الجزائر – ربيعة خريس
تحمل عودة الأمين العام الأسبق لحزب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عمار سعداني، في طياتها إشارات عدة، وفجرت عودته غير المتوقعة إلى الحزب الحاكم بعد تعيينه على رأس لجنة الترشحيات للانتخابات البلدية المزمع تنظيمها 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مفاجأة في الساحة السياسية وصنعت الحدث في أروقة حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، فمنذ استقالته بتاريخ من الأمانة العامة للحزب، وسجل سعداني حضورًا واحدًا في المشهد السياسي، كان عشية الانتخابات البرلمانية التي جرت بتاريخ 4 مايو / آيار الماضي، ووجه حينها رسالة للمناضلين، دعاهم فيها إلى تجاوز الأحقاد بعد الغضب العارم الذي هزّ صفوف الحزب، إثر الاحتجاجات على قوائم الترشيحات، واستنفر المناضلين وغيرهم من مكونات المجتمع، إلى إنجاح الاستحقاق التشريعي المقبل والتصويت لصالح الحزب العتيد، بعدما سجّل "صراعا داخليًا"، ميّز صفوف الحزب العتيد، وهو يدخل الانتخابات التشريعية، مقابل أحزاب تعيش فترة من الاستقرار أبرزها الغريم على السلطة التجمع الوطني الديمقراطي.
واعتبر مراقبون أن عودة سعداني، تعتبر تدخلاً مباشرًا لنجدة الحزب أيامًا قبيل موعد الانتخابات البلدية، خاصة بعد أن فقد حزب الرئيس مكانته السياسية لصالح الغريم في الساحة " التجمع الوطني الديمقراطي " بزعامة رئيس الوزراء الجزائري حمد أويحي، وأظهرت التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية، وتراجع مكتسبات ودور الحزب الحاكم، وذلك انطلاقًا من التعديل الحكومي الأخير الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أنهى من خلاله مهام رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المجيد تبون الذي يعتبر من أبرز كوادر حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، وتعيين الأمين العام لثاني قوة سياسية في البلاد، "التجمع الوطني الديمقراطي" أحمد أويحيى على رأس الحكومة الجزائرية، وصولاً إلى نجاح أويحي في لم شمل أحزاب السلطة، وإذابة الخلافات الصامتة التي كانت قائمة بين قادة هذه التشكيلات، ويرى مراقبون أن عودته تمثل رسالة تهدئة، بعد الصراعات الداخلية التي نشبت بين أجنحة وكتل الحزب تأججت خلال الأشهر الماضية، ومن المرتقب أن يشهد الحزب حسب توقعات كوادره السيناريو نفسه، الذي شهده في الانتخابات النيابية بالنظر إلى الظروف التي تحيط بعملية إعداد القوائم الانتخابية في القواعد المحلية، ووجود حديث عن " ممارسات مشبوهة "، في وقت الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني قوة سياسية في البلاد أحمد أويحي، صراحة أنه سيخوض الحملة الانتخابية لصالح حزبه دون أن يكون ذلك على حساب الأداء الحكومي.
ومن جانب آخر ربطت عودة الأمين العام الأسبق لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عمار سعداني، صاحب التصريحات النارية, بالظرف الحالي الذي تزامن مع تكليف أحمد أويحي برئاسة الحكومة الجزائرية، خاصة وأنه يشكل" الخصم اللدود " بالنسبة له، والشيء المؤكد الذي أجمع عليه نواب الحزب الحاكم هو أن عمار سعداني عاد إلى الواجهة بعد تلقيه " الضوء الأخضر "، من جهات نافذة في السلطة.
وسعى جاهدًا الأمين العام الأسبق لحزب الرئيس عمار سعداني، جاهدًا للإطاحة برأس أويحي من منصبه كرئيس للديوان الرئاسي الأسبق أحمد أويحي، ومسؤولين آخرين على غرار وزراء سابقين في حكومة عبد المالك سلال.
ودخل عمار سعداني خلال فترة توليه مقاليد " الحزب الحاكم " في حرب كلامية " قاسية " مع رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحي، وشن في العديد من المرات هجوما شرسا ضده, بلغت درجة التشكيك في إخلاص " أويحي" الذي يعتبر من أبرز رجال السلطة منذ التسعينيات للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال شهر مارس / آذار 2016، أن " أويحيى ليس رجلاً مخلصًا مع الرئيس بوتفليقة، هو يريد أن ينتزع الكرسي من الرئيس والترشح للرئاسة ".
وأضاف سعداني "أويحيى لم ولن يقدم شيئًا للجزائر للرئيس، ورحيله أصبح مطلبًا أفلانيًا"، وتحاشى رغم ذلك أحمد أويحي الرد على تصريحات غريمه عمار سعداني، ورفض الدخول في صراعات مباشرة معه.
وتجدر الإشارة إلى أن عمار سعداني استدعي ليرأس لجنة الترشحيات للانتخابات البلدية المزمع تنظمها 23 أكتوبر / تشرين الثاني، رفقة 7 وزراء حاليين وسابقين في حكومة عبد المالك سلال هم كل من وزير النقل السابق بوجمعة طلعي ووزير الفلاحة السابق عبد السلام شلغوم ووزير الصحة عبد المالك بوضياف ووزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الطاهر حجار ووزير الشباب والرياضية الهاشمي جيار ووزير الصناعة السابق بدة محجوب ووزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة، أما بقية الأعضاء فهم جمال ولد عباس، الطاهر حجار وهو سفير الجزائر الحالي لدى تونس، الهاشمي جيار، ومصطفى كريم رحيل، مدير ديوان سابق لرئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال.