اجرى وزراء باكستانيون الخميس محادثات مع رجل الدين طاهر القادري الذي يقود حركة احتجاج واسعة في اسلام اباد سعيا لمنع ازمة سياسية وفض اعتصام شكل ضغطا على الحكومة الهشة. ويبدو ان ارجاء المحكمة العليا قضية اتهام بالفساد ضد رئيس الوزراء راجا برويز اشرف بعد ان اعلن مسؤولون ان ليس لديهم ادلة كافية لتوقيفه، منحت الحكومة فسحة للتنفس. وتعاني باكستان من اقتصاد ضعيف وتجدد عنف طالبان واضطرابات طائفية غير مسبوقة وازمة طاقة شديدة حتى مكاسب سلام حديثة مع الهند تبدو مهددة بعد خمسة حوادث قتل عبد الحدود بين البلدين. والتوتر في باكستان على اشده منذ الثلاثاء عندما تزامنت مذكرة التوقيف مع وصول القادري الى اسلام اباد والقائه خطابا ناريا ندد فيه بالسياسيين واثنى على القوات المسلحة والهيئة القضائية. وهذا التوقيت اثار ذعرا حول مؤامرة مزعومة من القضاء والجيش لتأجيل الانتخابات المقررة منتصف ايار/مايو القادم. واذا ما جرت الانتخابات بنجاح، تكون اول انتقال ديمقراطي للسلطة بين حكومتين مدنيتين في تاريخ باكستان. غير ان القادري المح الى ان الخميس سيكون اخر ايام الاعتصام امام البرلمان ودعا الحكومة الى محادثات الفرصة الاخيرة. وحوالى الساعى الرابعة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (1100 تغ) دخل وفد يضم وزراء من الحكومة واعضاء من الائتلاف، الحاوية المقاومة للرصاص التي يقيم فيها القادري منذ صباح الثلاثاء فيما يفترش مناصروه الارض في الخارج. وقال وزير الاعلام قمر الزمان كايرا ان المحادثات ستسعى لحل الوضع الذي شل الجادة التجارية الرئيسية في اسلام اباد. والحشود الذين تحدوا الطقس البارد والمطر الغزير غنوا ورقصوا في الشارع بعد الانباء عن الحوار. وكان الكثير منهم يرتجفون من البرد. وقال اجمل كريم وهو في منتصف العشرينيات من العمر "امل ان يشكل الاحتجاج ضغطا كافيا على الحكومة لتعلن عن اصلاحات متعلقة بالانتخابات وتحدد موعدا واضحا للانتخابات القادمة". ويطالب القادري بحل البرلمان فورا وتشكيل حكومة مؤقتة بالتشاور مع الجيش والسلطة القضائية لفرض اصلاحات تسهل اجراء انتخابات حرة. وظهور القادري المفاجئ -والممول جيدا على ما يبدو- بعد سنوات من الاقامة في كندا، ووجه بانتقادات ووصف بانه مؤامرة من قبل بعض هيئات المؤسسة، وخاصة القوات المسلحة، لارجاء الانتخابات واستعادة النفوذ. وكانت الحكومة اكدت في وقت سابق حل البرلمان منتصف آذار/مارس مما يمهد الطريق امام تشكيل حكومة مؤقتة بالتشاور مع الاطراف السياسيين واجراء انتخابات في غضون 60 يوما، بتاريخ ما منتصف ايار/مايو. وطلب الرئيس اصف علي زرداري الذي امضى فترة الاحتجاج في كراتشي، من البرلمان الانعقاد في 21 كانون الثاني/يناير الحالي. ويرى محللون ان الحكومة استبعدت على ما يبدو اي خطر فوري وان اعلان تاريخ محدد للانتخابات يمكن ان يحل المسألة. وقال الجنرال المتقاعد والمحلل السياسي طلعت مسعود لوكالة فرانس برس "اعتقد ان الانتخابات القادمة هي الخيار الوحيد الان". واضاف "اعتقد ان الحكومة ستجتاز الوضع الحالي. طاهر القادري بحاجة لحل ينقذ ماء الوجه وهم يتحدثون اليه ليمنحوه ذلك". وارجأ كبير القضاة افتخار محمد شودري القضية ضد اشرف و15 شخصا آخرين متهمين بالفساد في مشاريع طاقة الى 23 الحالي. وتعود المشاريع الى الفترة التي كان فيها اشرف وزيرا للموارد المائية والطاقة. وقال رئيس مكتب المحاسبة الوطني فصيح بخاري لكبير القضاة ان ايجاد ادلة لمحاكمة اي شخص يحتاج الى وقت رغم طلب المحكمة في اذار/مارس 2012 بدء اجراءات قضائية ضد اشرف. ومن ناحيته حذر المحلل السياسي حسن عسكري من ان ذلك ليس سوى حلا موقتا. وقال "حتى لو اتوا بحل للمشكلات الحالية ربما تحصل ازمة اخرى ... لذا على الحكومة اعلان الانتخابات الان".