تونس ـ وكالات
أثارت الزيادة التي أقرتها الحكومة التونسية مؤخرا على أسعار المحروقات استياءً واسعا، ودفعت نقابات مهنية للتهديد بالإضراب، بينما ينظر القضاء في قضية استعجالية رفعت لوقف هذه الزيادات. وأقرت الحكومة زيادة تقارب 7% في أسعار المحروقات بداية من الأسبوع الماضي، وذلك للمرة الثانية في ظرف ستة أشهر، وتأمل السلطات أن تمكن هذه الزيادة من توفير ما يقارب ثلاثمائة مليون دينار (حوالي 190 مليون دولار) من الميزانية المخصصة لدعم المواد الاستهلاكية التي تصل خلال هذه السنة إلى حوالي 2.4 مليار دينار (1.5 مليار دولار). ووفقا للوزير التونسي المكلف بالاقتصاد رضا السعيدي، فإن ارتفاع الأسعار مبرر بتنامي ظاهرة التهريب وزيادة نسبة التضخم المالي. وأكد السعيدي أن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار يعادل 32 مليون دينار (أكثر من 20 مليون دولار) من العبء الإضافي على ميزانية صندوق الدعم الوطني الموجه لدعم الأسعار. غير أن هذه المبررات لم تقنع العديد من المهنيين. فقد هددت نقابات محطات الوقود وسيارات الأجرة بشن إضرابات خلال الأيام القادمة رفضا لهذه الزيادات، بينما لجأ مرصد إيلاف لحماية المستهلك إلى رفع دعوى قضائية استعجالية لوقف الزيادات. الظاهري طالب بتطوير آليات عمل صندوق الدعم (الجزيرة نت) إضراب وقضاء وقال رئيس المرصد عبد الجليل الظاهري للجزيرة نت إن القضية الاستعجالية تستند إلى مبررات، من بينها التأثيرات المحتملة للزيادة في الأسعار على الوضع الاجتماعي، وإضعافها للقدرة الشرائية، وعدم وجود ارتفاع لأسعار المحروقات على المستوى الدولي يبرر الزيادة محليا. ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد حبيب تهامي إن تفاقم التهريب وتراجع الأمن وضعف قدرات التخزين، وغياب سياسة واضحة للمراقبة، ساهمت كلها في رفع أسعار سلع كثيرة، مضيفا أن الزيادات ستؤثر على المداخيل وحجم الاستهلاك، مما يؤثر سلبا على مستوى المداخيل والتشغيل. وعن بدائل زيادة الأسعار، قال تهامي إن هناك خيارات عدة، بينها إعادة توزيع العبء الجبائي بشكل عادل بين مختلف الفئات، ووضع تصور عام للتعامل مع الملفات الاقتصادية، يضمن توفير حلول مناسبة لكافة الإشكالات. واعتبر أن تونس قادرة على رفض شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بتحرير الأسعار والتقليل من الدعم. واستدل بتجارب بلدان نجحت في فرض تعديلات على الوصفة التي يقدمها لكل الدول، دون أن يأخذ بعين الاعتبار اختلاف المعطيات من دولة لأخرى. مشاكل هيكلية وتحدث تهامي عن مشاكل هيكلية تتطلب حلا عاجلا، وهو ما يفرض على الحكومة إطلاق نقاش عام بهدف التوافق على خارطة عمل لتجاوز الوضعية الحالية. أما رئيس مرصد إيلاف فقال إن المرصد تقدم باقتراحات للحكومة كبدائل يمكن اللجوء إليها لتوفير موارد إضافية للدولة تغنيها عن رفع الأسعار. وقال الظاهري إن من بين هذه البدائل تقليص الإدارات العمومية لاستهلاك الوقود، والعمل على استعادة القروض التي منحت خلال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وضخها في صندوق الدعم. ودعا الحكومة -في هذا السياق- إلى اعتماد سياسة أكثر حزما تجاه المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة، من أجل الاعتماد عليها في دعم ميزانية الدولة. وطالب الظاهري بتطوير آليات عمل صندوق الدعم بشكل يصل فيه الدعم إلى مستحقيه، ولا يستفيد منه الأغنياء والتجار والمهربون.