أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة وامين عام حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس الاثنين فشل مبادرته لتشكيل حكومة تكنوقراط لا تضم ممثلي احزاب، وذلك لاخراج بلاده من الازمة السياسية التي اججها اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في السادس من الشهر الجاري. وقال الجبالي في مؤتمر صحافي "ليس هناك وفاق كاف (بين الاحزاب السياسية) حول المبادرة كما قدمت، ولذلك ساذهب الى الرئيس (المنصف المرزوقي) غدا لننظر في الخطوات القادمة" التي يجب اتخاذها، مضيفا ان "الرئيس اول المعنيين معي في البحث عن حلول أخرى". واضاف ان الجولة الثانية من المشاورات التي اجراها الاثنين مع ممثلي الاحزاب السياسية "تقدمت شوطا مهما، وهناك تطور نوعي للذهاب نحو وفاق آخر (حول) التركيبة الحكومية"، اي حكومة تجمع بين سياسيين وتكنوقراط، قائلا ان حكومة التكنوقراط التي اقترحها "لم تحظ بهذا الوفاق". وقال ايضا "انا غير متشائم وسوف نخرج بحل آخر قريب". وكان الجبالي هدد في وقت سابق بالاستقالة من منصبه في حال فشلت جهوده في تشكيل حكومة تكنوقراط. ولم يوضح رئيس الحكومة الاثنين ما اذا كان سيقدم استقالته ام لا. لكن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قال لفرانس برس الاثنين ان الحركة و"كافة الحاضرين (المشاركين)" في المشاورات السياسية "متمسكون برئاسة الجبالي للحكومة" المقبلة. واضاف الغنوشي "وصلنا الى حل تعديلي في 12 نقطة، اهمها ان تكون (الحكومة القادمة) حكومة محدودة العدد وتتجه الى انتخابات في اقرب وقت ممكن". والاثنين، جددت حركة النهضة رفضها قرار امينها العام تشكيل حكومة تكنوقراط. واعلن مجلس شورى الحركة في بيان ان "مبادرة حكومة التكنوقراط لا تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة". وقال انه "يتمسك بخيار الحركة في تشكيل حكومة سياسية ائتلافية مستندة الى شرعية انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011" التي فازت فيها النهضة. واكد ضرورة ان تكون هذه الحكومة "منفتحة على الخبرات الوطنية الملتزمة بتحقيق اهداف الثورة وفق برنامج سياسي لاستكمال مرحلة الانتقال الديموقراطي وذلك بالاسراع بانجاز الدستور وتنظيم انتخابات ديموقراطية". ودعا "مختلف الاطراف السياسية الى اعلاء المصلحة الوطنية والتحلي بروح الوفاق"، كما حض "الشركاء السياسيين على المشاركة في اعادة تشكيل الحكومة وانجاح أعمالها في أسرع الأوقات". وذكرت وسائل اعلام محلية ان مجلس شورى النهضة عقد اجتماعا السبت والاحد في منطقة الحمامات السياحية (60 كلم جنوب العاصمة) وان الجبالي حضر جزءا من الاجتماع. وكان الجبالي اعلن قراره تشكيل حكومة تكنوقراط بعد ساعات من اغتيال شكري بلعيد من أجل تجنيب البلاد خطر "الفوضى" و"العنف". والسبت، نظمت حركة النهضة تظاهرة في العاصمة شارك فيها آلاف من انصارها دفاعا عن شرعية حكم الحركة التي تولت مقاليد السلطة بعد فوزها في انتخابات 2011. واعتبر الغنوشي في خطاب القاه امام المتظاهرين قرار الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط "انقلابا على شرعية الحكومة" الحالية التي تهيمن عليها الحركة. والاحد، بعث مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التاسيسي ورئيس حزب "التكتل" العلماني (شريك حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس) باشارات حول تغير موقف حزبه المساند كليا لتشكيل حكومة التكنوقراط، والذي كان اعلنه الجمعة الماضي. وقال بن جعفر لاذاعة موزاييك اف ام الخاصة "نعتقد ان المقترح جيد" في اشارة الى مقترح حركة النهضة تشكيل حكومة تجمع بين سياسيين وتكنوقراط. وكانت الامور ازدادت تعقيدا الاثنين بعدما استقال ثلاثة من نواب حزب المؤتمر الشريك العلماني الاول لحركة النهضة في الائتلاف الحاكم، بحسب وسائل اعلام محلية اعلنت ان محمد عبو الامين العام للحزب على وشك الاستقالة رسميا من منصبه ليؤسس حزبا سياسيا جديدا. ويعارض حزب المؤتمر الذي يعاني من تازم علاقته مع حركة النهضة من انشقاقات، مبادرة الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط. وفي الحادي عشر من الشهر الجاري اعلن محمد عبو "تجميد" قرار سابق بسحب وزراء المؤتمر من الحكومة وامهل حركة النهضة اسبوعا للاستجابة لجملة من مطالبه ملوحا بالانسحاب "نهائيا" من الحكومة في صورة عدم تلبية هذه المطالب. ويطالب الحزب خصوصا بتغيير الاسلاميين نور الدين البحيري وزير العدل والقيادي في حركة النهضة، ورفيق عبد السلام وزير الخارجية وصهر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، لسوء الاداء. وفي موازاة الازمة السياسية المستمرة، تعطلت كتابة الدستور في المجلس التاسيسي (البرلمان) الذي تملك حركة النهضة غالبية مقاعده (89 من اجمالي 217) بسبب خلافات حول طبيعة النظام السياسي (رئاسي ام برلماني ام مختلط). وفي الوقت نفسه، تزداد الاحتجاجات الاجتماعية ومشاعر عدم الرضا على خلفية البطالة والفقر وغلاء الاسعار. وغالبا ما تكون هذه الاحتجاجات عنيفة. كما اثرت اعمال عنف تقودها جماعات سلفية متشددة على استقرار البلاد.