتابعت الوكالة الأميركية اقتباسها من التسريبات التي قالت إنها حصلت عليها بشكل حصري، وأشارت إلى أن أحد المتظاهرين أصيب بـ14 رصاصة فور نجاته من الموت تحت عجلات إحدى سيارات الشرطة المسرعة، فيما فجرت رصاصة رأس آخر كان يحمل لافتة كتب عليها "سلمية" أمام أحد المساجد بالتحرير.  وقالت إن اللجنة قامت بتوثيق 846 حالة وفاة خلال الثورة، التي استمرت 18 يوماً من بينهم 71 حالة في الاسكندرية و 13 في بني سويف و 19 في سيناء، فيما أكد وزير الداخلية للجنة أن 26 من رجال الشرطة تعرضوا للقتل أثناء الثورة.  وتوقعت أن الكشف عن التقرير كاملاً سيفجر دعوات إصلاح جهاز الشرطة من جديد كما سيؤدي إلى محاكمة عدد من قيادات الشرطة. وأشارت إلى أن هذه التسريبات تأتي في وقت حساس للغاية لجهاز الشرطة الذي تعصف به الإضرابات حالياً، مع إضراب عدة قطاعات من جهاز الشرطة وتعهدات وزير الداخلية، محمد إبراهيم، بعدم الزج بالشرطة في السياسة.  ولفتت إلى أن أحد أعضاء اللجنة المشرفين على كتابة القرير الذي تم تسليمه للرئيس مرسي والنائب العام نهاية العام الماضي، تعهد بتسليم نسخة من الأجزاء المتعلقة بمحاكمة مبارك للنيابة، وأكد محسن بهنسي، عضو الأمانة العامة للجنة تقصي الحقائق، أنه سيرسل نسخًا من التقرير للمحاكم الأخرى التي تنظر في قضايا قتل المتظاهرين في مختلف أنحاء البلاد.  ولكن الوكالة قالت إن الأمر متروك للنائب العام ليتقدم بطلب رسمي لضم التقرير إلى أوراق محاكمة مبارك الجديدة.